alexametrics
الأولى

ماذا جاء في الدستور الصغير لقيس سعيد ؟

مدّة القراءة : 3 دقيقة
ماذا جاء في الدستور الصغير لقيس سعيد ؟

 

صدر بالرائد الرّسمي للجمهورية التونسية، أمس 22 سبتمبر الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 والمتعلّق بالتدابير الاستثنائيّة التي اتخذها رئيس الجمهوريّة. في نظرة أولى للبلاغ الصادر على صفحة الرئاسة، استقرئت النقاط الخمس على أساس اعلان لتدابير انتقالية، لكن صدور الاربعة أبواب الاضافية مُفصّلة في 23 مادّة- تجاوزت الاعلان فقط عن تعليق غير صريح للدستور وامتداد لروح الفصل 80، الى استبداله النهائي بدستور مصغّر يعيدنا الى اعلان التنظيم المؤقت للسلط العمومية الذي عشناه في 2011.


بعد نصف التعليق للدستور الذي ألغى نفسهُ بنفسه لأنه وفق سعيد "كتب بعقل حزبي" ستجمعُ السلط في قصر قرطاج الى حين تعيين رئيس حكومة تُفوض له صوريا السلطة التنفيذية. بالنظر لمحتوى الفصول الثلاثة والعشرين ما يُمكن استشرافه هو أنّ الخطوات القادمة هي تعيين 'وزير أول' من المقربين لسعيد وفريق حكومي مصغّر يتماهى مع سياسة الرئيس، وتعيين لجنة خبراء تُعنى باضفاء مصداقية شكلية للتعديلات الفردية التي سيعرضها الرئيس في الأسابيع القادمة على الاستفتاء، مع عدم امكانية الطعن واغلاق كلّ منافذ الرفض القانونية.


الباب الأول: مواصلة تعليق اختصاصات البرلمان

 

في هذا الباب الأوّل وقّع قيس سعيد شهادة وفاة برلمان 2019 ناصّا على مواصلة تعليق جميع اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة البرلمانية عن جميع أعضاء مجلس نواب الشعب، مع وضع حدّ لكافّة المنح والامتيازات المسندة لرئيس المجلس وأعضائه.

الباب الثاني: إصدار النصوص التشريعية في شكل مراسيم

في 4 فصول، عيّن قيس سعيد نفسه مكلفا بالسلطة التشريعية ليصبح إصدار النصوص ذات الصبغة التشريعية في شكل مراسيم يختمها رئيس الجمهورية، ويأذن بنشرها بالرائد الرسمي وذلك بعد مداولة مجلس الوزراء الذي لم يعين بعد، والذي سيعينه قيس سعيد و يرأسه قيس سعيد- ليكون مثل "لجنة الخبراء المكلفة بالتعديلات" واجهة لاضفاء مصداقية على قرارات سيتخذها بنفسه.

ولن يكون سعيد الحاكم بأمره في مجالات الادارة وتسيير الدولة فقط بل تتعدى المراسيم الرئاسية ذلك الى : الموافقة على المعاهدات، وتنظيم العدالة والقضاء، وتنظيم الإعلام والصحافة والنشر وتنظيم الأحزاب والنقابات والجمعيات والمنظمات والهيئات المهنية وتمويلها، إضافة الى تنظيم الجيش وقوات الأمن الداخلي والديوانة، والقانون الانتخابي، والحريات وحقوق الانسان، والأحوال الشخصية، والأساليب العامّة لتطبيق الدستور... مما يعني أن الهيئات الرقابية جميعها ستكون تحت سلطته.

كما تتعلق هذه النصوص بالواجبات الأساسية للمواطنة، والسلطة المحلية، وتنظيم الهيئات الدستورية، والقانون الأساسي للميزانية، وإحداث أصناف المؤسسات والمنشآت العمومية، والجنسية، والالتزامات المدنية والتجارية والاجراءات أمام مختلف أصناف المحاكم وضبط الجنايات والجنح والعقوبات، والعفو العام، وضبط قاعدة الأداءات والمساهمات ونسبها واجراءات استخلاصها.

كما سيكون لسعيد السلطة في اصدار المراسيم بنظام إصدار العملة، والقروض والتعهدات المالية للدولة، وضبط الوظائف العليا، والتصريح بالمكاسب، والضمانات الممنوحة للمدنيين والعسكريين، وتنظيم المصادقة على المعاهدات، وقوانين غلق الميزانية، والمصادقة على مخططات التنمية، إضافة إلى المبادئ الأساسية لنظام الملكية والحقوق العينية، والتعليم والبحث العلمي والثقافة والصحة العمومية والبيئة والتهيئة الترابية والعمرانية والطاقة، وقانون الشغل والضمان الاجتماعي.


الباب الثالث: السلطة التنفيذية


وفق هذا الباب، يتولى رئيس الجمهورية تمثيل الدولة وضبط سياستها العامة واختياراتها الأساسية.


وتضمّن هذا الباب جملة أساسية هي "لرئيس الدولة أن يفوض كامل هذه السلطة أو جزءا منها إلى رئيس الحكومة" أي أن رئيس الحكومة يستمد صلاحياته (ووجوده) من رئيس الجمهورية نفسه ويمكن للرئيس أن يحدد وظائف هذا الأخير وفق المجالات التي يقرر التفويض له فيها- ستكون كذلك، سلطة منقوصة كرتونية أشبه بوزير أول يضفي القليل من المصداقية على ما سيقرره الرئيس، بمفرده.
تتكون الحكومة التي يستعد قيس سعيد للاعلان عنها من رئيس وزراء وكتاب دولة يعينهم رئيس الجمهورية.

ما هو دور الحكومة تحت حكم قيس سعيد؟ أن تسهر على تنفيذ السياسة العامة للدولة طبق التوجهات والاختيارات التي يضبطها قيس سعيد.. أمّا رئيس الحكومة فيسيّر الحكومة وينسق أعمالها ويتصرف في دواليب الإدارة لتنفيذ التوجهات والاختيارات التي يضبطها قيس سعيد...

ينص هذا الباب على أن رئيس الجمهورية سيمارس القيادة العليا للقوات المسلحة وإشهار الحرب وإبرام السلم بعد مداولة مجلس الوزراء.
كما سيكون لقيس سعيد سلطة إحداث وتعديل وحذف المؤسسات والمنشآت العمومية والمصالح الإدارية وضبط اختصاصاتها وصلاحياتها.
وسيكون لرئيس الدولة في هذه النسخة المشوهة من الدستور سلطة إقالة عضو أو أكثر من أعضاء الحكومة أو البت في استقالته، مع التعيين والإعفاء في جميع الوظائف العليا، والمصادقة على المعاهدات، والعفو الخاص.

ورد في هذا الباب، أنّه عند شغور منصب رئيس الدولة بسبب الوفاة أو الاستقالة أو العجز التام، يتولى فورا رئيس الحكومة القيام بمهام رئاسة الجمهورية إلى غاية تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة، ويؤدي اليمين الدستورية أمام مجلس الوزراء. وللاشارة فانه في دستور 2014 في حالة شغور الرئاسة يؤول المنصب الى رئيس مجلس النواب (أي راشد الغنوشي).

و إذا حصل لرئيس الحكومة في نفس الوقت مانع لسبب من الأسباب، يتولى وزير العدل بصفة وقتية القيام بمهام رئيس الجمهورية.
وفي الحالتين، تجرى انتخابات لاختيار رئيس الجمهورية في أجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه تسعون يوما من تاريخ الشغور، على أن يؤدي القائم بمهام رئيس الجمهورية اليمين المنصوص عليها بالفصل 76 من الدستور.
وفق هذا الباب ورد جزء رئيسي من خطة رئيس الجمهورية، الاستفتاء الشعبي الذي لمّح له لأكثر من مرة :
يمكن لرئيس الجمهورية وفق الفصل 15 من هذا الأمر الرئاسي، أن يعرض على الاستفتاء أي مشروع مرسوم، وإذا ما أفضى الاستفتاء إلى المصادقة على المشروع، فإن رئيس الجمهورية يصدره في أجل لا يتجاوز 15 يوما من تاريخ الإعلان عن نتائج الاستفتاء.

الباب الرابع: إلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين

في هذا الباب يتجلى الجزء الثاني من المشروع السياسي لقيس سعيد، مشاريع تعديلات متعلقة بالإصلاحات السياسية.
أي بالإضافة إلى إلغاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين، نص هذا الباب على أن يتولى رئيس الجمهورية إعداد مشاريع التعديلات المتعلقة بالإصلاحات السياسية.
كيف؟ بالاستعانة بلجنة يتم تنظيمها بأمر رئاسي. أي أن سعيد سيجمع ثلّة من أصدقائه لكتابة التعديلات الهادفة إلى التأسيس لنظام "ديمقراطي حقيقي يكون فيه الشعب صاحب السيادة ومصدر السلطات ويمارسها بواسطة نواب منتخبين أو عبر الاستفتاء، ويقوم على أساس الفصل بين السلط والتوازن الفعلي ويكرس دولة القانون، ويضمن الحقوق والحريات، وتحقيق أهداف ثورة 17 ديسمبر 2010 في الشغل والحرية والكرامة".
وستعرض جميع مخرجات عمل هذه اللجنة على الاستفتاء للمصادقة عليها.

 


هذا المشروع ليس وليد اللحظة وليس ردّ فعل سياسيّ على خطر داهم، انّه النسخة صفر عن النظام السياسي الجديد: نظام رئاسي 'متوازن'، تدعمهُ الديمقراطية القاعدية والياتها: الاستفتاء والانتخابات. انّه تحقيق لحُلم رئيس مُعارض يعيش أسعد أيّـــامه.

 

عبير قاسمي

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter