قرار إقالة رئيس هيئة مكافحة الفساد: رفض سائد و شوقي الطبيب يطعن
منظمات وطنية ودولية ترفض إقالة شوقي الطبيب
أثار قرار رئيس حكومة تصريف الأعمال الياس الفخفاخ إقالة رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد شوقي الطبيب ردود أفعال متباينة استهجنت في أغلبها هذا القرار الذي اعتبرته خارجا عن كل الأعراف و التقاليد و مسا لهيبة الدولة و ضربا لمفهومها في مقتل، و اعتبرته حلقة أخرى من حلقات مسلسل تضارب المصالح و استغلال السلطة و الانتقام و التشفي و التعسف في استخدام السلطة حسب ما أكده رؤساء كلّ من الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحرّيات الأساسيّة، والهيئة الوطنيّة لحماية المعطيات الشخصيّة، والهيئة العليا المستقلة للانتخابات، والهيئة العليا للاتصال السّمعي والبصري، والهيئة الوطنيّة للوقاية من التعذيب، والهيئة الوطنيّة لمكافحة الاتّجار بالأشخاص، وهيئة النفاذ إلى المعلومة في بلاغ مشترك صدر أمس الثلاثاء 25 أوت 2020 عبروا فيه عن رفضهم لقرار رئيس حكومة تصريف الأعمال إلياس الفخفاخ بإقالة شوقي الطبيب، باعتبار أنّ المرسوم عدد 120 لسنة 2011 لا يخوّل له كسر ولاية رئيس هيئة مكافحة الفساد التي تدوم ستّ سنوات مسترسلة دون قطع ودون تجديد.
- رفض لقرار الفخفاخ
قرار رئيس حكومة تصريف الأعمال الذي اتّسم حسب توصيف الممضين على البيان بالرّجعيّة وجانب الذوق الرّفيع وأخلاقيّات التعامل بين السّلطة التنفيذيّة والهيئات الرّقابيّة المستقلّة اعتبروه ضربا لقيم الدولة و تشريعا خطيرا في فقه ممارسة الحكم لأنه يتعلق بتصفية حساب شخصي باستعمال آليات الدولة بعد تعهّد الهيئة الوطنيّة لمكافحة الفساد بملف يخصّ رئيس حكومة تصريف الأعمال يتعلق بتضارب المصالح فالفخفاخ أبى إلا أن يخرج من الباب الصغير بعد إقالة رئيس الهيئة الذي كان له دور في خروجه من الحكم دون أي شكل من أشكال المحاكمة و دون إيضاح او تفسير بعد ان أرفق قرار الإقالة بقرار أخر في التفقد كنوع من أنواع نثر الرماد على العيون و الإيهام بجدية القرار و خلوه من أي نوع من أنواع تصفية الحسابات و للإيهام بان شوقي الطبيب فاسد وجب محاسبته على ما اقترفه.
أستاذ القانون الدستوري العميد الصادق بلعيد أكد في تصريح إعلامي نقلته بزنس نيوز أمس الثلاثاء أن قرار إعفاء رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد شوقي الطبيب “لا دستوري” و دعا للإسراع بالطعن فيه لدى المحكمة الإدارية للابتعاد عن التجاذبات لدى الرأي العام.
و أضاف بلعيد أن رئيس حكومة تصريف الأعمال الياس الفخفاخ تجاوز صلاحياته كرئيس حكومة مستقيل مكلف بتصريف الأعمال و تعسف على القانون و على مفهوم تصريف الأعمال و استعمل سلطة رئيس الحكومة لتصفية حساب مع من يعتبرهم أعداء له .
وشدد بلعيد على ان الفخفاخ لا يملك الحق دستوريا لإتخاذ مثل هذه القرارات لافتا الى ان دوافع القرار أسباب شخصية وإرادة انتقامية من رئيس الهيئة شوقي الطبيب وردة فعل على إحالة ملف تضارب المصالح لدى الياس الفخفاخ.
