قال الخبير الإقتصادي و المالي  معز حديدان تعليقا على قرار الدولة التونسي الاقتراض من البنوك المحلية لتمويل ميزانيتها أن هذه العملية لا تعد الاولى من نوعها بل هي المرة السادسة التي تقوم فيها بالاقتراض بالعملة الصعبة من البنوك . وأوضح حديدان ان عملية الاقتراض من البنوك المحلية انطلقت في نوفمبر 2017 و بلغت قيمة القروض حينها 5.8 مليار دينار مشيرا الى ان قيمة القروض هذه المرة يعد منخفضا مقارنة بالقروض السابقة :" قيمة القرض ليست بالكبيرة في العادة يتجاوز المبلغ 200 مليون دينار إنما هذه المرة بلغ 85 مليون دينار " . 

و افاد حديدان في مداخلة هاتفية في اذاعة اكسبراس اف ام صباح اليوم 1 جوان 2022 ، ان هذا القرض سيخصص لتسديد الجزء الثاني من القرض الذي تم اقتناؤه في جوان 2020 و الذي يبلغ حجمه 257 مليون دينار يقع سداده على 3 سنوات بنسبة فائدة 2 بالمائة  :" وتبلغ الحصة الثانية 80 مليون أورو وهي قيمة هذا القرض  "  .

و في حديثه عن الوضعية الاقتصادية لتونس و عن قرار البنك المركزي الترفيع في نسبة الفائدة المديرية ، قال معز حديدان انه وقبل اتخاذ قرار الترفيع في نسبة الفائدة ، أشارت التوقعات الاقتصادية الى تراجع قيمة الدينار الامر الذي دفع النشطاء الاقتصاديين الى التسريع في بيع الدينار و الشراء باليورو و الدولار من أجل التخزين ، و من أجل تفادي تراجع الدينار لجأ البنك المركزي الى الترفيع في نسبة الفائدة المديرية مؤكدا أن عمليات التخزين التي يقوم بها النشطاء الاقتصاديين لها نتائج وخيمة على الدينار و الاقتصاد التونسي . و قال حديدان ان احتياطي العملة الصعبة الذي يقدر ب 24 مليار دينار ليس ثابتا ف 12 مليار منها سيقع اقتطاعها من المخزون في إطار تعهدات الدولة التونسية . 

و قال معز حديدان ان تونس تواجه صعوبات في احتياطي العملة الصعبة خاصة بالنسبة الى اليورو وذلك في ظل ارتفاع أسعار الحبوب و اسعار المحروقات . 

بات من الواضح أن الأزمة الأوكرانية ستلقي بظلالها حتما على الوضع الاقتصادي في تونس ، فبلادنا ليست بمنأى عن الأزمة  التي ستلحق بالاسواق الاقتصادية الأوروبية . و بلغت  أسعار الحبوب و النفط و الغاز  أرقاما قياسية خلال منذ بداية اجتياح القوات الروسية الاراضي الاوكرانية . و على سبيل المثال ارتفعت أسعار القمح  بنسبة 25 بالمائة منذ بداية العدوان و بلغ سعر القمح  344 يورو للطن في الوقت الذي  تستورد فيه تونس 80 في المئة من القمح اللين من أوكرانيا . 

وشهدت  أسعار  النفط ارتفاعا غير مسبوق بلغ  140 دولار للبرميل في الوقت الذي اعتمدت الحكومة التونسية في صياغتها لقانون المالية لسنة 2022 على فرضية 75 دولارا لبرميل النفط ، وهذه تعد صدمة نفطية لم يشهدها العالم منذ سنة 2008 حين وصل سعر البرميل الى حدود 147 دولارا . و سجل سعر الغاز هو الآخر أرقاما قياسية خلال الأسبوع و يرجح البعض أن يتجاوز ال 4000 دولار لكل 1000 متر مكعب . و قد تكون الجزائر أكبر المستفيدين من أزمة الغاز كونها رابع مصدر لهذه المادة و ذلك بالنظر إلى العقوبات التي سلطت على روسيا التي تنتج 16 بالمائة من الإنتاج العالمي ، فالشركة الجزائرية العمومية للنفط والغاز "سوناطراك" تعتبر ثاني مورد للغاز إلى إيطاليا ، عبر خط الأنابيب العابر للمتوسط  ، بعد "غازبروم" الروسية . و تستفيد تونس من خط الانابيب الجزائري حيث تتحصل على إتاوة تحدد تقدر ب 5.25 بالمائة  من كمية الغاز المنقول ، وتمكن هذه الحصة إلى جانب الشراء من تغطية  66 بالمائة من الاستهلاك الوطني التونسي . وقد لا تتأثر تونس بارتفاع أسعار الغاز بالنظر الى شراكتها مع الجزائر لكنها ستتأثر حتما بارتفاع أسعار الحبوب . 

و تعد أوكرانيا ثاني مصدر للحبوب بجميع أنواعها بعد الولايات المتحدة الأمريكية . و في سنة 2020 قامت أوكرانيا بحصاد 65.4 مليون طن من الحبوب في مساحة 15.3 مليون هكتار ، و في موسم الحصاد  سنة 2020/2021 قامت أوكرانيا  بتصدير حوالي 27.57 مليون طن من الحبوب موزعة كالتالي :  12.75 مليون طن قمح ،  3.89 مليون طن من الشعير ،  10.52 مليون طن من الذرة ، و 81.2 ألف طن من دقيق القمح .

ر.ع