صفر إصابة جديدة من بوادر السيطرة تدريجيا على جائحة كورونا

سجّلت تونس على امتداد أربعة أيام متتالية صفر إصابة جديدة بفيروس كورونا ليستقرّ مجموع الإصابات في ألف و32 حالة إصابة شُفي منها 759 حالة وتوفي 45 شخصا ولا تزال 228 حالة إصابة حاملة للفيروس. تونس تنتصر على جائحة كورونا مقارنة بباقي الدول المتقدّمة والتي تفوق بلادنا بإمكانياتها الطبيّة والبشريّة على غرار فرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكيّة وبريطانيا.

العودة الحذرة

على ضوء انخفاض عدد الإصابات، انتقلت تونس من مرحلة الحجر الصحي العام إلى الحجر الصحي الموجّه الذي مرّ على بداية العمل به أسبوعين. عادت يوم 4 ماي الإدارات والمؤسسات لنشاطها بطريقة جزئيّة ثم عادت يوم 11 ماي المراكز التجارية الصغيرة والمتوسطة وقاعات الحلاقة والتجميل وبيع الملابس الجاهزة. هذه العودة الحذرة رافقتها توصيات وزارة الصحّة المتكرّرة دائما والتي دعت إلى ضرورة احترام إجراءات الوقاية وتحقيق التباعد الجسدي بين المواطنين وارتداء الكمامات الواقية، أيضا وزارة النقل اتخذت العديد من التدابير اللازمة في وسائل النقل من حافلات ومترو وتاكسي فردي وجماعي في طريقة نقل الركاب. وزير الصحة عبد اللطيف المكي الذي أعتبر من قبل الكثيرين رجل المرحلة وقائد المعركة ضدّ وباء كورونا، كلّ يوم كان يدعو إلى الحذر وإلى عدم الإغترار بالأرقام التي انخفضت مؤكّدا أنّ تطبيق المواطن لآليات الحجر الصحي الموجّه في كلّ مراحله هو سبيل الدولة الوحيد للفوز على هذا الوباء الذي عجزت العديد من الدول الأوروبية في التغلّب عليه. 

الهيئة العلمية لمجابهة الكورونا انعقدت يوم أمس الأربعاء بإشراف رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ وبحضور وزير الصحة عبد اللطيف المكي، وقامت بتقيّيم  تطوّر الوضع الوبائي لجائحة كورونا بالتوازي مع عرض النتائج المسجلة للحجر الصحي الموجه بالإضافة إلى الوقوف على مدى نجاعة الاستراتيجية الوطنية لمجابهة الجائحة في كافة المراحل. سجّلت الهيئة العلمية ارتياحا حذرا للنتائج الإيجابية المسجّلة إلى حدّ الآن خصوصا في ظل تراجع حالات العدوى بتسجيل صفر إصابة، في المقابل أوصت الهيئة بمزيد اليقظة والتقيّد بالإجراءات الوقائية بالفضاءات العامة والمحلاّت حتى يبقى الوضع الوبائي تحت السيطرة ويتسنّى الحفاظ على النتائج المحققة في الحجر الإجباري والشامل.

مع صفر إصابة لم ننتصر بعد على كورونا

وزير الصحّة عبد اللّطيف المكّي أكّد أنّ  بلوغ عدد الإصابات بفيروس كورونا عتبة  الصفر هي دليل على أنّ  تونس في الطريق الصحيح  للسيطرة على الوباء لا غير وأنه يجب مواصلة هذا الطريق للوصول إلى الانتصار النهائي. في نفس السياق، أفاد المكّي أنَ اللجنة العلمية المبنية على القواعد الثابتة والتجارب المتراكمة لعلم الوبائيات تؤكد أن الأرقام حتى وإن بلغت الصفر لأيام قليلة لا تعني الخلو التّام من المرض وعدم عودته إلا إذا استمرّ عدد الإصابات أي صفر حالات اصابة جديدة بالفيروس لمدة تساوي مرتين مدة حضانة الفيروس أي بين 30 و 40 يوما. كما حذّر من إمكانيّة وجود حالات قليلة حاملة للفيروس دون أعراض لاتزال واردة ويكون ذلك بسبب عدم تصريح أحد المصابين بكلّ الأفراد الذين خالطهم نسيانًا أو تعمدًا حيث يتمّ نقل العدوى وتظهر بعد أيام الأعراض عند بعض الناس. إنّ هذه الوضعية التي تعيشها تونس اليوم، شبيهة ببداية الموجة الأولى للفيروس وفق تعبير وزير الصحّة الذي أكّد انّ  الخريف والشتاء القادمين سيشهدان موجة ثانية من انتشار عدوى فيروس كورونا المستجد داعيا إلى ضرورة  تجهيز مستشفيات ميدانية جديدة على غرار المستشفى الذي تمّ افتتاحه بالحي الوطني الرياضي بالمنزه لمجابهة وباء كورونا مؤكدا أنه سيتم اعتماد هذه المستشفيات حتى السنة القادمة.

المديرة العامة للمرصد الوطني للأمراض الجديدة والمستجدّة، نصاف بن علية، أكّدت أنّ تعافي بعض المُصابين من وباء كورونا المستجد، لا يمنع وجود بقايا الفيروس في أجسامهم، لفترة قد تصل إلى أسبوعين مشيرة إلى أنّ النشريات العلمية تفيد بعدم إمكانية انتقال العدوى من أشخاص يحملون في أجسامهم بقايا الفيروس، إلى متعافين. ''لا بُدّ من مرور 40 يوما دون تسجيل إصابات حتّى يمكننا القول انه تمّ القضاء على الفيروس في تونس'' هذا ما صرّحت به بن عليّة يوم أمس الأربعاء تعقيبا منها على تسجيل صفر إصابة بطريقة متتالية مؤكّدة أنّ نسبة خطورة انتشار الفيروس من جديد لا تزال مرتفعة بسبب تواصل عمليات إجلاء التونسيين من الخارج وتواصل وجود الفيروس في مختلف أنحاء العالم. ودعت المواطنين الى الالتزام بشروط الحجر الصحي الموجه من وضع الكمامات وتطبيق شروط النظافة مؤكّدة على أنّ هذه المرحلة تفرض مزيد اليقظة والحذر من أجل الكشف عن حالات الإصابة الجديدة.

تفاعل الشعب مع صفر إصابة

منذ بداية العمل بالحجر الصحي الموجّه 4 ماي، عادت حياة التونسيّين تدريجيا إلى سالف نشاطها وامتلأت وسائل النقل بالركاب وشوارع العاصمة والمدن أيضا ومع تسجيل صفر إصابات منذ الأحد الفارط، عبّر الرأي العام عن فرحه بالصفر لأوّل مرة واعتبر البعض أنّ ذلك دليل على السيطرة عن الوباء. ومع عودة المراكز التجارية للعمل يوم الإثنين 11 ماي، استغل التونسيون هذه النتيجة وتهافت الكثيرون على تلك المراكز حتى إنّ البعض منهم لم يرتدي الكمامات الواقية ولم يحترموا التباعد الجسدي فيما بينهم. وبعد تسجيل أربعة حالات متتالية لصفر إصابة، أعلنت لبنى الجريبي الوزيرة لدى رئاسة الحكومة المكلفة بالمشاريع الكبرى خلال ندوة صحفية بالقصبة اليوم الخميس 14 ماي 2020، أنّ المصحات الخاصة والأسواق الأسبوعية والفضاءات التجارية الكبرى ستعود للعمل انطلاقا من يوم الغد الجمعة مؤكدة في نفس السياق أن المحلات التجارية لن تشتغل ليلا. في هذا الإطار، دعت الجريبي إلى الالتزام بالتباعد الاجتماعي وإجراءات الوقائية الصحية اللازمة مؤكّدة أنّ الخطر مازال قائما وأنّ فرضيّة الرجوع إلى الحجر الصحي الشامل واردة خاصة أن بعض الدول لم تسجل أي حالة لسبعة أيام متتالية ثم عادت الى موجة حادة من انتشار الفيروس. كما أنّ رئيس الجمهوريّة، قرّر تقليص توقيت حظر الجولان ليُصبح من الساعة الحادية عشر ليلا إلى الخامسة صباحا وبالتالي يمكن للتونسيين أن يمضوا بقيّة أيام شهر رمضان في الخروج ليلا والتمتّع بنكهة رمضان ولقاءات أقاربهم ولو قليلا. 

النتيجة الإيجابيّة التي وصلت لها بلادنا اليوم والمتمثّلة في صفر حالة إصابة على امتداد أربعة أيام متتالية هي حصيلة الإجراءات الصعبة التي تمّ تسخيرها ونتيجة عمل جبّار للإطارات الطبيّة والشبة طبيّة وكلّ أعوان الصحّة الذي يمثّلون الصفّ الأوّل في مواجهة هذه الجائحة. كما تمّ الإلتزام بالحجر الصحي العام، يجب على المواطنين الإلتزام بالحجر الصحي الموجّه وكلّ إجراءات الوقاية من الفيروس لكي نحافظ على هذا النجاح ولتُسيطر تونس كليا على وباء كورونا.