التجاوزات المالية لسهام بن سدرين
هيئة الحقيقة والكرامة تتسوغ مقرها الرئيسي على أساس أنه محلّ تجاري !
الكشف عن تعاقد هيئة الحقيقة والكرامة مع 100 محام بشكل غير قانوني وتلاعبات بالجملة
فضائح بالجملة تلك هي حصيلة هيئة الحقيقة والكرامة برئاسة سهام بن سدرين، هذه الهيئة التي صارت تجاوزاتها للقانون خبزها اليومي .. سوء التصرف على الصعيدين البشري والمالي أصبح أمرا واقعا وهو ما يثبته التقرير الخاص بالتدقيق في أنشطة الهيئة منذ انطلاقها والصادر عن دائرة المحاسبات والذي أبرز عديد التجاوزات المالية والإدارية.
فقد سجلت دائرة المحاسبات على سبيل المثال أن عقد كراء المقر المركزي للهيئة تم إبرامه على أساس استغلال ذي صبغة تجارية بقيمة 300 ألف دينار سنويا.. غير أن أنشطة هيئة الحقيقة والكرامة لا علاقة لها البتة بالتجارة.
مسألة أخرى أثارتها دائرة المحاسبات تتمثل في كون الهيئة أمضت عقود اسداء خدمات مع 101 محاميا للقيام بالتحقيقات والإستشارات والدراسات في المجال القانوني والتشريعي، إلا أن تلك العقود تمت دون الأخذ في الإعتبار الإجراءات القانون المعمول بها عادة في مثل هذه الحالات لأن هيئة الحقيقة والكرامة لم تحترم الشروط المطلوبة لإجراء المناظرات وخاصة البند المتعلق بنظام العمل كامل الوقت وهو ما يتنافى مع الفصل 22 من المرسوم المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة.. ولتجاوز هذه الوضعية غير القانونية وإضفاء صبغة قانونية على تلك الإنتدابات، قامت الهيئة بتغيير صيغة العقود من العمل بنظام كامل الوقت إلى نظام إسداء الخدمات، دون دفعها إلى الخزينة. تلك الخدمات كانت كلفتها باهضة على حساب المواطن، حتى أن دائرة المحاسبات دعت الهيئة إلى إعادة المبالغ المالية التي لا وجود لما يثبت صرفها.
على صعيد آخر كشف جرد ممتلكات هيئة الحقيقة والكرامة نقصا تجاوزت قيمته 152 ألف دينار، من بينها سيارة قيمتها 72 ألف دينار وحواسيب بقيمة 24 ألف دينار وهو ما دفع بمراقب الحسابات لتدوين ملاحظاته وتحفظاته إزاء الحسابات المالية للهيئة بعنوان 2016.
كما شملت التجاوزات، السيارات الوظيفية، بما أن الأذون بالمأموريات لم تحترم في كل الحالات، مما وقف حاجزا أمام كل محاولة للتثبت، إلى جانب الموظفين الإثنين اللذين رفضا إرجاع سيارتيهما الوظيفيتين طوال 478 يوما، لولا تدخل قوات الأمن.
التقرير الخاص بالتدقيق يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك ويكشف أن الميزانية المقترحة والمطلوبة من هيئة الحقيقة والكرامة تتجاوز قيمة مصاريفها الحقيقية، فضلا عن غياب أي أثر في ما يتعلق بالمعاملات البنكية والبريدية.
بدوره كان ملف الضحايا محل تجاوزات ومخالفات عديدة، على غرار التعويض مرتين للمئات من الضحايا، في حين لم يتسلم غيرهم أي مساعدة، رغم حاجتهم الأكيدة والملحة. كما تم تسجيل أشكال متعددة من التمييز خاصة في ما يتعلق بدراسة الملفات وغياب التدخل في العديد من الحالات الإجتماعية.
في سياق متصل، كانت ابتهال عبد اللطيف، رئيسة لجنة المرأة صلب هيئة الحقيقة والكرامة، أكدت أن جزءا هاما من التقرير الذي أحالته اللجنة وصادق عليه مجلس الهيئة بالإجماع موفى ديسمبر 2018، تم رفضه وحذفه، موضحة أن الفقرات المحذوفة تتعلق أساسا بالتجاوزات المنهجية والواضحة بخصوص التعدي جنسيا على النساء وتأثير ذلك على محيطهن. تقول ابتهال إنها قدمت التقرير في الجلسة الختامية للهيئة يوم 15 ديسمبر 2018 معتبرة أن هذا الرفض يعد خرقا لقانون العدالة الإنتقالية الذي يفرض على هيئة الحقيقة والكرامة أن تصدر تقريرا ختاميا شاملا يتضمن كل الأحداث الثابتة ويوضح المسؤوليات والعوامل المتسببة في الإنتهاكات. وشددت على أن التقرير الذي تم تقديمه لا يعكس حقيقة الإنتهاكات التي قام بها النظام السابق في حق النساء.
وبالطبع لا ننسى الطريقة التي تم التصرف بها في الموارد البشرية للهيئة .. إقالات واستقالات بالجملة إلى جانب تجميد عضوية البعض الآخر من عضوية الهيئة.. كل ذلك بقرارات من رئيستها سهام بن سدرين التي رفضت حتى الإمتثال لقرارات المحكمة الإدارية وهي أحكام لم تمنع مجلس الهيئة من الإنعقاد رغم عدم توفر النصاب المطلوب، مما أبطل قراراته بما فيها التمديد في مدة عهدة الهيئة.
عديدة هي التجاوزات والشبهات لاسيما من حيث سوء التصرف وهو ما أكده تقرير التدقيق الصادر عن دائرة المحاسبات، هذه المؤسسة المستقلة والمشهود لها بانضباطها وصرامتها. فالتجاوزات المالية المسجلة تجسد غلو رئيسة الهيئة التي يفترض أنها الضامن والساهر على حماية العدالة الإنتقالية والإنصاف.. بن سدرين تلك المرأة التي تريد إعادة كتابة التاريخ، متناسية أن التاريخ لا يغفر أبدا.
(ترجمة عن النص الأصلي بالفرنسية)
تعليقك
Commentaires