أزمة كورونا : الحرب واحدة و المسؤولية مشتركة
دعت اللجنة العلمية في اجتماعها اليوم الثلاثاء 29 جوان 2021 الى إقرار حجر صحي شامل لمدة 6 أسابيع من اجل السيطرة على حلقات العدوى و التي تتسارع يوما بعد يوم خاصة في ظل ظهور السلالات المتحورة لفيروس كورونا كالسلالة الهندية او السلالة النيجيرية .
لكن مقترح اللجنة العملية لم يلقى تجاوبا من الهيئة الوطنية لمجابهة فيروس كورونا و التي استبعدت هذا المقترح في ظل الوضع الاجتماعي و الاقتصادي الذي تعيشه بلادنا اليوم و التي فضلت تشديد الإجراءات و تغيير توقيت حظر الجولان بدل اعلان الحجر الصحي الشامل ، و موقف اللجنة العلمية مفهوم خاصة بالرجوع الى ما وقع في ماي الماضي حين أعلنت الحكومة التونسية عن إجراءات الحجر الصحي الشامل قبل ان تتراجع عن قرارها بضغط من الشارع و بضغط من رئيس الجمهورية قيس سعيد فاعلان الحجر الصحي الشامل قابله عصيان مدني و رفض للامتثال لهذا القرار ، و لعل ما زاد الطين بِلَّة هو توقيت اعلان الحكومة على هذا القرار و كان قبل يومين من انطلاق تنفيذه الامر الذي أدى الى حالة من الاكتظاظ و من الفوضى في الأسواق و في محطات النقل .
و بغض النظر عن قرارات الحكومة التي لم تنجح في كسر حلقات العدوى بل ساهمت في ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا يساهم المواطن التونسي بشكل كبير في هذه الازمة الصحية ، فغياب الوعي و عدم احترام البروتكولات الصحية أدى الى تسارع و ارتفاع عدد حالات الإصابة ، و لم يكن من الممكن التعويل على وعي المواطن الذي يستهتر بالقوانين و لا يمتثل لها ، فنرى التجمعات العائلية و الاحتفالات الرياضية و كأن شيء لم يكن ، و رغم التأكيد على المسؤولية التي يتحملها المواطن الا انه في نفس الوقت يعد ضحية الأحزاب و السياسيين في تونس و الذين لا يعترفون بالمواطن التونسي الا في الحملات الانتخابية و يستغلونه كأداة للوصول للسلطة ، و كيف يمكن اللوم على المواطن التونسي الذي لم يقم بتطبيق القانون في الوقت الذي نفذت فيه أحزاب سياسية تجمعات و مسيرات استعراضية غير عابئة بالوضع الصحي .
و عموما اختارت الهيئة الوطنية لمجابهة انتشار فيروس كورونا اللجوء الى التطبيق المشدّد للبروتوكول الصحي و الإعلان عن إجراءات جديدة على غرار : تمتيع الموظفين والعملة بالقطاعين العام والخاص بإجازاتهم السنوية خلال هذه الفترة حسب ضرورة العمل لتقليص عدد الموظفين والتخفيف من تنقلاتهم ، تكثيف حملات التلقيح المستهدفة للفئة العمرية التي تبلغ 60 سنة فما فوق بكل الوسائل الممكنة ، تشديد الإجراءات الخاصة بحمل الكمامة وإنفاذ القانون على كل المخالفين ، الإغلاق الفوري لكل المحلات التي لا تطبق البروتوكول الصحي الخاص بها ، بالإضافة الى الإسراع في إصدار قانون الطوارئ الصحية وعرضه في أقرب الآجال على أنظار مجلس الوزراء بما يساهم في مساندة مجهودات الدولة من أجل الحد من انتشار الفيروس ، و يتم تطبيق هذه الإجراءات من غرة جويلية إلى غاية يوم 11 جويلية 2021 .
و اجتمعت الهيئة الوطنية لمجابهة انتشار فيروس كورونا اليوم الثلاثاء 29 جوان 2021 بقصر الحكومة بالقصبة إثر انتهاء اجتماع اللجنة العلميّة عبر تقنية التواصل عن بعد بإشراف رئيس الحكومة هشام مشيشي وذلك لتدارس المقترحات والآراء التي طُرحت بناءً على المعطيات العلميّة للحد من انتشار الفيروس والنظر في عدد من الإجراءات الإضافية في هذا المجال.
و افاد رئيس الحكومة في هذا الاطار أن الوضع الوبائي يتطوّر بشكل متسارع في عدد من مناطق البلاد ممّا أحدث ضغطا مهولا على المؤسسات الصحية والاستشفائية، الأمر الذي يستوجب اتخاذ تدابير عمليّة تتماشى والوضعية الصحيّة الراهنة.
و أشار وزير الصحّة فوزي مهدي الى إن الحالة الوبائية بالبلاد ذات مستوى اختطار عالي جدا في ظل ظهور بعض السلالات سريعة الانتشار ببعض المناطق بالبلاد .
من جهتها دعت مديرة المرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة الى ضرورة الشروع في تنفيذ قانون الطوارئ الصحية وهو الذي سيمكن من تطبيق هذه الإجراءات بأكثر صرامة نظرا للطابع الزجري و الاجباري للقوانين :" نحن في حالة حرب يجب التسريع في تطبيق قانون الطوارئ مع تكثيف حملة التلقيح " و اضافت نصاف بن عليه خلال استضافتها في إذاعة موزاييك اف ام اليوم الثلاثاء انه من الضروري الشروع في تنفيذ نصوص قانونية منظمة لإجراءات اللجنة ، و للتذكير أعلنت الناطقة الرسمية باسم الحكومة حسناء بن احمد في ندوة صحفية أجرتها يوم 28 افريل 2021 عن الشروع في اعداد قانون الطوارئ الصحية لكنه لم يدخل حيز التنفيذ بعد .
تستوجب الازمة الصحية الراهنة تظافر جميع الجهود فلا تكفي إجراءات الحكومة لوحدها و لا يمكن التعويل فقط على وعي المواطن بل هي حرب تتطلب إجراءات صارمة و حسا بالمسؤولية من قبل المواطنين ، خاصة في الوضع الحالي الذي وصل فيه عدد الإصابات الى 408931 حالة و بلغ فيه عدد الوفيات 14737 وفاة فالمسؤولية مشتركة و الهدف واحد وهو القضاء على الوباء.
رباب علوي
تعليقك
Commentaires