alexametrics
أفكار

الخيار الصعب ، أو الخيار الصح ؟

مدّة القراءة : 2 دقيقة
الخيار الصعب ، أو الخيار الصح ؟

 

هل يحق لنا بان نتساءل الا يكفي عشرية كاملة من التجارب ومن الانتكاسات وتراكم الخيبات والفشل وحتى الإحباط لاستخلاص الدروس والتخلي عن اللوجيسيات البالية والخروج بالاستنتاجات الضرورية لفتح الآفاق الرحبة أمام البلاد والعباد . السؤال الأزلي والذي يتكرر باستمرار يتعلق بالمقاربة والمنهجية لتحديد طبيعة الحكومة وتركيبتها وعلاقتها بمؤسسة رآسة الجمهورية والبرلمان والأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية . تختلف المقاربات باختلاف المنهجيات ولكن بالخصوص بتعارض المصالح الحزبية والزعاماتية منها . ولسائل ان يسأل ما الفائدة من تنظيم الانتخابات ؟ و ما هي أهمية نتائجها ؟ و هل يعقل طي صفحة صندوق الاقتراع بكل هذه السهولة ؟ ولماذا يسعى البعض الى تهميش الحزب الفايز الثاني بل وحتى الحزب الفايز الاول في الانتخابات . الا يعد هذا انقلابا على إرادة الناخبين وعلى الشرعية

 

و يشكك في مصداقية العملية الانتخابية حاضرا ومستقبلا ؟ يبدو في الظاهر ان هذه الأسئلة مشروعة ووجيهة وتتطلب اجوبة سريعة و واضحة وصريحة . في البداية لا بد من التذكير ببعض الجوانب القانونية والسياسية حتى نتمكن من رفع التضليل والالتباس وحتى المغالطة التي تخفي الخلفية الحقيقية لأصحاب هذه الأسئلة . الجواب الاول نجده في الدستور ، حيث تمكنت حركة النهضة من ممارسة حقها الدستوري بان يكون لها السبق التاريخي والسياسي في تشكيل الحكومة الأولى على أساس نتايج الانتخابات التشريعية . ولكنها لم تفلح فاستعاد بالدستور رئيس الجمهورية المبادرة ولكنه فشل كذلك وسوف لا نعود الى الأسباب . واليوم كذلك تعود المبادرة لقيس سعيد لاختيار الرجل الأقدر على تشكيل الحكومة الجديدة . وبالتالي لا داعي ولا مبرر للتباكي ولعب دور الضحية . الدستور واضح على الأقل في هذا المجال . هذا على الصعيد القانوني أما في الجانب السياسي ، فهل التزمت حكومة الجملي وكذلك ربيبتها حكومة الفخفاخ بنتائج الانتخابات ؟ ثم هل قامت حكومة الفخفاخ على أسس اخلاقية ومبدئية

 

و على تحالفات طبيعية ؟ قطعا لا ، على الرغم من الجهود النظرية الجبارة التي بذلها كبير المفاوضين . وحتى بالرجوع الى شرعية الانتخابات ونتائجها نحن مرة اخرى أمام صعوبات جمة ، وسوف يكون الأمر هكذا دايما ما لم يتغير النظام الانتخابي وحتى السياسي فنفس الأسباب عادة ما تضفي إلى نفس النتايج . وحده أعمى البصيرة الذي لا يريد ان يقر باستحالة تكوين أغلبية نيابية منسجمة المواقف والرؤى والبرامج . ولن يتيسر ذلك خارج إطار الانتهازية والمصلحة الضيقة والتحالفات غير الطبيعية لا توجد أغلبيات اليوم . ضاق صدر التونسيين بالرابطات التي لا رابطة بينها و بالعائلات السياسية التي تمثل كل شيء سواء ما يجمع العائلة . المحاصصة الحزبية اليوم ، الان وهنا تمثل إعادة انتاج الفشل و تأبيد الإحباط وانسداد الآفاق . لا يستقيم الظل والعود اعوج . ولا ينفع العقار فيما افسده النظام الانتخابي والنظام السياسي و لكن دون نزع المسؤولية على النخب والطبقة السياسية وكذلك المواطن .

وهنا يبدو واضحا انه لا مناص لهشام المشيشي من الذهاب الى تشكيل حكومة كفاءات سياسية وطنية غير متحزبة تقاسمه قيم الاستقلالية والنزاهة والكفاءة وروح المسؤولية والوطنية . وتجتمع على كلمة سواء . يوحدها برنامج إنقاذ وطني واضح الأهداف والآجال والآليات ويحظى بتفاهم الاطراف الاجتماعية . ويمكن لهذه الحكومة ان تتمتع بمصادقة واسعة للكتل النيابية والأحزاب السياسية ومرافقتها بصفة نقدية تحت قبة البرلمان من خلال القوانين والإصلاحات والمقترحات التي ستمر بالبرلمان حتما .وعلى الأحزاب ان تنكب على الورشات السياسية العديدة من أجل مراجعة و إصلاح أنظمة الانتخابات والمؤسسات واستكمالها و اعادة تشكلها نحو الأفضل . هذا هو طريق الخلاص الوطني وفي مثله فليتنافس المتنافسون . علينا ان نخرج البلاد من السياسة السياسوية ، من الجدل السياسي العقيم والمعزول على مشاغل الناس . علينا ان نتجاوز الهوة العميقة بين الشباب والدولة . والقطيعة بين الأجيال والجهات والشرائح الاجتماعية . علينا ان نوحد التونسيات والتونسيين على مشروع وطني جامع اساسه التعدد والتنوع في كنف التضامن الوطني والاجتماعي .

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter