هل تكون اخر أيام دستور 2014؟
قيس سعيد يتحدث عن إمكانية اضافة تعديلات على النص الدستوري
وليد الحجام : دستور 2014 تسبب في شلل العملية الديمقراطية في تونس
منذُ ترشحه للانتخابات كان رئيس الجمهورية قيس سعيد واضحا بشأن موقفه من دستور 2014، لم يتغيّر شيء سوى أنّ الرئيس عاين من داخل المشهد السياسي أوجه قصور الدستور وهنّاته العديدة كفاعل سياسي هذه المرة وجزء من الأزمة- وليس كمحللّ موضوعيّ يفسر الظواهر من الخارج. لم تختلف سردية الرئيس لكنها أصبحت أكثر وضوحا وتحولّت من أطروحة الى خُطّة عمل.
مُحاطا بثلة مُختارة بحذر من المختصين في الدستور بدأ سعيد منذ أشهر مسيرة البحث عن سبيل لالغاء دستور 2014- لمّح لذلك مرارا في خطاباته على صفحة الرئاسة، ولئن كان التصريح يثير الغبار لساعات الا أنّه يُنسى بسرعة ويمر الرأي العام الى مسألة أخرى. لم تكن الطبقة السياسية تأخذ الرئيس على محمل الجدّ، كان الفاعل السياسي الأكبر (النهضة) يخادع أنصاره وحلفائه بايهامهم انّ الرئيس محاصر في قصره ومكبل بالدستور وأنه لا يمكنه اتخاذ أي قرار دون تمريره على المؤسسة التشريعية التي يحكمها ائتلاف النهضة- قلب تونس -الكرامة، ولا يمكن تغيير الموازيين الا بمباركة من داخل هذه الدائرة السياسية.
وعلى عكس ما يظنه الجميع فانّ الاتصال الذي يقوم به سعيد أدى الى لحظة غير متوقعة ومنحه أفضلية المفاجئة. لم تكن الطبقة السياسية جاهزة لـ25 جويلية وليست الان كذلك جاهزة للخُطوات القادمة للرئيس والتي يبدو أنّ أوّلها تعديلُ الدستورعبر استفتاء شعبيّ. أيّ الأبواب سيسلك أستاذ القانون الدستوري هذه المرة؟ باب التأويل بالتأكيد، وبمباركة شعبية ستعكسها نتائج الاستفتاء، المباركة التي تحدث عنها طويلا في مناقشته للفرق بين الشرعية والمشروعية ولم يعر له أحد الاهتمام اللازم.
القرار القادم لن يكون فرديا كما يستقرأ البعض، فسعيد سيكون مدعوما بالشريك الاجتماعي اتحاد الشغل وحكومته الجديدة ونتائج الاستفتاء، ليحوّل بذلك الحوار من تقليدية محاورة لا جدوى لها مع الطبقة السياسية الى حوار عام أفقي حيث يرى قيس سعيد (وقد كررها مرار) أنّ الأمانة عليها أن تُعاد لصاحب القرار الذي "يريدُ" تعديل هذا الدستور، عبر المداولة الشعبية: التصورات الكبرى بخصوص الدولة، يقع الحسم فيها بالآليات الديمقراطية الواسعة.
أمام سعيد فرضيتين :
- الاعلان المتوقع في الساعات القادمة عن حكومته ثم دعوة البرلمان الحالي للانعقاد و الاتفاق على عدم منح هذه الحكومة الثقة ثم حلّ المجلس والدعوة إلى الانتخابات سابقة لأوانها وهذا أفضل الحلول لأنّه سيخلق سلما اجتماعيا بين جميع المكونات واتفاقا نزيها نحو حسم الجدل بانتخابات جديدة وربما انسحاب سعيد والمرور حتى الى رئاسيات مبكرة...
- من جهة أخرى، يمكنهُ الاعلان عن حكومته وارفاق الاعلان بالتوجه نحو استفتاء بشأن الدستور ثم اعلان التنظيم المؤقت للسلط العمومية ليكون القانون المعمول لتسيير شؤون الدولة حتى صدور الدستور الجديد أو النسخة المعدلة من الدستور وهي الالية الأقرب في هذا السيناريو.
في هذه الحالة يعين الرئيس لجنة خبراء لتشتغل على التعديل الدستوري لصلاحيات الرئيس والنظام السياسي، ويتم اقرارُ التعديل بالاستفتاء، وبالتوازي تكون الحكومة قيد الاشتغال على بقية المسائل الادارية والتسييرية واللوجستية والاعداد للانتخابات القادمة التي ستكون بعد المصادقة الشعبية على التعديل الدستوري.
الفرضية الثانية هي الأقرب استئناسا بتصريحات مستشار الرئاسة وليد الحجام ورئيس الجمهورية قيس سعيد التي جاءت مكثفة ومتعاقبة في اخر 72 ساعة مما يدل على حركية كبرى في قرطاج وانتهاء الدائرة المقربة للرئيس من حبك الخطوات القادمة. لا يفصلنا الكثير من الوقت للإعلان عن اسم رئيس أو رئيسة الحكومة الجديدة ومع توجه ساكن القصبة لتسيير الدولة سيكون لسعيد دور مستحدث وهو التأسيس لنظام سياسي جديد ودستور معدل- وسط رفض من الطبقة السياسية لما قبل 25 جويلية، رفض لا وزن فعليّ له، كون أوّل خطوة قام بها الرئيس (حتى قبل تجميد البرلمان) هي تجريدهم من أيّ سلطة معنوية وأي مصداقية عبر تكثيف لومهم على الأزمة السياسية وتحميلهم المسؤولية والتذكير الدائم بأن من كان جزءا من المشكل لا يمكنه أن يكون جزءا من الحل ورفضه الحوار معهم والاشارة لهم بالسلب في كلّ خطاباته وتصريحاته.
ويمكن تبين اختيار الفرضية الثانية بوضوح في تصريح سعيد مساء أمس من قلب شارع الحبيب بورقيبة بأن "الدساتير ليست أبدية ويمكن إدخال تعديلات عليها بما يستجيب لمطالب الشعب" وتعليقه الأخير، الذي كررّه "السيادة للشعب، نحترم الدستور ولكن لا بد من إدخال تعديلات على نصه، الشعب التونسي سئم الدستور و سئم القواعد القانونية التي تم وضعها على مقاسهم".
عبير قاسمي
تعليقك
Commentaires