alexametrics
أفكار

الوطن قبل الحزب ... والعائلة قبل كل شيء

مدّة القراءة : 3 دقيقة
الوطن قبل الحزب ... والعائلة قبل كل شيء

 

بقلم فاخر القفصي*


الوطن قبل الحزب .. كانت عبارة ساحرة جذابة صرح بها السيد الرئيس .. وفعلت فعلها في قلوب وعقول التونسيين، كررها مرارا ليبرهن أنه فوق الصراعات وأن المصلحة العليا للوطن تمر قبل أجندات الأحزاب.

وصدّق العديدون هذا القول المأثور ... وأنا من بين من صدقوا السيد الرئيس .. اذ رأيت فيه رجل الدولة الذي لا ينطق على هوى .. بل يعي ما يقول وهو من الصادقين.

ودخل السيد الرئيس قرطاج .. وكان التونسيون يتوسّمون الخير - و بكل ثقة - في ما ستشهده البلاد من انجازات ومن نجاحات على يد السيد الرئيس وحزبه الذي يزخر بالكوادر والكفاءات.. وها قد أشرفت العهدة على النهاية ولم ير التونسيون لا انجازات ولا نجاحات في أي من المجالات .. باستثناء المبادرة الخاصة بالحريات الفردية والمساواة في الإرث .. مبادرة لا يمكن أن نعتبرها انجازا ما لم يقع المصادقة على القانون المتعلق بها من طرف مجلس نواب الشعب .

ومرت السنة تلو السنة .. ونحن نعيش على وقع الخلافات والصراعات والإنشقاقات والتفرعات في حزب السيد الرئيس .. بطلها نجل السيد الرئيس .. الذي خرج  " منتصرا " في جميعها .. بما أنه أزاح كل قيادات ومؤسسي الحزب ومناضليه .. كل ذلك بعون الله وحده .. ولا دخل للسيد الرئيس في ذلك .. فهو رئيس جميع التونسيين وقد استقال من الحزب ولم يعد له أي دخل في شأنه الداخلي .. اللهم بالنصح والمشورة والرأي الصواب للفرقاء بأن يتجاوزا خلافاتهم .. وقد أشار عليهم بتكوين لجنة 13 واختار هو رئيسها وأعضاءها وتولت تنظيم وانجاز  " مؤتمر " سوسة " الذي تولى على اثره ابنه مسؤولية المدير التنفيذي وتسلّم يومها أحد جناحي الحمامة.. طبعا تحت أنظار الراعي الرسمي – الجناح الآخر للحمامة - ..   

وازدادت الأمور سوءا وتعقيدا .. واختراق الحزب من طرف حركة النهضة أصبح واضحا وجليا .. والخارجين عنه أفواجا أفواجا .. ثم جاءت مرحلة الإنتدابات والإنصهارات ..ورغم ذلك لم يفقد العديد منا الأمل في أن يتدخل السيد الرئيس لينهي المهزلة وينقذ الحزب .. وانتظرنا وطال انتظارنا .. والمقربين من السيد الرئيس يؤكدون في كل مرة بأنه سيتخذ القرار الذي يتطلع له الجميع .. ولم يات القرار ولن يأتي .. بل في كل مرة يصدمنا بدعم ابنه المبجل ..

 

مسلسل بليد ركيك .. يرتهن خلاله الحزب لابن الرئيس المفدّى .. بل ارتهنت البلاد والدولة لأهوائه ونزواته ورغباته الصبيانية.. مسلسل آخر حلقاته اعلان لجنة اعداد المؤتمر عن انسحابها لتأكدها من أن ابن الرئيس المبجل يرغب في اعداد وانجاز مؤتمر على المقاس .. يكتسب له السيد الرئيس، من خلاله، الشرعية المفقودة في قيادة الحزب بمعية من تبقى من " الأوفياء " - ثلة من أوفياء الرداءة والفساد - . ويعلم العارفون بالشأن السياسي علم اليقين أن تركيب واخراج مؤتمر حزبي على المقاس مسألة بسيطة وتستوجب فقط انتداب تقنيين في الميدان يحبكون التحكم في توزيع الإنخراطات لضمان قطيع من المؤتمرين.

وفي المقابل لا زال البعض يأمل في أن يخطو السيد الرئيس الخطوة التي لن ( الزمخشرية ) يخطوها أبدا وهي ابعاد ابنه عن الحزب .. المسألة واضحة .. فالسيد الرئيس هو من ولى ابنه المصون حارسا على الحزب ليحفظه من " الذئاب " .. وهو من أفرغ الحزب قصدا - في اطار التوافق - وأراد له أن يصبح على حالته الراهنة..

 

 أقول لهؤلاء : أصدقائي الأعزاء .. مهما كانت نواياكم صادقة .. فان الغباء والسذاجة في السياسة ان تجاوزا حدا معينا يصبحان تواطؤا وتلاعبا .. من لازال منكم يعتقد في أن السيد الرئيس سيخطو هذه الخطوة فهو واهم .. وكل المبادارت في هذا الإطار ليست سوى مضيعة للوقت .. فالمؤتمر، ان تم فعلا، فسيكون كما يشتهي السيد الرئيس .. محطة لاضفاء الشرعية المفقودة على ابنه.. فهو الوحيد المؤتمن على الحزب وهو الوحيد حافظ الأمانة .. وسيخرج علينا حينئذ ليقول لنا " ها قد ظهر الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا " ، " لا دخل لي في الحزب وها قد انتخب المؤتمر الديمقراطي الشفاف ابني على رأس الحزب أفما زلتم تصطادون في الماء العكر " .. مبارك عليكم مؤتمركم .. ومباركة مسيرتكم .. وتحيا الديمقراطية في ظل العائلة المالكة .. والعائلة قبل الوطن وقبل الحزب دائما وأبدا .. أحب من أحب وكره من كره .. وكل صوت خارج عن هذا النسق ومخالف لإرادة السيد الرئيس وابن السيد الرئيس هو خيانة للأمانة ونكرانا للجميل .. أفلا تفقهون ..

واأسفاه .. لقد أضعتم على البلاد والعباد فرصة في أن تكون هذه العهدة مرحلة تاريخية لتونس في أن تقلع اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا .. فرصة في أن نبدع وننجز .. فكانت للأسف سنوات الرداءة في الأداء والفشل في الإنجاز.

مع كل هذا .. لا مكان لليأس الا لدى الضعفاء .. والأمل يبقى قائما في تجاوز المنظومة الحالية بكل تشكيلاتها وعناوينها ومسمياتها .. يبقى الأمل قائما في أفق آخر .. أفق رحب .. لا مكان فيه للفاشلين والمنافقين والفاسدين ..  أفق يؤثثه حماة حقيقيون للوطن .. أفق قادم لا محالة .. فهلمّوا هلمّوا يا حماة الحمى ..

   

                                                                                                                    *فاخر القفصي – ندائي سابق

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter