المؤتمر 11 للنهضة – من المؤهل لخلافة الشيخ؟
ينص النظام الداخلي للحركة الإسلامية النهضة على أنه لا يمكن لرئيس الحركة تجاوز مدتين رئاسيتين، قانون المُراد منه تأسيس ديمقراطية داخلية وسط الحزب الذي ظلّ راشد الغنوشي على رئاسته لخمس عقود، نظريا، سيغادر الرّجل دفّة القيادة مع المؤتمر 11 الذي سيكون نهاية السنة الحالية.
لم يكشف شورى الحزب المنعقد نهاية الأسبوع المنقضي عن ملامح المؤتمر، عنوانه، أو تاريخه الدقيق أو تفاصيله رغم أنه كان اجتماعا مُنتظرا. بين فرضتين هُما مغادرة الشيّخ واكتفائه برئاسة البرلمان بدل ازدواجيّة مهامه في الدولة والحزب، وتغيير النظام الداخلي لأجله ليستمر على رأس النهضة الى 2024، ستمّر الأشهر القادمة سريعة يتخللها الاعداد المادي واللوجستي لمؤتمر "أكبر حزب" بالبلاد (ستة أشهر على أقضى تقدير). المؤتمر، نقطة لم تبد مركزيّة في بيان مجلس الشورى الذي جاد به لسان الناطق الرسمي عبد الكريم الهاروني حيث كان الحديث عن المؤتمر مجرد عموميات ثانوية لم تحظى بمساحة الاهتمام ذاتها التي أُوكلت لقضية رئيس الحكومة الياس الفخفاخ المُتهم بتضارب المصالح أو الملف الليبي.
رغم ذلك، فان تصريح الهاروني القائل "النهضة وتونس مازال في حاجة الى الغنوشي لأنه مازال بامكانه تقديم الكثير، والقرار لن يتخذ الا خلال مؤتمر الحركة" يوحي بأنّ القانون قابل للتعديل في أيّ وقت. تصريح، جاء ليؤكد قول عضو المكتب التفيذي للحزب الاسلامي خليل البرعومي الذي أكد أن " تونس مازال بحاجة للغنوشي .. الشخصية الاعتبارية والاستثنائية.". العجمي الوريمي، عضو المكتب التنفيذي للنهضة شدد على أنه يدعم ترشّح راشد الغنوشي مجدّدا لرئاسة الحركة متابعا بأنه بالإمكان تنقيح النظام الداخلي لتمكينه من الترشح لولاية ثالثة. تصريحات مُتشابهة تحيل الى الذاكرة ما قاله راشد الغنوشي خلال حواره على قناة نسمة "نحترم القانون مادام قانونا" في اجابة مُقتضبة على امكانية ترشحه لرئاسة الحركة في المؤتمر القادم. لفظة "مادام قانونا" تأتي لتؤكد أنّ تعديل القانون الداخلي لحركة النهضة أمر هيّن يمكن تنفيذه بجرة قلم.
وجود افتراضين لسيناريوهات مُخرجات المؤتمر، منبثق من جناحي الحزب ذاته، اللوبي التقليدي الذي يخشى أن يعصف خروج الغنوشي الرمزي بتماسك الحركة البنيوي وبالتالي المُخاطرة باضعاف حضورها السياسي - في اعتراف ضمني أنها حركة بُنيت حول زعيم سياسي- وجناح ثان ميّال للتغيير وانتقال السلطة أخيرا لرئيس اخر ربما أكثر شبابا وخدمة لصورة النهضة المنفتحة المدنية - في اعتراف أن الغنوشي استنفذ رصيدهُ السياسي وحان وقتُ مغادرته.
بعد استقالة أبرز قيادات الصف الأول المؤهلة لترؤس الحركة مثل الأمين العام المتخلي زياد العذاري والقيادي المستقيل عبد الحميد الجلاصي( مُعارضان شديدان للغنوشي) ان لم يكن الغنوشي خليفة نفسه المُتكرر في المؤتمر 11، هؤلاء هم المؤهلون لأخذ المشعل :
كان اسم المكي مطروحا لولا التزامه الحالي بحقيبة الصحة التي زادت شعبيته السياسيةـ لكن رفيق عبد السلام صهر راشد الغنوشي من أبز المرشحين لخلافته، هو أكبر المدافعين عنه داخل وخارج البيت النهضوي ولم نسمعُ له نقدا أو لوما على رئيس الحركة. متى سئل عن الغنوشي في حضور اعلامي أجاب ذاكرا خصاله ومشيدا بما قدّمه لتونس. قد يكون عبد السلام الرجل المنشود الذي سيضمن تواصل سياسيات الغنوشي داخليا مما يضمن تسييرا للحركة الاسلامية بالوكالة، وتحيلا على قانونها الداخلي. يحمل عبد السلام، ولاء شخصيا وفضلا سياسيا للشّيخ الذي لن يتردد في خدمة مصالحه حتى وان غادر المقود، فالأقربون أولى بالمعروف. من الجهة الثانية، عبد الكريم الهاروني يملك سببان يجعلانه المؤهل الثاني لخلافة الشيخ، أولهما الولاء السياسي له والانضواء دوما في صفه مما يجعل صورته لدى المؤتمرين مقرونة بصورة القيادي الجدي الذي ساهم مع الغنوشي في مأسسة الحزب وصياغة مواقفه والدفاع عنه اعلاميا، والثاني هو التدرج الطبيعي في المناصب الذي أكسب الناطق الرسمي باسم شورى الحركة خبرة ودراية لا يتوفر عليهما غيره. ولن يفشل الهاروني، في الحصول على تزكية الشيخ نفسه.
عبير قاسمي
تعليقك
Commentaires