حكومة الحبيب الجملي: التعيينات الأولية وكواليس التشكيل
رؤساء حكومة سابقون وزراء في حكومة الجملي
وراء الكواليس - ليس الجملي من سيحدد أعضاء الحكومة.. بل هؤلاء!
حركة الشعب ترفض المشاركة في حكومة الجملي..
الجملي: لن أخضع لحركة النهضة التي كلّفتني بتشكيل الحكومة
أيام قليلة وسيقع الإعلان عن تشكيلة حكومة 2020 والتي كُلف بتشكيلها الحبيب الجملي وفق ما يقتضيه الدستور، بدأت الرؤية تتضح بعد أن ظهرت الأطراف التي ستشارك فيها في انتظار اعلان رسمي عن الأسماء المقدمة وعرضها لنيل الثقة في البرلمان.
بدأ السباق نحو القصبة يقترب من النهاية بعد المشاورات التي قام بها مرشّح حركة النهضة لرئاسة الحكومة الحبيب الجملي، مع مختلف الأحزاب والأطراف والتشكيلات الفاعلة والتي تؤثث المشهد السياسي. حاول الجملي تشريك كل الأطياف دون استثناء وبنفس المسافة وأعلن أن مصلحة تونس ونجاحها هي العامل الوحيد الذي سيتحكم في قراراته.
لم يبقى الكثير من الوقت في عدّاد الحبيب الجملي للإعلان النهائي عن مخرجات المشاورات ونتائجها وما أفرزته من قائمة اسمية سيتم عرضها لتنال ثقة مجلس نواب الشعب وتتحصل على 109 صوتا وتشرع في عملها الفعلي. انطلق الجملي في المفاوضات مع جميع الأطراف السياسية والاجتماعية لتشكيل الحكومة وإيجاد توافقات سياسية يوم 19 نوفمبر ومعه 60 يوما لإنجاز مهمته، وهاهو اليوم يقترب من ساعاته الأخيرة لكن وبحسب مواقف بعض الأحزاب فإن التشكيلة النهائية تكاد تكون واضحة.
بعد ماراطون مضني خاضه الجملي، صرّح اليوم الجمعة 06 ديسمبر 2019، بأن الإعلان عن تشكيل الحكومة سيكون نهاية الأسبوع القادم كأقصى تقدير وانه لن يكون هناك تجاوز للآجال الدستورية موضحا أن هذه الحكومة ستكون حكومة كفاءات وطنية قادرة على تحسين الأوضاع ومجابهة مختلف الإشكاليات التي تعاني منها البلاد في هذه المرحلة. وسبق له وأن بيّن بأنه سيكون فيها كفاءات شابة مع حضور ملفت للنساء وأن المفاوضات تتقدم بشكل جيد على مستوى الخطوط الكبرى للبرنامج الاقتصادي والاجتماعي.
يوم الثلاثاء 03 ديسمبر 2019، توجّه رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي بكلمة إلى الشعب التونسي وأكد أنه اعتمد طريقة جديدة في تشكيل الحكومة قائمة على إعداد برنامج للحكم يُعنى بمعالجة الوضع الاقتصادي والاجتماعي للبلاد قبل توزيع الحقائب الوزاريّة كما أنّه تمّ تكوين لجنة فنّية والتحاور مع كفاءات وطنيّة وخبراء وممثّلي الأحزاب لمدّة 15 عشر يوما، لوضع الخطوط العريضة لبرنامج الحكم الذي سيُعالج الإشكاليات الكُبرى بالبلاد على غرار الفقر والبطالة والتّفاوت بين الجهات واحترام الأمن ومقاومة الفساد. الجملي فسّر أنه بالتوازي مع إعداد برنامج الحكم تمّ التطرّق إلى إعادة هيكلة مركز الحكم بالقصبة بناء على التجارب السابقة التي أثبتت أنّ التركيبة الحالية للحكومة لم تستجب لمتطلّبات المرحلة، مشيرا إلى أنّ أشغال هذه الهيكلة الجديدة أشرفت على النهاية. وشدّد على ضرورة أن تكون وزارات السيادة محايدة وبعيدة عن كلّ التجاذبات السياسيّة لضمان نجاح الحكومة وأنّ توزيعها لن يكون قائما على المحاصصة الحزبيّة بل سيكون على أساس الكفاءة والنّزاهة والقدرة على التسيّير لقيادة الوزارات المعنيّة. وسيتمّ إسناد بعض الحقائب الوزاريّة لمستقلّين يختارهم رئيس الحكومة بكل حرية في إطار الانفتاح على كلّ الكفاءات بمختلف توجّهاتهم.
التيار الديمقراطي قرّر الانسحاب من مشاورات تكوين الحكومة القادمة وعدم المشاركة فيها، وأوضح أنه سيعقد ندوة صحفية للغرض ليعلن فيها عن قراره. وعلى ما يبدو فإن لقاء الأمين العام للتيار الديمقراطي محمد عبو برئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي مساء أمس الخميس وراء هذا القرار حيث أكد عبو أن عدم الجدية في المشاورات عجل بهذا القرار.
قرار التيار الديمقراطي تزامن مع موقف حركة الشعب التي قررت أيضا تعليق مشاوراتها مع الحبيب الجملي وعدم المشاركة في حكومته المنتظرة، إذ أعلنت في بيان لها عدم مشاركتها في حكومة الجملي، بسبب ما وصفته "عدم جديّة رئيس الحكومة في التّعاطي ايجابيّا مع المقترحات المقدّمة وإصراره على إعادة انتاج الفشل". الحركة اعتبرت أنها قدمت تصورات تضمن حد أدنى من النجاح في المرحلة القادمة وعبرت عن استعدادها لتحمل المسؤولية والمشاركة في الحكومة شرط تغيير منهجية تكوينها الشي الذي لم يحدث بل استمر المنهج القديم المعتاد في تشكيل الحكومات السابقة ولاحظت الحركة "غياب الجدية" و "الشروط الدنيا الضامنة للنجاح" الشيء الذي دفعها الى اعلان عدم مشاركتها في الحكومة القادمة. لذاك فقد تمسكت الحركة برفضها المشاركة في تعميق الأزمة الاقتصاديّة والاجتماعيّة وارتهان القرار الوطني للمحاور والدوائر الأجنبيّة.
حسب مصادرنا المقربة من رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي، يبدو أن ملامح الحكومة أصبحت واضحة على الأقل من حيث الشكل ومن حيث الحزام السياسي المكون لها.
فمن المنتظر دمج بعض الوزارات والتخلي على خطة كاتب دولة حيث لن يتجاوز عدد كتاب الدولة الأربعة مع تحييد وزارات السيادة قدر الإمكان. ووفق ذات المصدر فسيقتصر التحالف على حركة النهضة وقلب تونس وبعض المستقلين في حين سيصوت بعض النواب المتحزبين على الحكومة دون المشاركة مثل بعض نواب تحيا تونس.
ستضم الحكومة ثلاثة رؤساء حكومة سابقين على الأقل لما يملكونه من كفاءة ومعرفة بالوضع في تونس وسيتم تكليفهم بحقائب وزارية حساسة ومهمة. ونفس المصدر أكد لنا أن حكومة الجملي ستحظى بموافقة مجلس نواب الشعب بأغلبية مقبولة بعد أن تم الاتفاق مع أغلب الكتل فقد اختار البعض تحمل المسؤولية والتصويت على الحكومة حتى دون المشاركة فيها وتمكينها من "هدنة" سياسية محترمة قبل تقييمها والحكم لها أو عليها.
رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي الذي أكد سابق انه مستقل وأنّه لن يخضع لحركة النهضة، يبدو أنه غيّر بوصلته أو أن من جاء به إلى الحكم فرض عليه ذلك فوفقا لمعلومات كشفت عنها جريدة المجهر الأسبوعية وأكدتها مصادر خاصة لبيزنس نيوز، فان مجلس الشورى هو من سيختار الوزراء. رغم أن المنطقي، ووفق الدستور، أن الحبيب الجملي هو الشخص الوحيد المكلف بتشكيل حكومته الا انه في الحقيقة ليس الجملي من سيختار وزراء 2020.
وقد عقدت بالفعل ثلاثة اجتماعات للنظر في الموضوع وسيتم الكشف عن نتائج الأسماء في الأسبوع المقبل في موعد لا يتجاوز 15 ديسمبر كما هو منصوص عليه في الدستور. إن عشرة من صانعي القرار في تشكيل الحكومة، هم من قيادات النهضة: راشد الغنوشي وعلي العريض ونور الدين البحيري ونور الدين العرباوي وعماد الهمامي (المكتب السياسي للنهضة) بالإضافة إلى عبد الكريم الهاروني وسعيد الفرجاني والحبيب بريبش والطاهر بوبهري وجمال العوي.
ومن بين القرارات التي اتخذتها شورى الحركة الاسلامية أنه لن يكون هناك عضو منتخب في البرلمان في منصب وزير. قرار أزعج العديد من أعضاء حزب النهضة في المجلس الذين كانوا يأملون في الحصول على مقعد وزاري. هناك حديث أيضًا عن إبقاء بعض الوزراء الحاليين في حكومة حبيب جملي المستقبلية.
بظهور حكومة الحبيب الجملي بأسمائها المفروضة عليه والمعينة من طرف حركة النهضة سوف تتضّح الرؤيا عن مدى استقلاليته وإلى أي حدّ قادر على فرض توازن جديد خاصة أمام ارتفاع حدّة الانتقادات الموجهة له واتهامه بتلقي تعليمات من حركة النهضة وانه يفتقد للجديّة في التعامل مع الأطراف المخوّل لها رسم خريطة طريق المرحلة القادمة.
مروى يوسف
تعليقك
Commentaires