في نفس السياق أكد كمال الجندوبي الرئيس السابق للهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تصريح إعلامي نقله راديو نزاهة أمس الثلاثاء ان قرار اقالة رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد شوقي الطبيب مفاجئ و فضيحة كبرى بالنسبة للدولة و اضاف انه كان ينتظر من رئيس حكومة تصريف الأعمال الياس الفخفاخ ان يترفّع عن مثل هذه القرارات التي قال إنها تذكّره بالقرارات العقابية للدكتاتوريين على غرار بن علي وبمرحلة وصفها بالأليمة لما كان على رأس هيئة الانتخابات سنة 2012 وشنت الترويكا والتي كان الفخفاخ ضمنها حملة تشويه وصفها بـ”الرهيبة” عليها لتبرير ازاحتها.
كما عبّرت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في بيان نشرته أمس الثلاثاء عن استغرابها واستنكارها الشديدين لقرار رئيس حكومة تصريف الأعمال إلياس الفخفاخ إقالة العميد شوقي الطبيب من رئاسة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد و رفضها لهذا القرار لما يمثله من انتهاك لاستقلالية هيئة مكلفة بمهام مكافحة الفساد، معتبرة القرار ردّة فعل انتقامية ثأرية من رئيس حكومة تصريف الأعمال على تقرير الهيئة في 2 جويلية 2020 الذي أكد ثبوت شبهة تضارب المصالح وفساد تعلقت برئيس الحكومة إلياس الفخفاخ.
ودعت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان رئيس الجمهورية الضامن لاحترام الدستور إلى تعليق هذا القرار ودعوة الفخفاخ للتراجع عنه احتراما لاستقلالية الهيئات الدستورية وتجنيب العمل السياسي الترذيل والتبخيس مؤكدة في الوقت نفسه تضامنها مع هيئة مكافحة الفساد وشوقي الطبيب وبقية الهيئات الدستورية المستقلة في مواجهة ما اعتبرته سلوك التسلط من رئيس حكومة تصريف الأعمال غير مؤهل دستوريا لاتخاذ هذا القرار، وفق نص البيان.
- طعن و انتظار مآل قرار إيقاف التنفيذ
التقى اليوم الأربعاء 26 أوت 2020 رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بمقر الهيئة فريقا من هيئة الرقابة العامة للمصالح العمومية الذي أمده بنسخة من إذن بمأمورية صادر عن وزير الدولة لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية والحوكمة ومكافحة الفساد مفاده إجراء تفقد لبعض أوجه التصرف الإداري والمالي بالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد حسب ما جاء في بلاغ نشرته الهيئة اليوم الاربعاء.
وأعلم رئيس الهيئة الفريق بأن هذا الإذن سيعرض على أنظار مجلس الهيئة الذي سينعقد مساء هذا اليوم وعلى ضوء ذلك سيتم اتخاذ القرار المناسب في شأنه.
كما التقى شوقي الطبيب اليوم بخلفه عماد بوخريص الذي وقع تعيينه من طرف رئيس حكومة تصريف الأعمال رئيسا للهيئة، وتناول اللقاء مآل القرار الحكومي المشار إليه بعد الطعن فيه من قبل رئيس الهيئة، وقد تم الاتفاق بين الطرفين على انتظار مآل مطلب توقيف التنفيذ.
قرار رئيس حكومة تصريف الأعمال بإقالة رئيس هيئة مكافحة الفساد بقدر ما فيه من سلبيات و تهديد لمؤسسات الدولة و للديمقراطية فيها و بقدر ما يحتويه من تهديد مباشر و رسائل سلبية بأن من يطبق القانون يكون جزائه الإقالة و العقاب، له ايجابيات أيضا فقد كشف أن للدولة مجتمع مدني قوي و منظمات وازنة و إعلام مستقل يحميها و كشف أيضا أن مهما كان صاحب القرار يمكن الطعن فيه و لا علوية الا للقانون و للدولة بقطع النظر عن نتيجة الطعن و بقطع النظر عن رئيس الهيئة نفسه فقد تأكد ان المنظمات و المجتمع الدولي لا يدافع عن الأشخاص بل يدافع عن المؤسسات و هيبة الدولة.
حسام بن احمد
تعليقك
Commentaires