ليلى اليحياوي ضحية البطالة القسرية و الإجهاد النفسي
ضحية غلق هيئة مكافحة الفساد : وفاة ليلى اليحياوي شقيقة زهير اليحياوي
أعوان وإطارات الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد دون أجور
أثارت وفاة ليلى اليحياوي التي كانت تعمل سابقا بقسم الإعلام والإتصال بالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، اليوم الخميس 23 جوان 2022، بعد صراعها مع مرض السرطان ، ردود أفعال كثيرة من قبل رواد الفيسبوك والرأي العام.
الفقيدة كانت تعمل في هيئة مكافحة الفساد التي تمّ غلقها بقرار رئاسي منذ شهر أوت 2021، وجدت ليلى اليحياوي نفسها تواجه مرض السرطان بعد دون مُرتّب.
يوم 8 فيفري 2022، أطلقت الراحلة صيحة فزع دعت فيها إلى إعادة الهيئة لسالف نشاطها نظرا إلى أنّ إغلاقها ساهم في إحالة قرابة 150 موظف على البطالة وأغلبهم يعاني إلى حدّ اليوم من الخصاصة والفقر وتدني الوضع الإجتماعي.
في تدوينة لها، أكّدت الفقيدة أنّها عملت في هيئة مكافحة الفساد ليلا نهارا وأثناء العطل وبيّنت أنّها تقوم بدفع كلّ الأداءات مقابل أجر زهيد و وضعية هشة دون عقد عمل أو ترسيم.
ودوّنت الفقيدة ليلى اليحياوي '' اليوم نحب نضمن حقي في العلاج كيما الناس الكل و موش طالبة لا مزية لا اعانة رجعلي حقي و نهارة اللي نقصر في خدمتي حاسبني ''.
لكن السلطة لم تستجب إلى هذه الصيحة ، ولم تستجب إلى أعوان الهيئة الذين خاضوا كلّ الوسائل والطرق واعتصموا أمام قصر قرطاج لإيجاد حلول جذرية لوضعيتهم المزرية، لكن دون جدوى ، فإنّ ساكن قرطاج لم يأبه بهم ولا حتى بالراحلة ليلى التي توفيت اليوم.
عضو النقابة الوطنية للصحفيين ، الفاهم بوكدوس، نشر تدوينة تساءل فيها قائلا ''لماذا يستهدف الموت عائلة اليحياوي ظلما وكمدا؟''. وذكّر بوفاة شقيقها المدوّن زهير اليحياوي الذي توفي في 13 مارس 2005، بمستشفى الحبيب ثامر بسبب صعوبات في الجهاز التنفسي خلفها له التعذيب في عهد القمع والإستبداد في النظام النوفمبري.
'' اليحياوي هو أوّل شهيد '' لجيل الإنترنت ورائد المقاومين في الفضاء الإلكتروني و هو أول ضحية لشرطة المعلوماتية في نظام بن علي''، دوّن بوكدوس. في خريف 2001، أطلق هذا الشاب البالغ من العمر 33 عاماً والذي يحمل شهادة ماجستير في الاقتصاد، مجلة إلكترونية بعنوان TUNeZINE في إشارة إلى الاسم الأول للرئيس زين العابدين بن علي، زين.
لاقى الموقع نجاحاً فورياً، في تونس كما في الخارج. فقد سحر الشبّان بنبرته الجريئة وبالموهبة التي يتمتّع بها محرّكوه الخمسة الأساسيون. أثارت كتابات فريق زهير يحياوي المدوَّنة باللغة العربية العامّية والتي تنطبع بفكاهة ساخرة، غضب السلطة التونسية. ففيها يوجد الأحداث الآنية والخيال السياسي والهجاء إنما أيضاً التأمل العميق، بلهجة تذكّر بموقع آخر جرى إغلاقه قبل ذلك بوقت قصير بعد عامَين من الوجود والنجاح وكان تحت اسم Takriz. عندما نظّم الرئيس بن علي استفتاء للموافقة على حصوله على ولاية رابعة، اقترح موقع TUNeZINE استفتاءه الخاص: هل تونس جمهورية أم مملكة أم حديقة حيوانات أم سجن؟.
