لطفي العبدلي يـــُــعرّي التونسيين
إيقاف عرض لطفي العبدلي – توضيحات وزارة الداخلية
فيديو : هذا المقتطف من مسرحية العبدلي الذي تسبّب في حالة تشنج في صفوف بعض الأمنيّين
لا حديث على شبكات التواصل الاجتماعي التونسية سوى بشأن تدخل قوات الأمن في عرض مسرحيّ لطفي العبدلي. بين من يدافعون عن حرية التعبير ومن يدافعون عن الأخلاق الحميدة يحتدم "الجدل".
كان يوم الأحد 7 أوت بداية الأمر حيثُ شارك الممثل الكوميدي لطفي العبدلي صباحا مقطع فيديو يعد فيه جمهور ولاية صفاقس بعرض لا مثيل، لكن حين جاء المساء ، لم تسر الأمور كما هو مخطط لها. لطفي العبدلي كان وفيا لنفسه وطريقته المستفزّة في سرد الطرائف وتحويل مشاهد عاديّة الى مشاهد كاريكاتيرية وجعل الشارع والعائلة التونسية مصدر تندّر وسخريّة ، رجل فكاهيّ قد يمرّر ايحاءات بين الأسطر باستخدام معجم معيّن أو إشارات، لا يفشل الجمور في التقاطها- وهكذا كان جمهور صفاقس، قرابة 5000 متفرج لم يتوقفوا عن الضحك خلال ساعة ونصف.
المفارقة أن نفس الشخص الذي ينطق بكلمات بذيئة في الشارع ويضحك بصوت عالٍ لنكت الكوميديين الأجانب الوقحين ، يصبح فجأة متشددًا ومدافعًا عن الأخلاق الحميدة عندما يجرؤ فنان تونسي على الأمر ذاته على شاشة التلفاز، المسرح ،أو السينما. نفس التونسي الذي يشترك في المنصات العالمية لبثّ الأفلام والمسلسلات التي قد تتضمن مقاطعا إباحية أو قصصا لأحبّاء من نفس الجنس وأفلاما تدافعٌ عن حقوق المثليين ومجتمع الميم، يرفض بشكل قاطع مشهد عاريا على قناة تونسية أو حتّى ذكرا عرضيا لمسألة المثلية الجنسية. هذا التونسي نفسه الذي لا يهتم للملابس الخفيفة التي يرتديها السياح في الصيف ولكنه يرغب في تغطية مواطناته من الرأس إلى أخمص القدمين ويهينهم في الشارع اذا كان لباسا مختلفا...
لقد تمرد لطفي العبدلي ولفظ الكلمات البذيئة ، ولمح بطريقة فضّة، وألقى بأصابعه الوسطى. وفقًا لمقاطع الفيديو التي تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي ، ضحك الالاف في المسرح الذي يُقام فيه العرض بيما فضل آخرون المغادرة في هدوء.
"الصفاقسية محافظون ويحبذون الخروج إلى المسرح مع عائلاتهم ، لا يتوجب عليهم تحمل هذا النوع من الابتذال! لطفي العبدلي لم يحترم الجمهور ، ولطفي العبدلي لم يحترم العائلات وكان مبتذلا، "هذا ما قاله أحد منتقديه.
ولكن ما الذي كان يفعله هؤلاء في عرض يقدمه شخص يعتمد على هذه الطريقة منذ سنوات؟ هل كانوا يتوقعون رؤية موليير عندما ذهبوا لرؤية العبدلي؟ أولئك الذين يدفعون مقابل مشاهدة العبدلي على خشبة المسرح يعرفون جيدًا سجل الفنان وطريقته غير 'المحتشمة' في النقد.
المشهد الذي نرى فيه الإصبع الأوسط كان النقطة التي أثارت الجدل ، لأن هذا الإصبع لم يكن موجهًا إلى أي شخص فحسب ، بل كان موجهًا إلى رئيس الجمهورية والحكومة ومختلف مسؤولي الدولة، وألأمن والحرس... في لحظات، تقتحم قوات الأمن المسرح ويتعرض المنتج محمد بوذينة للاعتداء الجسدي. الجميع يفزع، الجمهور في حالة من الفوضى بسبب إيقاف مفاجئ للمسرحية وقوات الأمن تهدد الممثل والصحفيين الحاضرين.
وماهي الا ساعات حتى تتالت تصريحات النقابات الأمنية التي دعت إلى التوقف عن تأمين عروض لطفي العبدلي، ثم يصرح نقابي أمني إن الشرطة موجودة للحفاظ على الأخلاق الحميدة والذوق الرفيع ، ومن الآن فصاعدًا ، سينسحبون في كل مرة لا يحترم فيها الفنان الذوق العام!
وزارة الداخلية، من جانبها تنفي رفض القوات الأمنية تأمين عرض لطفي العبدلي ، وتشير إلى أن الأخير هاجم المؤسسة الأمنية بإيماءة بذيئة ، الأمر الذي أثار حفيظة الوحدات المنتشرة لتأمين العرض. وأضافت أن الأمنين أمنوا المسرحية حتى نهاية العرض و رافقوا الممثل الكوميدي إلى النزل. أما النيابة العمومية فأمرت بفتح تحقيق في ملابسات الحادث.
العديد انتقدوا خطورة ما يحدث متساءلين عن حق الأمنيين في التدخل في محتوى العمل الفني..هناك ممارسات جديدة تحدث أمام أعيننا بمباركة وزارة الداخلية.
لم تتدخل الشرطة أبدًا في الماضي للحكم على جودة عمل فني.
للشرطة مهمة محددة جيدًا بموجب القانون ، في كل مكان في العالم. إنها هناك لتأمين الأمن العام. إذا قام فنان بتشويه سمعتها أو إهانتها ، فكل ما عليها فعله هو تقديم شكوى للقضاء!
فيما يتعلق بجودة أعمال لطفي العبدلي ، فإن الجميع أحرار في الحكم عليه بأنه مبتذل. لكن ، على حد علمنا ، لم يجبر العبدلي أحداً على الذهاب لرؤيته! سجله الفني معروف ولا يجب على المتشددون وغيرهم من النخب إلا مقاطعته!
أما بالنسبة للأمنين ، فإن رد فعلهم تجاه الإصبع الأوسط يبدو مبالغا فيه. ليست هذه هي المرة الأولى التي تتعرض فيها الشرطة لانتقادات لاذعة من الفنانين. ما أزعج شرطتنا مساء الأحد هو أن لطفي العبدلي هاجم رئيس الجمهورية بشكل مباشر.
بمسرحيته 'البذئية' التي حضرها الاف المتفرجين، كشف لطفي العبدلي عن انفصام الشخصية لدى التونسيين وانتهازية الأمنيين
وكان شاهدا على وفاة حريّة التعبير في تونس.
ترجمة عن النص الفرنسي
تعليقك
Commentaires