alexametrics
الأولى

إيقاف نبيل القروي...تهديد لما تبقى من المسار الديمقراطي؟

مدّة القراءة : 6 دقيقة
إيقاف نبيل القروي...تهديد لما تبقى من المسار الديمقراطي؟


أيّام قليلة تفصلنا عمّا تبقى في عمر هذه العهدة الانتخابية وما إن أصدرت هيئة الانتخابات القائمة النهائية للمترشحين الذين قبلت ملفاتهم للانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها 2019، حتى بدأت الأزمة السياسية، بخلافاتها العميقة بين مختلف المكونات السياسية المتصدرة للمشهد، تتجلّى وتتفاقم ممّا أصبح يهدّد المسار الديمقراطي للبلاد.


أسبوع قبل انطلاق الحملة الانتخابية، وأسابيع معدودة عن اليوم التاريخي الذي ستشهده تونس وسيتمّ فيه انتخاب رئيسا للبلاد وها قد انطلقت تصفية الحسابات تغذّي الروح –الرياضية- بين المنافسين.


 تونس البلد الذي قاد انتفاضات الربيع العربي والذي نجح في تنظيم انتخابات ديمقراطية ونزيهة وتأمين انتقال سلمي للسلطة في بلد يشقّ طريقه إلى ديمقراطية ناجحة، أصبح اليوم محور حديث بقيّة البلدان بعد أن تمّ إيقاف نبيل القروي رئيس حزب قلب تونس والمترشّح للانتخابات الرئاسية يوم الجمعة 23 أوت.


أثار خبر اعتقال نبيل القروي ردود أفعال متباينة من مختلف الطبقات السياسية والاجتماعية بين مندّد ومبشّر بين رافض لتوقيت الإيقاف وبين مشجّع لمكافحة الفساد التي وفقا لهم ليست مقيدة بزمان ولا مكان.


فور انتشار خبر إيقاف نبيل القروي ذهبت كل الشكوك باتجاه أن رئيس الحكومة والمترشّح للرئاسة يوسف الشاهد هو الذي يقف وراء ذلك خاصّة وأن القضاة ودائرة الاتهام من المفروض نظريا أنهم في فترة عطلة في الوقت الحالي.

 

مختلف الأطياف اتهمت الشاهد باعطاء تعليمات ليتخلّص من خصومه ويقصيه من السباق الرئاسي خاصّة وأن القروي لا طالما تصدّر نوايا التصويت للانتخابات الرئاسية مقابل الشاهد الذي لم يحظى إلاّ بذيل القائمة في أكثر من مناسبة.


المكتب السياسي لحزب قلب تونس أصدر بيانا سويعات بعد أن تمّ إيقاف رئيس الحزب، وأكّد أن نبيل القروي تمّ "اختطافه" في الطريق السيارة باجة تونس بشكل "عنيف ومفاجئ".


وأن هذه العمليّة ليست إلاّ حلقة في سلسلة من "الممارسات الفاشية" بدأت منذ تصدّر اسمه كلّ نوايا التصويت في مختلف عمليات سبر الأراء، انطلقت بمحاولة غلق قناة نسمة ثمّ تواصلت بالهرسلة بالاستدعاءات المتتالية للمثول أمام القطب القضائي المالي ومنعه من السفر وتجميد أمواله وآخرها منع قناة نسمة من تغطية الحملات الانتخابية لسنة 2019.


حزب قلب تونس بيّن كذلك أن "العصابة الحاكمة" في إشارة إلى يوسف الشاهد هي التي اختطفت رئيسهم، متجاوزة كل الحدود ضاربة بالأعراف والتقاليد والقوانين الديمقراطية ومبادئ حقوق الانسان عرض الحائط.


 عياض اللّومي عضو المكتب السياسي لحزب قلب تونس قال إنّ نبيل القروي سجين سياسي بامتياز، لأنّ حاكم التحقيق لم يصدر في حقه بطاقة إيداع بالسجن، وإنّ الهدف من قرار دائرة الاتّهام بإيقاف نبيل القروي هو إرباك المسار الانتخابي.


وأوضح أنّ المبدأ القانوني ينصّ على أن لا يضرّ الطاعن بطعنه، مؤكدا أنّ النيابة العموميّة لم تطعن في قرار إبقاء نبيل القروي في حالة سراح، على عكس ما يروّج له جزء من ''عصابة يوسف الشاهد''، حسب قوله، مبيّنا أنّ حزب قلب تونس يوجّه مباشرة التهمة لـ ''عصابة يوسف الشاهد''.


في المقابل، عبّرت حركة تحيا تونس عن استغرابها من الزجّ بمرشّحها للانتخابات الرئاسيّة يوسف الشاهد في قضيّة نبيل القروي، مستنكرة استغلال بعض المنابر الإعلامية للقيام بحملات تشويه وافتراء على الحركة ورئيسها.


المكتب التنفيذي لجمعيّة القضاة التونسيين دعا الوكيل العام بمحكمة الاستئناف إلى إصدار توضيح للرّأي العام بخصوص المسار الإجرائي لقضية القروي وطالب المجلس الأعلى للقضاء بضرورة أن يتحمّل مسؤوليته طبق صلاحياته الدستوريّة في ضمان حسن سير القضاء مع احترام استقلاليته، في هذه الظروف الحسّاسة والبلاد مقبلة على انتخابات رئاسيّة وتشريعيّة، وأكّد المكتب اأّه سيظلّ يتابع ملفّ قضيّة القروي وتطوّراتها.


جدل كبير رافق عملية إيقاف نبيل القروي وتوالت التحليلات الإعلامية والتصريحات النارية، ورأى البعض أن هذا الجدل ليس إلا صراع لمحاولة اقصائه من السباق الانتخابي.