و فيما كان البوليس السياسي يحاول تحديد أماكن وجود المشرفين المعارضين على الموقع، تجاوز زهير يحياوي خطاً أحمر جديداً. فقد نشر على موقعه الرسالة المفتوحة التي وجّهها القاضي الذي يرأس محكمة في تونس مختار اليحياوي وهو عمه إلى بن علي يشجب فيها النظام القضائي.
هذا «القاضي المتمرد» كما لُقِّب، هو عمّه مختار اليحياوي. الذي رفض قضاء التعليمات. كان هذا أول فعل تمرّدي عام يصدر عن قاضٍ في تونس. كان هذا كثيراً بالنسبة إلى نظام بن علي. وقد تقرّر أن يدفع العم وابن أخيه غالياً ثمن شجاعتهما. عُلِّق الأول عن ممارسة مهماته وخسر راتبه إلى أن توفي في 22 سبتمبر 2015. أما الثاني فأوقِف بعد تعقّبه لأشهر عدّة، وتعرّض للتعذيب، وخضع للمحاكمة، وحُكِم عليه بالسجن عامَين''.
معلّقا على وفاة ليلى دوّن بوكدوس ''يبدو أن العار مازال يتابع السلطة في تونس لاستهدافها عائلة اليحياوي فقد علمنا بوفاة ليلى اليحياوي شقيقة زهير اليحياوي. عانت الفقيدة الأمرين في فترة حكم بن علي من تبعات إيقاف أخيها وتعذيبه وسجنه والعقاب الجماعي لها ولاسرتها.
لقد قاومت في الفترة الماضية ولأشهر المرض دون جراية ودون تغطية اجتماعية ، رغم تكفل الدولة استثنائيا بمصاريف علاجها، بعد أن تمّ فصلها من العمل بقسم الإعلام والإتصال بالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد إثر إغلاق الهيئة ورمي العاملين فيها على قارعة الطريق محرومين من كل الضمانات الدستورية في حد أدنى لحياة كريمة''
الصحفي وائل الونيفي نعى زميلته الفقيدة ليلى اليحياوي ودوّن '
سعيدة قراش المحامية والناطقة الرسمية باسم رئاسة الجمهورية في عهد الراحل الرئيس الباجي قائد السبسي، نشرت بدورها تدوينة توجّهت بها للرئيس قيس سعيد قائلة '' السيد الرئيس، ليلى اليحياوي، شابة في مقتبل العمر، شقيقة المرحوم زهير اليحياوي شهيد حرية التعبير و الابحار في الانترنات زمن ZABA يعني زمن بن علي، و ابنة اخت القاضي الشريف المرحوم مختار اليحياوي، ماتت بعد ان كتبت ترجوكم التفطن لوضعية العاملين بهيئة مكافحة الفساد و فقدانهم للتغطية الاجتماعية بعد صدور قراركم بغلقها''.
وأوضحت قراش للرئيس سعيد في تدوينتها أنّ ليلى اليحياوي توفيت لأنّه وبعد غلق الهيئة لم يعد لها تغطية اجتماعية ولأنّها ليست من الأثرياء لتواصل علاجها على حسابها الخاصّ وتوفيت نتيجة إهمال الدولة واستخفافها بالشرائح الهشة ودوّنت '' ماتت السيد الرئيس لانه لم تكن لها تغطية اجتماعية بعد ايقافهم عن العمل بسبب قرار الغلق، ماتت لانها ليست من الاثرياء لتقوم بمواصلة معالجة نفسها من مرض خبيث على حسابها الخاص. ماتت نتيجة اهمال الدولة و استخفافها بالشرائح الهشة''.
وذكّرت سعيدة قراش في تدوينتها أنّ ليلى اليحياوي هي ابنة '' لعائلة شهيدة'' ، قدّمت في البداية ابنها المناصر لحرية الكلمة زهير اليحياوي الذي توفي بعد التعذيب في سجون بن علي من أكل ''الابحار في الانترنت''. ثمّ ترجّل في مرحلة ثانية ، و الشهيد الثاني، عمّها الذي '' قدم حياته من أجل استقلالية القضاء و رفض الخضوع لتعليمات السلطة التنفيذية و حواشيها''.
