alexametrics
الأولى

المناظرات التلفزيونية - النزال قبل الأخير لبلوغ قرطاج

مدّة القراءة : 7 دقيقة
المناظرات التلفزيونية - النزال قبل الأخير لبلوغ قرطاج

 

لما كانت العملية الانتخابية تمثيلا للديمقراطية وتكريسا لسيادة الشعب، كان من البديهي توفير الشروط الكفيلة لإتمام هذه الديمقراطية على أكمل وجه، وإرساء مبدأ تكافئ الفرص بين المترشحين ومنح المساحة الكاملة للناخبين لإختيار مرشحهم. ومن هنا  كانت المناظرات التلفزيونية منذ ولادة عصر الصوت والصورة الأبيض والأسود ركيزة أساسية للانتخابات بهدف تعزيز الديمقراطية ومساعدة الناخبين على اتخاذ القرار في اختيار رئيسهم المقبل. وقد شهدت فرنسا أول مناظرة تلفزيونية بين مرشحين للانتخابات الرئاسية عام 1974 جمعت حينها فرانسوا ميتران وفاليري جيسكار ديستان الذي استطاع أن يقلب الموازين لصالحه من خلالها. ومنذ ذلك التاريخ أصبحت المناظرات التلفزيونية من أهم مراحل الحملات الانتخابية للمرشحين الذين يحاولون التأثير على الرأي العام وكسب أصوات الناخبين من خلالها وهو ما يجعل من المناظرة من أهم المحطات التي يستعد لها المترشحين لأنها قادرة على قلب الموازين وإعادة خلط الأوراق.


وستشهد تونس خلال ثاني انتخابات رئاسية في الجمهورية الثانية أول مناظرة تلفزيونية بين المترشحين للانتخابات بعنوان '' الطريق إلى قرطاج '' وسيكون نجاح هذه المناظرات على القناة الوطنية الأولى ممهدا لإجراء مناظرات في الانتخابات التشريعية القادمة في أكتوبر.

 

الوطنية الأولى تنظم المناظرات التلفزيونية

أكد الرئيس المدير العام للتلفزة الوطنية محمد لسعد الداهش أنّ المناظرات التلفزية بين المترشحين للانتخابات الرئاسية هي بمثابة حدث وطني، وهي سابقة أولى من نوعها في العالم العربي على مستوى الرئاسية.

وأوضح خلال ندوة صحفية عقدتها التلفزة الوطنية بالاشتراك مع الهيئة العليا للانتخابات والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، أن هذه المناظرة سيتم إعدادها بالشراكة بين مؤسستي الإذاعة والتلفزة التونسيتين والإذاعات والتلفزات الخاصة وأيضا بمبادرة من "مبادرة مناظرة". وستنطلق خلال الأسبوع الثاني من الحملة الانتخابية، وأفاد أنّ هذه الأخيرة ستقوم على مبدأ المساواة بين المترشحين والشفافية مبرزا أن الأسئلة لها دور في إثراء المشهد والمعرفة بالنسبة للمتلقي لتحديد اختياراته، مفيدا أنّ المناظرات ستكون مفتوحة للجميع وأنها ستتم وفقا لضوابط محدّدة.

وأعلن لسعد الداهش أن المناظرة ستكون في شكل ثلاثة حصص تلفزية تشمل مجموعة من الأسئلة يتم طرحها وذلك بحضور 10 مترشحين في كل حصة، وأنّ الحيز الزمني للمناظرة سيدوم ساعتين ونصف. وأكّد أنّ الأسئلة الموجهة إلى المترشحين سيتم إعدادها من قبل فريق عمل متكون من مؤسستي الإذاعة والتلفزة والإعلام الخاص، مبينا أن توزيع هذه الأسئلة على المترشحين سيكون وفق عملية القرعة بحضور عدل تنفيذ وممثلين عن الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري والهيئة العليا المستقلة للانتخابات. مؤكدا أن عملية مراسلة المترشحين للمشاركة في هذه المناظرات تقوم بها هيئة الانتخابات ومن يتغيب عن المشاركة سيبقى مكانه فارغا ومن يرفض المشاركة بعد اتصاله بالمراسلة لن يتم تخصيص مكان له. 

وأوضح حمادي الغيداوي المنسق العام للانتخابات في القناة الوطنية الأولى، أن المناظرات ستقوم على ثُنائي في التقديم امرأة ورجل، موضحا أنه في حال كان المقدم رجلا من التلفزيون الوطني فستكون امرأة من القطاع الخاص والعكس بالعكس.

وأكد حمادي الغيداوي أنه في صورة نجحت تجربة المناظرات في الانتخابات الرئاسية فإن الوطنية الأولى ستجري مناظرات في الانتخابات التشريعية.

وتضاف هذه الخطوة إلى التحرر الإعلامي الذي شهدته الصحافة بعد الإطاحة بنظام بن علي السلطوي الذي حكم بقبضة من حديد في المضامين الإعلامية، وفتحت الثورة الباب أمام طفرة إعلامية مع تحرر المضامين الإعلامية في سياق مرحلة جديدة لافتة.