السياسي أحمد نجيب الشابي كتب تدوينة على صفحته الرسمية بيّن فيها أن الحكومة فشلت في تمرير قانون جائر، مقد على المقاس، يهدف إلى حرمان مواطن من حق الترشح إلى رئاسة الجمهورية بناء على أعمال سابقة، لم يكن يجرمها القانون''، وتساؤل عن كيفية اتخاذ دائرة الاتهام قرارها معتبرا ما حصل مع نبيل القروي هو "اختطاف" لمرشح للانتخابات الرئاسية قصد التخلص من منافس مشيرا إلى أن ذلك  يمثل تدخلا غاشما للسلطة التنفيذية في العملية الانتخابية.


ودعا الشابي "الأحرار والشرفاء" من السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وعن دولة القانون إلى أن يخرجوا من سلبيتهم ليفرضوا تأمين شروط الانتخابات النزيهة وذلك بالمطالبة بالإفراج فورا عن نبيل القروي وبضمان حياد الإدارة في العملية الانتخابية.


المنافسين لنبيل القروي كذلك كان لهم رأي في عملية الإيقاف المفاجئة واتفقوا على مساندته، وقد صرّح المترشح للرئاسة منصف المرزوقي بأن إيقاف القروي مسيء للديمقراطية ومسيء لصورة تونس معربا عن أمله في أن تترفع النخبة السياسية عن تصفية الحسابات بهذه الكيفية معبرا عن قلقه على الديمقراطية في تونس.


وأشار إلى أن السياسيين يخوضون في صراعات ويستعملون فيها كل الوسائل لكن الشعب يسير نحو النضج في الديمقراطية.


المترشح عبد الكريم الزبيدي أشار إلى أن تزامن إيقاف نبيل القروي من قرب الحملة الانتخابية من شأنه أن يؤثر سلبا على المناخ الانتخابي ويهدد المسار الديمقراطي خاصة وأن قرار الإيقاف جاء في ظروف مسترابة وهو ما من شأنه الإساءة لسمعة القضاء وصورة تونس كدولة ديمقراطية.


كذلك المترشح للرئاسة حمادي الجبالي كتب تدوينة علق فيها على إيقاف نبيل القروي قائلا '' نعيش اليوم أمام زمنين زمن الحرية أو زمن الاستبداد''


وتابع، مشهد إيقاف نبيل القروي المترشح للانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها وايداعه السجن وما تضمنه ذلك من اخلالات قانونية وما كان قبل من أحداث وما سيكون بعد في قادم الأيام كفيل أن يدفع كل منا في رسم موقعه ووضع بصمته على صفحات التاريخ''.


وأضاف فإما أن نكون مع الحريات والديمقراطية ودولة القانون والمؤسسات بصورة مبدئية لنبني تونس الغد تونس الحق والعدل أو أن نركن خوفا أو طمعا إلى معسكر الردة إفساحا لدكتاتورية جديدة تستعمل أدوات الدولة لضرب خصوم سياسيين.


الاتحاد العام التونسي للشغل دعا اليوم السلطة القضائية الى رفض التعليمات وتحكيم القانون والضمير القضائي في كل الملفات المعروضة على أنظاره والتعجيل بما لم يتّم البت فيه من قضايا منذ سنوات ومنها قضايا الفساد والاعتداءات والاغتيالات.


ودعا اتحاد الشغل الأطراف الرسمية المعنية الى توضيح ملابسات إيقاف رئيس حزب قلب تونس المترشح للرئاسية نبيل القروي لقطع السبل أمام التشكيك والإشاعات التي تهز من الثقة في المؤسستين الأمنية والقضائية واحترام إجراءات حق مواطن في التقاضي والعدل.


ونددت المنظمة الشغيلة بتوظيف أجهزة الدولة في حسم الخلافات السياسية وإدارة التنافس السياسي مؤكدة على حرصها على احترام استمرارية الدولة وتأمين الانتقال الديمقراطي.


واعتبرت أن التوترات تفاقمت وتصاعدت مع اقتراب المواعيد الانتخابية الرئاسية والتشريعية وعم جو من التشكيك والتجاذب والتشويهات والضبابية وخاصة في مستوى التعامل القضائي والأمني إحدى أهم الوسائل غير المشروعة للتنافس الانتخابي في غياب عرض البرامج والنقاش حول الملفاتوحلولها وهو ما ينذر بتعكير المناخات الانتخابية وقد يؤدي إذا ما استمرت الحال على ماهي عليه الى فسادها ويهدد بعودة الاستبداد.


أسئلة كثيرة يطرحها الشارع التونسي حول عملية إيقاف نبيل القروي وما يحوم حولها من شكوك جعلت الرأي العام الوطني يتساءل حول مصير الديمقراطية الناشئة التي تبدو على حبل مشدود وفي حاجة إلى ضمانات قوية لضمان نجاح نموذج الانتقال الديمقراطي للسلطة.


 مازالت الأزمة تراوح مكانها والجميع ينتظر مصير نبيل القروي وقرار القضاء مقابل كسب القروي تعاطفا شعبيا قد يأخذه إلى حصد المزيد من الأصوات في الانتخابات الرئاسية، مقابل خصمه الشاهد الذي سعى بطريقة غير مباشرة للترويج والدعاية له، وفي الأثناء يطرح أكثر من سؤال حول التهديد الجدّي لما بقي من مسار ديمقراطي هشّ تنازعته الأطماع وغذّته الشائعات إلى حد تداول أخبار عن تزوير الانتخابات.


مروى يوسف

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter