شتان بين برهان بسيس وماهر المناعي
مدّة القراءة : 2 دقيقة
تواترت الأخبار في الآونة الأخيرة حول حصول برهان بسيس على عفو رئاسي خاص يخرج بموجبه من السجن. تأكدت هذه الأخبار من خلال تدوينة المستشار الرئاسي فراس قفراش في جوابه "الفايسبوكي" للنائب النهضاوي محمد بن سالم. يبدو من خلال هذه التدوينة أن خروج برهان بسيس من السجن مسألة وقت لا غير.
من المشروع سياسيا استعمال كل الأسلحة في معركة كتلك التي يحمي وطيسها بين رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي ورئيس الحكومة يوسف الشاهد.
يرى رئيس الدولة أنه بإمكان برهان بسيس لعب دور مهم في محاصرة المشروع السياسي الذي يعمل يوسف الشاهد على بلورته في الأيام القليلة القادمة.
لكن الاشكال يتمثل في الجانب الأخلاقي لمناورة من هذا القبيل. بعد سنوات من التقاضي أصدر حكم بات في حق المستشار السابق لنداء تونس. أثبت القضاء أن برهان بسيس تقاضى أجورا غير قانونية مقابل تبييضه للنظام السابق في أبرز القنوات الفضائية. اقدام رئيس الجمهورية على فسخ العقوبة السجنية بهذه الطريقة الفظة ينسف أسس العدالة وتطبيق القانون.
ستطغى المصالح السياسية والحسابات الضيقة على مبادئ العدل لو أصدر الباجي قايد السبسي هذا العفو الرئاسي الخاص. من ناحية أخرى، اصدار هكذا عفو يكسر التقليد الذي بموجبه لا ينتفع بالعفو من اقترف جرائم مالية.
في تلك السجون التي ازدانت بأمثال شفيق جراية وبرهان بسيس، يقبع شخص أثبتت برائته من جريمة القتل التي أدخلته للسجن.
هذا الشخص يدعى ماهر المناعي وهو مسجون الى اليوم. وزارتا الداخلية والعدل تعرفان حق المعرفة ان ماهر المناعي لم يقترف أي ذنب وحوكم بطريقة ظالمة، بعيدة عن احترام الإجراءات وحتى أبسط مقومات المنطق.
محامو ماهر المناعي لم يجدوا، طيلة سنوات، آذانا صاغية في قصر قرطاج لإصدار عفو يرفع المظلمة عن شخص يدخل في سنته الخامسة عشر في السجن.
للأسف، ماهر المناعي لا يمتلك القدرات الالقائية التي يتمتع بها برهان بسيس. ماهر المناعي لا يمتلك شبكة الاتصالات والصحافة التي يملكها برهان بسيس. ماهر المناعي ليس الا مواطنا كالأخرين، لا يصلح في معركة سياسية أو في لقاء تلفزي.
ماهر المناعي يمثل أبناء ذلك الشعب الذي يتنافس المتنافسون على حكمه بينما يمثل برهان بسيس تلك الطبقة السياسية المنعزلة عن هموم الناس.
لو كان الباجي قايد السبسي حقا رئيسا لكل التونسيين لسوّى بين أبناء الشعب وبين "سجناء السياسة". استعماله لصلاحية دستورية كأداة سياسوية عوض رفع مظلمة مخزية يبرهن أنه انعزل بشكل نهائي عن نبض البلاد.
لو أصدر رئيس الجمهورية عفوا خاصا عن برهان بسيس، لن يحق له الحديث عن العدل والعدالة. انتزاع برهان بسيس من السجن لأنه صديق ابنه المدلل ولاستعماله لاحقا لمواجهة يوسف الشاهد سينزع في نفس الوقت مصداقية الباجي قايد السبسي وبعضا من هيبة مؤسسة رئاسة الجمهورية.
من واجب رئيس الجمهورية السهر على احترام مختلف السلط ودعم استقلاليتها.
من واجب رئيس الجمهورية أن يكون مثاليا بالنسبة لكامل الطبقة السياسية.
اصدار عفو رئاسي خاص في حق برهان بسيس لن يترك أي شك حول حقيقة نواياه المستقبلية من ناحية، وسيحرمه من إعطاء الدروس من ناحية أخرى.
أما بالنسبة للشعب الكريم، فهذه العملية ستكرس قناعته أن هناك نوعية من الناس فوق القانون، تفعل ما تريد وتقترف ما تشتهي دون حسيب أو رقيب. إذا زدنا على ذلك مصاعب الحياة اليومية والوضع الاقتصادي الهش، نجد أننا أمام نفس مسببات ثورة 2011 وكما قال كارل ماركس "من لا يعرف التاريخ محكوم عليه بتكراره".
تعليقك
Commentaires