لكن هذه الحرية تحدوها مخاطر محدقة أبرزها التوظيف السياسي وخدمة الأجندات السياسية الضيقة من طرف الإعلاميين خصوصا ممن سيشرفون على المناظرات وكذلك من سيقدمون برامج بالتزامن مع الحملة الانتخابية بمختلف المؤسسات الإعلامية.

 

تحذيرات من التوظيف السياسي وتلويث المشهد السياسي

وهو ما حذرت منه نقابة الصحفيين يوم 28 أوت  والتي نبهت من خطورة تلويث المشهد السياسي وتعويض المنافسة السياسية النزيهة والنقاش الجاد بصراع حاد وتكالب على السلطة وتوظيف لأجهزة الدولة إذ أصبحت وسائل الإعلام الفضاء الرئيسي لصراع يضرّ بالصالح العامة وبضرب الثقافة الديمقراطية وتنفّير المواطنين من المشاركة في الحياة السياسية والانتخابات، حسب نص البيان.

وأوصت النقابة مسؤولي التحرير في كل وسائل الإعلام بتحمل مسؤولياتهم الأخلاقية والمهنيّة في تقديم مضمون إعلامي موضوعي ومتوازن وحيادي وتفعيل كلّ آليات التعديل الذاتي، داعية الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري والهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى نجاعة أكبر في التعاطي مع تجاوزات وسائل الإعلام في تغطية المسار الانتخابي والتدخل الفوري في تفعيل صلاحياتهما.

 

نتائج القرعة بين المترشحين

 أعلنت مؤسسة التلفزة الوطنية مساء 31 أوت 2019 أن تقسيم مناظرات المترشحين للرئاسية السابقة لأوانها سيكون كالتالي : 

تبث الحصة الأولى  يوم 7 سبتمبر  2019 وتكون المناظرة بين عمر منصور،  محمد عبو، عبير موسي،  ناجي جلول، المهدي جمعة، نبيل القروي، محمد المنصف المرزوقي، عبيد البريكي وعبد الفتاح مورو. 

تبث الحصة الثانية  يوم 8 سبتمبر 2019 وتضم المجموعة من المتناظرين منجي الرحوي،  الياس الفخفاخ، محمد الهاشمي الحامدي، عبد الكريم الزبيدي،  محمد الصغير النوري، حمادي الجبالي،  محمد لطفي المرايحي،  حاتم بولبيار،  ومحسن مرزوق. 

وتضم المجموعة الثالثة التي  تبث حصتها  يوم 9 سبتمبر 2019 كلا من  قيس سعيد،  سليم الرياحي،  الصافي سعيد،  حمة الهمامي ، سيف الدين مخلوف، سعيد العايدي،  سلمي اللومي و  يوسف الشاهد.

 

ولعل الأمر البارز من خلال هذه القرعة هو وجود الأضداد لأول مرة وجها لوجه خصوصا رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي و مرشح حركة النهضة للرئاسية عبد الفتاح مورو. علاوة على إرسال هذا المشهد لرسالة جوهرية قيمة داخل وخارج تونس وهي صحة الديمقراطية التونسية وسيرها نحو التجذر فهي أيضا فرصة المترشحين للمواجهة ولإعطاء الناخب حقه في اتخاذ موقفه في علاقة بالمرشحين المذكورين وغيرهم. فالمناظرات من شأنها لخبطة كل الأوراق حتى سبر الآراء والاستطلاعات طبعا دون الخوض فيها احتراما للقانون، ولعل فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على منافسته هيلاري كلينتون في الدور الثاني للرئاسية خير دليل، بعد أن كانت تسبقه لكن المناظرة التلفزية وملفات الفساد التي ووجهت بها كلينتون قبيل الحملة وتصاعد اليمين المتطرف في أوروبا ساهم في هزيمتها.

في تونس الصورة لم تتكون بعد باعتبار أن الحملة الانتخابية تنطلق يوم غدّ 02 سبتمبر وستكون المحرك للوعي السياسي من خلال مخاطبة الناخبين وطرح البرامج، إلى جانب المناظرة التي سيكون فيها البقاء للأبرع فصاحة وخطابة وإقناعا وتميّزا، ستبيّن المناظرات الأجدر على المحاججة والإقناع.

 

الطريق إلى قرطاج هذه المرة سيمر عبر بوابة المناظرات التلفزيونية ليكون هذا الاستحقاق الانتخابي أكثر شفافية وتكافئا للفرص بين المترشحين جميعا وأكثر مفاجآت وخلطا للأوراق وهي الفرصة لكل مترشح ليدلو بدلوه. ولعّل المفصل فيه سيكون الخطاب السياسي الأكثر إقناعا والأكثر قدرة على استيعاب الناخبين، وسيواجه العثرات من لا يجيد الخطابة، لأن المناظرات ستكون حلبة المعركة الديمقراطية الأولى التي ستغير المعطيات وتغيّر المواقف وتشكل وعيا سياسيا مختلفا.

الطريق إلى قرطاج سيكون تحت يافطة السلطة الرابعة لتكون المناظرات التلفزيونية النزال قبل الأخير بين المترشحين لبلوغ قرطاج.

 

سناء عدوني

 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter