رسميا - تونس تنتصر على وباء كورونا على الرّغم من كلّ الصعاب
''كلّ البلاد خالية من وباء كوفيد-19..التراب التونسي إلى حدّ الآن هو خال من الإصابات الأفقيّة ومن الإصابات المحليّة وخاصّة الأماكن السياحية'' بهذه العبارات الناتجة عن مجهودات لا يُستهان بها، أعلن وزير الصحّة يوم الخميس 9 جويلية 2020، أنّ تونس انتصرت على جائحة كورونا.
وزارة الصحّة قامت بمجموعة هامّة من التحاليل في جزيرة جربة التي كانت مصنّفة في بداية انتشار الوباء في شهر مارس المنقضي ببؤرة وباء، في إطار عمليّة علميّة للتأكّد من نقاوة البلاد من فيروس كورونا من 9 إلى 15 جوان الفارط. بالتعاون مع وزارة السياحة، تمّ إجراء 3000 تحليل مخبري PCR، بعدّة مناطق في جزيرة جربة وتحديدا بثلاث معتمديات وكانت كلّ الأعمار ممثّلة في هذه العمليّة. نتائج تلك التحاليل قد بيّنت أنّ الجزيرة خالية تماما من الفيروس وتمّ تسجيل صفر حالة إيجابيّة أيّ صفر حالة مصابة بالوباء، كما أظهرت نتائج التحاليل 0 فاصل 18 بالمائة من الأشخاص كانت لديهم أجسام مضادة ضد الفيروس. وزير السياحة محمد علي التومي أكّد أنّ جزيرة جربة آمنة وجاهزة لإستقبال السيّاح وبالتالي من خلالها فإنّ تونس بكافّة ولايتها آمنة، واعتبر أنّ السيطرة على جائحة كورونا له دور في تثمين الصورة الإيجابيّة التي حظيت بها تونس منذ بداية تعاملها مع الوباء أمام دول العالم ''هذا شيء إيجابي'' وسيتمّ استثماره بانطلاق رحلات من الخارج نحو تونس ونحو جربة خصوصا.
هذا النجاح الذي حقّقته بلادنا في التغّلب على انتشار العدوى المحلّية بفيروس كورونا لم يكن بالأمر السهل أو الهيّن في ظلّ عدم توفّر إمكانيات كبرى لمجابهة الجائحة خاصّة أنّ المنشآت الصحيّة العمومية والخاصّة تشهد ضعفا ونقصا شديدا في الآلات الطبية وفي وفرة الأطباء والإطارات الطبية. منذ بداية انتشار الوباء، اعتمدت السلطات التونسيّة إجراءات وآليات مرهقة للدّولة وللمواطن التونسي وللموظّفين من أجل دعم الجهود لمجابهة هذا الوباء وكان الهدف من ذلك حماية الشعب التونسي والخروج بأقل الوفيات من هذه الجائحة اللاّمرئيّة. تمّ الإقتطاع من أجور الموظّفين والعديد من الشركات أقفلت أبوابها بسبب الحجر الصحي العام الذي كانت له مخّلفات سلبية على كلّ المستويات وكلّ الفئات وتمّ إطلاق صندوق 1818 لمجابهة كورونا تحت إشراف ورقابة محكمة المحاسبات التي تولّت متابعة ومراقبة موارد ونفقات هذا الصندوق. بلغت قيمة تبرّعات المواطنين إلى حدود 28 جوان المنقضي وفقا لوزير الصحة عبد اللطيف المكّي، 250 مليون دينار.
هذه التبرعات ساهمت بدور هامّ في مساعدة الدولة في مجابهة أزمة الجائحة، تكاتفت الجهود بين متبرّعين من مؤسّسات خاصة وعموميّة وشخصيات وطنية وسياسية ومنظمات غير حكومية وجمعيات علمية ومخابر صيدلية ودول أجنبيّة. مؤسسة هادي بوشماوي الخيرية تبرّعت بـ 18 نظام تنفس وإنعاش لفائدة خمس مستشفيات من ولايات الجنوب : قابس وقبلي ومدنين وتطاوين ومستشفى جرجيس ، هذه الأنظمة مستوردة من الخارج وهي أنظمة متكاملة تتوفر فيها جميع لوازمها من أجهزة التنفس والحقن والمضخات وجهاز مراقبة وتخطيط القلب والأوعية والضغط ومستلزمات الحقن الوريدي. المغازة العامّة قدّمت العديد من المساعدات لكل من مستشفى عبد الرحمان مامي بأريانة ومستشفى الرابطة بتونس من أجل تسهيل الحياة اليومية للأطباء وتوفير كل حاجياتهم، كما تبرّعت لمستشفى شارل نيكول، بمجموعة من المنتجات على غرار القفازات والوسائد والأغطية والألحفة وأدوات المائدة وكذلك كلّ مادة ضرورية للصيانة الصحية للمنشأة، على غرار أكياس القمامة، المكانس. النائبة عن ولاية بنزرت ألفة التراس تبرّعت بمعدات طبية حيوية بقيمة 2 مليارات، أيضا رجل الأعمال والنائب عن كتلة الإصلاح الوطني، حافظ الزواري تبرّع بمبلغ لا يقلّ عن 100 ألف دينار لفائدة صندوق مجابهة فيروس كورونا.
