من الخارج : قيس سعيد يبحث عن مساندين لنظامه
يعول رئيس الجمهورية قيس سعيد كثيرا على زيارته للولايات المتحدة الامريكية في اطار مشاركته في القمة الامريكية الافريقية . زيارة تأتي بعد أيام من مشاركته في القمة العربية الصينية في الرياض و لقاءه الرئيس الصيني شي جينبينغ . وهي زيارات يسعى من خلالها الرئيس التونسي الى كسب حلفاء جدد و كسر العزلة الدولية التي يتهمها بها معارضيه.
و مجددا يبحث الرئيس قيس سعيد عن التبرير و التفسير و التأويل. و لا يزال الى اليوم يتحدث الأسباب التي دعته الى اتخاذ إجراءات يوم 25 جويلية 2021 و التي قام بمقتضاها بإعفاء رئيس الحكومة و تجميد البرلمان قبل حله في شهر مارس 2022.
و هو ما يظهر في اللقاء الذي جمعه امس بوزير الخارجية الامريكية انتوني بلينكن حيث أنه و نقلا عن بيان قرطاج خصص هذا اللقاء " لبيان حقيقة الأوضاع في تونس ودحض الادعاءات والأراجيف التي تنشرها بعض الأطراف المعلومة بغرض الإساءة إلى صورة تونس في الخارج، ولإبراز، كذلك، أهمية تمكين الشعب التونسي صاحب السيادة من ممارسة حقه في التعبير بكل حرية عن إرادته عن طريق الانتخابات المبرمجة ليوم 17 ديسمبر الجاري ". و أضاف البيان : " كانت المحادثة مناسبة للتطرق إلى العلاقات التاريخية والمتينة بين تونس والولايات المتحدة الأمريكية ولما يتقاسمه البلدان من إيمان راسخ بقيم الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وضمان الحريات في إطار ما يكفله الدستور والقانون ".
من جانبه جدد انتوني بلينكن التزام الولايات المتحدة العميق بالديمقراطية التونسية ودعمها لتطلعات الشعب التونسي إلى مستقبل ديمقراطي و واعد. وأكد بلينكن "دعم الولايات المتحدة القوي للاقتصاد التونسي وسط الأزمة الاقتصادية الحالية التي تعيشها البلاد " و التي تفاقمت بسبب الغزو الروسي. وشدد انتوني بلينكن على الطبيعة التاريخية للعلاقات الثنائية التونسية الامريكية ، قائلا " هذه العلاقة تكون أقوى عندما يكون هناك التزام مشترك بالديمقراطية وحقوق الإنسان "، مؤكدا في حديثه على أهمية إجراء انتخابات برلمانية حرة ونزيهة يوم 17 ديسمبر 2022، فضلاً عن الإصلاحات الشاملة لتعزيز الضوابط والتوازنات وحماية الحريات الأساسية. و في حوار لجريدة واشنطن بوست برر الرئيس مجدد لقرارته و اتهم من وصفهم باعداء الديمقراطية بتدمير الدولة.
يسعى الرئيس قيس سعيد الى إيجاد عذرية جديدة لنظامه الذي يعيش معارضة شديدة من عدد من الأحزاب السياسية في تونس باقتصار بعض الأحزاب على غرار حركة الشعب التي تعد من القلائل التي دافعت عن نظامه و سياسته لكنها في المقابل ، وجهت نقدا لاذعا الى الحكومة و رئيستها نجلاء بودن. و ينتظر الرئيس قيس سعيد، من الانتخابات المقبلة التي ستجرى يوم السبت 17 ديسمبر 2022، برلمانا جديدا وفق قانونه الانتخابي و هيئة الانتخابية و دستوره الجديد.
و أصبح جليا أن رئيس الجمهورية لن يرفض أي زيارة دولية الان عله يجد تطمينات و مساندة دولية لنظامه . ففي كل زيارة يحرص على الحديث عن الأوضاع و الأسباب التي دفعته لاتخاذ إجراءات 25 جويلية ، و على الانتخابات التي سيجريها هذا الأسبوع. ولم يبحث في المقابل عن فرص اقتصادية جديدة للبلاد و لا على اتفاقيات تعاون مشتركة لإخراج البلاد من أزمتها الاقتصادية.
و على سبيل المثال وقع ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز الخميس الماضي مع الرئيس الصيني شي جين بينغ اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين السعودية و الصين. و في نفس الوقت يعمل الرئيس الامريكية جو بايدن على استرجاع مكانة الولايات المتحدة الامريكية السياسية و الاقتصادية في افريقيا ، عبر تنظيم القمة الامريكية الافريقية من أجل مصلحة بلاده. وهو ما يؤكده تصريح المدير الأول للشؤون الأفريقية في مجلس الأمن القومي الأمريكي جود ديفيرمونت، الذي قال " نحن بحاجة الى المزيد من الأصوات الأفريقية في المحادثات الدولية بخصوص الاقتصاد العالمي والديمقراطية والحوكمة وتغير المناخ والصحة والأمن".
أي أن الدول تسعى عبر هذه القمم و المؤتمرات الى بناء شراكات جديدة و النهوض باقتصادها ، في الوقت الذي لا يزال الرئيس قيس سعيد يتحدث عن " الاراجيف و الادعاءات و المعارضين " و لم يفهم الرئيس الى اليوم ان التونسي ليس بحاجة الى نظام جديد و لا برلمان جديد انما هو بحاجة الى إجراءات و قرارات اقتصادية . فالازمة الحقيقية اليوم هي الازمة الاقتصادية .
لكن لا يبدو أن الجانب الاقتصادي أولوية بالنسبة لنظام قيس سعيد الذي لم يتحصل سوى على 200 مليون أورو من فرنسا بعد تنظيمه لقمة الفرنكوفونية في جزيرة جربة الشهر الماضي. و يبدو ذلك من تباطؤ ختمه لقانون المالية لسنة 2023 الامر الذي أدى الى سحب ملف تونس من اجتماعات مجلس إدارة صندوق النقد الدولي.
ر.ع
تعليقك
Commentaires