قانون المالية 2022: إجراءات غير شعبية لن تُكسب الدولة سوى الفُتات
تفاصيل واجراءات قانون المالية 2022 (مقال محين)
أخيرًا تم الكشف عن قانون المالية 2022، بعد تأخير شهرين ودون أي نقاش، أو مداولات، أو تصويت. قانون يحثّ التونسيين على دفع ضرائبهم والتزام الصمت دون أي سؤال حول مصير أموالهم وكيفية التصرف فيها.
قراءة سريعة لهذا القانون تبين أنه تمت صياغته على عجل، دون مراعاة الـتأثيرات الناتجة عن كل فصل من هذا القانون.
ما الهدف من اتخاذ قرارات إذا لم يكن لها تأثير حقيقي على أرض الواقع؟ ما فائدة تحفيز المستثمرين باجراءات مضحكة، وما هو تأثير العفو الجبائي المزعوم على صورة البلاد؟
لنبدأ بقرار فرض 100على كل توصيل شراء في المساحات الكبرى.
وبافتراض أن عشرة ملايين تونسي سيحضرون كل أسبوع بالمساحات الكبرى للتسوق، نحصل على رقم 530 مليون تذكرة شراء خلال سنة ، أي بقيمة 53 مليون دينار اضافية. لم كل هذا العناء من أجل هذه النتيجة؟ هل تستحق هذه المليمات كل هذا العناء؟
بما أن السلطة مجبرة على اتخاذ قرارات غير شعبية ، دعها على الأقل تعبّئ شيئًا ما في خزائنها، عندما نعلم أن ميزانية الدولة تبلغ 57 مليون دينار فقط...من الناحية السياسية، لا يمكنك اتخاذ قرار غير شعبي لزيادة أرباحك بنسبة 0.0092 بالمائة ، هذا غير منطقي!
إجراء آخر لا يحظى بشعبية والذي لن يولد الكثير للدولة، زيادة معاليم الجولان. هناك ما يقرب مليون سيارة على الطرقات.
تضمن الفصل 55 ،من المرسوم المتعلق بقانون المالية لسنة 2022 الجديد، الترفيع في مبالغ معلوم الجولان الموظف على السيارات .
- السيارات التي لا تفوق قوتها 4 خيول جبائية 65 دينارا.
- السيارات التي قوتها 5 أو 6 أو 7 خيول جبائية 130 دينارا
- السيارات التي قوتها 8 أو9 خيول جبائية 180 دينارا
- السيارات التي قوتها 10 أو 11 خيول جبائية 230 دينارا.
- السيارات التي قوتها 12 أو 13 خيول جبائية 1050 دينارا
- السيارات التي قوتها 14 أو 15 خيول جبائية 1400 دينارا
- السيارات التي تعادل أو تفوق قوتها 16 خيول جبائية وكذلك السيارات من نوع رياضي مهما تكن قوتها، 2100 دينارا.
نظرًا لأن وزارة المالية لم تشرح مقدار الربح الذي ستكسبه كل فئة ، فلنفترض أن 100 بالمائة من المركبات في تونس تبلغ 15 حصانا حينها لن يدر الاجراء سوى مائة مليون دينار. وبالتالي ، فإن الزيادة ستجلب 0.175 بالمائة بالكاد من ميزانية الدولة.
فيما يتعلق بالإجراءات التي ليس لها تأثير حقيقي على المدى القصير على الأقل نذكر خفض معاليم الديوانة إلى 50 بالمائة للمركبات الهجينة و 100 بالمائة للسيارات الكهربائية.
هذا القرار يعطي الانطباع بأن دولتنا العزيزة تفكر في البيئة وتشجع التونسيين الى الهجرة إلى السيارات الكهربائية والهجينة. الواقع مختلف تمامًا ، لأنه بشكل ملموس هناك عدد قليل جدًا من الشركات التي تسوّق هذه المركبات في الوقت الحالي. هناك تحديات يواجهها مصنعو السيارات في جميع أنحاء العالم اليوم منها التأخير في شراء قطع الغيار بسبب الأزمة الصحية.
ولكن حتى عندما يكون المصنعون جاهزين ويكون التجار مستجيبين فمن الجيد الإشارة إلى أنه لا تكاد توجد أي بنية تحتية متاحة للسيارة الكهربائية في تونس.
لنفرض أن محطات المحروقات ستستجيب وتوفر هذه المحطات لتزيود السارات بالكهرباء، نعلم جميعًا أن شركة الكهراء والغاز التي تعاني مشاكلا مالية ليست جاهزة لتزويد هذه المحطات.
اجراء آخر لا سيكون له تأثير سلبي للغاية ويشوه صورة البلاد على المستوى الدولي. العفو الجبائي...
ينتفع الأشخاص الطبيعيون الذين بحوزتهم مبالغ متأتية من أنشطة خاضعة للأداء وغير مصرح بها والذين يقومون بإيداع هذه المبالغ في أجل أقصاه موفى شهر جوان 2022 بحساب بنكي أو بريدي، بإبراء ذمتهم من الناحية الجبائية وذلكفي حدود المبالغ المودعة على أن يتم دفع ضريبة تحررية بنسبة 10% من المبالغ.
وهكذا، بين عشية وضحاها يمكن للمهرببين وتجار المخدرات والأسلحة ، والإسلاميين الذي دفعوا بالشباب للسفر إلى سوريا ، أن يصبحوا "نظيفين" في أعين الدولة.
ماذا سيكون موقف التونسيين ممن كانوا مواطنين صالحين دفعوا، على الأقل ، 15٪ من دخلهم للدولة طوال حياتهم؟ ماذا نفعل بالشركات التي دفعت ما يصل إلى 35٪ من أرباحها للدولة ؟
هذا الإجراء هو عملية تبييض لجميع المحتالين والمهربين والمخالفين الضريبيين . وبهذا الإجراء تصبح تونس دولة تشجع غسيل الأموال. مع العلم أن رئيس الجمهورية لم يترك فرصة ليذكر فيها أنه موجود لمحاربة الفساد واللصوص ، المؤكد أن التونسيين الفاسدين سيشكرون قيس سعيد وسهام بوغديري على هذه الفرصة التاريخية.
لقد فعلت الإدارة التونسية ما في وسعها. من المؤكد أن النسخ المقترحة لقانون المالية كانت تحمل فصولا معقولة وذات آثار إيجابية مباشرة على الميزانية وعلى فئات اجتماعية معينة. ماذا حدث ؟ بالتأكيد تم إرسال مشروع القانون إلى قصر قرطاج ورفض من قبل رئيس الجمهورية مع العلم أن قيس سعيد غالبا ما يخلط بين الملايين والمليارات وهكذا انتهى بنا الأمر بقانون المالية 2022.
قانون يُدرج في سجلات التاريخ كأول قانون يتم نشره دون مناقشة عامة ودون تمريره على أنظار المجلس، ودون أيّ تصويت...إذا كان هناك برلمان ومداولات خلال جلسة عامة لكان قانون المالية لعام 2022 قد تم تعديله من الألف إلى الياء.
ترجمة عن النص الفرنسي
تعليقك
Commentaires