كما تلقّت تونس كميات من المساعدات من تركيا على غرار المستلزمات الوقائية الفردية والبدلات الطبية والكمامات الجراحية. الوزارة الفرنسية لأوروبا والشؤون الخارجية، ساهمت أيضا في دعم المنظومة الصحية في تونس، وأرسلت مساعدات لثلاثة مستشفيات عسكرية تونسية و8 وحدات صحية عسكرية متعددة الخدمات، ومن بين هذه المساعدات 55 ألف قفاز صحي و6 آلاف قطعة لباس واقي. كما تمّ بعث عدة عشرات من أجهزة الليزر التي تعمل في درجة الحرارة عن بعد، وأجهزة التنفس في الأماكن الملوثة وأزواج من النظارات الواقية، بالإضافة إلى عدة مئات من اختبارات الكشف السريع عن الفيورس وأقنعة FFP2 التي سيتم توفيرها للسلطات الصحية والعسكرية في الأيام القادمة. كما تلقّت تونس، 10 أطنان من المستلزمات الطبية الأساسية ومعدات الوقاية الفردية المتمثلة في كميات من الملابس الطبية وواقيات الوجه والكمامات والقفازات الطبية من دولة قطر. كما أنّه وفي إطار علاقات الشراكة والتضامن المتميزة التي تجمع تونس مع الاتحاد الأوروبي، قرر الإتحاد صرف سريع لـ 250 مليون يورو، في شكل هبات لدعم ميزانية الدولة في إطار الجهود لمجابهة الوباء، أيضا دعم البنك الإسلامي للتنمية تونس بـ 279 مليون دولار لمجابهة أزمة كورونا. الصين كانت من أوّل الدول الداعمة لتونس منذ انتشار الوباء وتبرّعت بـ 30 ألف قناع نوع N95، و150 ألف كمامة جراحية و20 ألف كاشف تشخيصي نوع RT-PCR و13 ألف اختبار سريع و5 آلاف لباس واقي و5 آلاف نظارة واقية و105 آلاف قفاز طبي، بالإضافة إلى 100 ألف كمامة و20 ألف اختبار لفيروس كورونا و741 بدلة واقية، فضلا عن 1100 من الاقنعة الواقية للوجه، كما تبرّع السفير الصيني بتونس وانغ وانبن بنصف مرتّبه لمعاضدة البلاد في تلك الأزمة.
بهذه المساعدات والدعم الخارجي والوطني، وبقرارت ومراسيم صادرة عن رئاسة الحكومة، فضلا عن إلتزام الشعب التونسي بكلّ النصائح والإجراءات المنصوص عليها من قبل الحكومة ووزارة الصحّة، تمكّنت تونس من الإنتصار على فيروس كورونا المستجدّ وسجّلت إلى حدود اليوم الجمعة 1240 حالة إصابة بالوباء منذ انتشاره في شهر مارس، منها 1067 حالة شفاء، 50 حالة وفاة و123 حالة إصابة لا تزال حاملة للفيروس وهي بصدد المتابعة. بعد هذا النجاح، فتحت تونس حدودها البريّة والبحرية والجويّة يوم 27 جوان الفارط لإستقبال التونسيّين العائدين من الخارج والسياح أيضا. وقامت اللّجنة العلمية بوزارة الصحة بتطبيق استراتيجية ناجعة لذلك وتمّ تقسيم الدول الأجنبية حسب درجة خطورة انتشار الوباء بها وتمّ إلزام الوافدين بإجراءات صحيّة و وقائيّة لتفادي انتشار الفيروس لمرّة ثانية في البلاد.
استطاعت تونس بفضل استراتيجياتها الناجحة بالإنتصار على فيروس كورونا رسميا على الرّغم من النقائص التي تشهدها المنظومة الصحيّة والأزمة الإقتصادية والمالية التي تمرّ بها البلاد. سلامة الشعب التونسي والخروج بأخفّ الأضرار، كانت هدف كلّ مُتدخّل في مجابهة أزمة كورونا وعلى هذا المنوال ستواصل تونس في المضيّ قُدما من أجل إعادة التوازن والإستقرار على كلّ المستويات والمجالات.
يسرى رياحي
تعليقك
Commentaires