واعتبرت سعيدة قراش أنّ الإبحار في الإنترنت الذي دافع عنه الراحل اليحياوي ''بات اليوم فضاء للاعتداء على الشرفاء و الشريفات و هتك أعراضهم لمجرد أنّ لهم رأيا مخالفا''.
ودوّنت ''ما اشبه اليوم بالامس. الغريب ان الخانسين و الصامتين زمن خوض هذه المعارك أصبحوا اليوم فرسان المرحلة. التاريخ لا يرحم''.
مترحما على روح الفقيدة ، ذكّر رئيس المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب، شكري لطيف، في تدوينة له ما عانته وقاسته ليلي اليحياوي زمن حكم بن علي على خلفية إيقاف أخيها زهير اليحياوي وتعذيبه حتى وفاته و وفاة والدهما.
ودوّن ''وها هي تُفارقنا اليوم بعد أن أنهكها المرض وبعد أن قاومتْ طيلة أشهر دون جراية ودون تغطية اجتماعية ودون القدرة على مواصلة حصص علاجها. بقيتْ ليلى لسنوات عديدة محرومة من الحق في الشغل، و التحقتْ في السنوات الأخيرة بالعمل بقسم الإعلام والإتصال بالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد''.
وأكّد شكري لطيف في تدوينته أنّ قرار غلق الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ''بجرّة قلم، والرمي دون أيّ وجه حقّ بموظفيها وموظفاتها على قارعة الطريق ، أدّى إلى مآس كبيرة ومنها مأساة فقدان ليلى الحياة بعد فصلها التعسفي عن العمل، واضطرارها لمواجهة المرض الذي أصابها دون جراية ودون تغطية اجتماعية''.
''وها هي نفس الدولة الظالمة تُعْدمها اليوم بدم بارد. فمعذرة ليلى. ومعذرة لوالدتها العظيمة الخالة خديجة ....معذرة ، فنحن لم ننجحْ في إيقاف أذى هذه الدولة الظالمة ولم نُسقطْ نظامها القاتل.
كل أصدقاء الفقيدة ليلى اليحياوي وأقربائها وزملائها في هيئة مكافحة الفساد ، ندّدوا بتواطؤ الدولة في قتل الفقيدة بعد أن أقدم قيس سعيد على غلق هيئة مكافحة الفساد مما ساهم في حرمان أعوان الهيئة من اجورهم التي انقطعت في ديسمبر 2021 وتمّ حرمانهم أيضا من التغطية الإجتماعية.
شقيق الفقيدة شكري اليحياوي وزوجها ، في تصريح لهما لـ بيزنس نيوز اليوم الخميس، نفى كلّ منهما ما تمّ تداوله من قبل أصدقاء الفقيدة ليلى اليحياوي بأنّها توفيت جراء إهمال الدولة وأكّد زوجها أنّ الفقيدة كانت تتمتع بالتغطية الصحية والدولة تكفلت بمصاريف علاجها منذ أن علمت بإصابتها في أوت 2021 بإصابتها بمرض السرطان.
تكفل الدولة بمصاريف علاج الراحلة ليلى اليحياوي لا يعني أنّ تسريح ليلى وزملائها وحرمانهم من أجورهم ومن التغطية الصحية ليس له دور في تدهور حالتها الصحية والنفسية.
''150 عونا وموظفا بالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وجدوا أنفسهم في بطالة قسرية دون أجور ودون تغطية اجتماعية ومنهم عونين يعانيان أيضا من مرض السرطان''، صرّح مصدر موثوق لبيزنس نيوز.
أن تجد ليلى اليحياوي نفسها في حالة بطالة قسرية بعد غلق تعسفي لمورد رزقها ، الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وعلى الرّغم من تكفل الدولة بمصاريف العلاج، جعلها ذلك تعاني من ظروف نفسية ومادية مرهقة وهو الأمر الذي دفعها لإطلاق صيحة فزع يوم 8 فيفري 2020 مدوّنة '' اليوم نحب نضمن حقي في العلاج كيما الناس الكل و موش طالبة لا مزية لا اعانة رجعلي حقي و نهارة اللي نقصر في خدمتي حاسبني ''.
يسرى رياحي
تعليقك
Commentaires