مثلت الإجراءات التي أعلنها رئيس الجمهورية قيس سعيد منذ يوم 25 جويلية 2021 و التي تلتها إعلانات أخرى الأمر الرئاسي عدد 117 و الاعلان عن الخارطة الانتخابية وقرار حل البرلمان ، مفاجأة للخارج لاسيما الدول الصديقة لتونس . و قد لا تكون هذه القرارات مفاجأة للمتابعين للشأن العام التونسي داخل البلاد وذلك بالنظر الى الازمة السياسية التي عاشتها تونس و التي قام ببطولتها رئيس الجمهورية من جهة و رئيس الحكومة السابق هشام المشيشي و رئيس البرلمان راشد الغنوشي من جهة أخرى ، و قد لا يكون حل البرلمان مفاجأة للمقربين من الرئيس و العارفين بنواياه السياسية التي لطالما أبرزها لكن بطريقة غير مباشرة ، فالرئيس من المدافعين الشرسين عن النظام الرئاسي و لطالما أيد البناء القاعدي للحكم و لطالما مجد الاقتراع على الافراد على حساب نظام الاقتراع على القائمات الذي لا يبدو مقنعا بالنسبة له .

لكن الرئيس لم يكن مقتنعا جدا بالحوار الوطني او على الاقل بالصيغة التي ورد فيها سنة 2013 بعد الاغتيالات السياسية في تونس ، و يعمل الرئيس على بناء قالب جديد لحواره الوطني الذي انطلق حسب تعبيره وسط دهشة الأحزاب السياسية التي وجدت نفسها اليوم خارج المرمى . في نفس الوقت يتابع شركاء تونس الدوليون بانتباه الوضع السياسي في تونس و يواصلون دعوتهم الى حوار مشترك بين جميع الأطراف و من بينهم البرلمان الأوروبي الذي وفد له زيارة رسمية الى تونس هذا الاسبوع . 

حيث  دعا وفد البرلمان الأوروبي إلى  الانخراط في حوار وطني شامل حقيقي لمعالجة الأزمة السياسية والاقتصادية على وجه السرعة. و جاء في البيان المشترك "خلال الأيام القليلة الماضية ، أتيحت لنا الفرصة للقاء العديد من نظرائنا التونسيين ، بما في ذلك الرئيس والحكومة والأحزاب السياسية والنقابات والسلطة الانتخابية الوطنية والمجتمع المدني. لقد مرت تونس بأكثر من عقد من الديمقراطية الانتقال ، التي تم خلالها وضع المؤسسات الديمقراطية واختبارها. على الرغم من التحديات على طول الطريق ، شهد العالم تحسنًا غير مسبوق في الحقوق والحريات الأساسية في تونس. كانت البلاد نموذجاً للحرية في العالم العربي. لكننا نلاحظ تركيز السلطات في يد الرئيس. نحن ندرك أن التونسيين ما زال لديهم الرغبة في الديمقراطية والازدهار والعيش بكرامة.

ومع ذلك ، فإننا نلاحظ الآن ببالغ القلق التدهور الحاد والمستمر للوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، والذي تفاقم بسبب أزمة الكوفيد وحرب روسيا ضد أوكرانيا. هناك حاجة ملحة للإصلاحات .

 يواصل الاتحاد الأوروبي وقوفه إلى جانب تونس ، لا سيما من خلال المساعدة المالية العاجلة والكبيرة. كما أننا على استعداد للمشاركة وتقديم المساعدة الفنية لجهود الإصلاح السياسي والاقتصادي الشاملة والشفافة ، بما في ذلك المساعدة للمساعدة في تقييم خيارات الإصلاح الانتخابي.

وعلى نفس المنوال ، نشجع السلطات التونسية بشدة على طلب الخبرة التي لا تقدر بثمن لدى لجنة البندقية.

لدينا انطباع راسخ بأن الشعب التونسي يثق ثقة كاملة في مهنية وحيادية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ، والتي تم إثباتها في الانتخابات السابقة ، ونؤكد على أهمية الحفاظ على استقلاليتها.

أكدنا في مناقشاتنا أن الشرعية السياسية لرئيس الجمهورية وأعضاء البرلمان المنتخبين تنبع بالتساوي من الشعب ومن نفس الدستور.

بالنسبة للمستقبل ، نشجع التونسيين بشكل عاجل على الانخراط في حوار تونسي تونسي شامل ومنظم ، بما في ذلك ممثلو الحكومة والأحزاب السياسية والنقابات والمجتمع المدني والمنظمات النسوية ، لأن هذه الأزمة لا يمكن حلها إلا بمشاركة كاملة من جميع أصحاب المصلحة المشتركة  " .

و يواصل الاتحاد الأوروبي الحديث عن الدستور التونسي الذي ألغى رئيس الجمهورية العمل بأغلب أبوابه و يتمسك الاتحاد بحوار مشترك مع المنظمات و الأحزاب في الوقت الذي يفضل فيه الرئيس الحوار مع " الصادقين " كما يصنفهم و لا يبدو أن الرئيس ينتبه كثيرا لبيانات شركاء تونس لكنه سيجد نفسه مجبرا على الأخذ بعين الاعتبار هذه البيانات حين تكون تونس على طاولة المفاوضات من أجل الاقتراض .

رباب علوي