alexametrics
الأولى

عدم ختم القانون الانتخابي: هل تكون الصفقة بين حافظ والقروي والصفعة لتحيا تونس؟

مدّة القراءة : 6 دقيقة
عدم ختم القانون الانتخابي: هل تكون الصفقة بين حافظ والقروي والصفعة لتحيا تونس؟

  

لقد كان هاجس الباجي قائد السبسي منذ مشاركته في أبرز المحطات السياسية لتونس بقواعدها الجديدة بعد الثورة دخول التاريخ وتخليد إسمه اقتيادا بالزعيم الراحل بورقيبة ، وكثيرا ما لعب أدواره بحنكة وبحذر وأحيانا  بارتباك حتى أنه أخطأ في بعض خياراته وفشل فيها وذلك باعتراف منه ، وهاهو الباجي يعود اليوم بإعادة تشكيل خيوط اللعبة وفرض الفرز من جديد ، قائد السبسي برفضه ختم القانون الإنتخابي ترك مجلس نواب الشعب على المحك، وخلق حالة من الجدل في صفوف السياسيين وخبراء القانون الدستوري الذي ما فتئوا أن عبروا بإختلاف مشاربهم عن موقفهم الرافض والمندد للخطوة التي أقدم عليها الرئيس مقابل ثناء وشكر البعض الأخر.


معادلة جديدة وضعها رئيس الدولة وهي ورقته الأخيرة التي يلعبها قبل انتهاء عهدته، وهي الورقة الأخيرة التي ستحكم على عهدته كاملة باعتبارها الورقة الأخيرة الرابحة أو الخاسرة ذلك ما سيحكمه التاريخ ومصلحة البلاد مما أقدم عليه.

السبت 20 جويلية 2019 المستشار السياسي لرئيس الجمهورية نورالدين بن تيشة يعلن خلال تصريح إعلامي رسميا أن الرئيس لن يمضي على القانون الإنتخابي مبيّنا أن الرئيس “يرفض منطق الإقصاء ولا يمكن أن يمضي تعديلات أنجزت على المقاس لجهات معينة”..

هكذا كان توضيح بن تيشة الذي أكد أن الرئيس هو الحامي للدستور والضامن لإجراء انتخابات نزيهة وشفافة لافتا النظر إلى أن قائد السبسي سيتوجه بخطاب للشعب التونسي خلال الأيام القليلة القادمة وسيوضح  خلاله كل النقاط الخاصة بموضوع ختم تعديلات قانون الانتخابات والاستفتاء ومواضيع أخرى

أسئلة كثيرة تتراود حول عدم خروج الرئيس للإعلام ليعلن بنفسه عن موقفه ويوضح للتونسيين قراره ، إما بالختم أو الرفض أو إعادته (القانون) للهيئة الوقتية لمراقبة دستورية المشاريع أو البرلمان لإعادة النظر ولا عرضه على الإستفتاء وفق ما تسمح به صلاحياته، هو لم يفعل لا هذا ولا ذاك لكنه تجاوز الآجال القانونية وخرج من بعد انتهائها مستشاره السياسي عارضا موقف الرئيس دون تقديم توضيحات مهمة من شأنها أن ترفع اللبس.

منذ إعلان هذا الموقف والذي كان أكثر الفرضيات المتوقعة، خرج السياسيون وممثلي الأحزاب والنشطاء وخبراء القانون جميعا كل بمختلف مواقفهم بين الاستهجان والثناء وحتى الشك والريبة.

السيناريو الأول: صفقة بين حافظ والقروي وصفعة لتحيا تونس والشاهد

 الموقف كان حادا نوعا من رئيس حركة مشروع تونس محسن مرزوق أحد حلفاء الباجي سابقا وأكثرهم ارتباطا به قبل الخلافات التي ضربت النداء وتسببت في انقسامه وخروجه من الحزب،

مرزوق نشر تدوينة على صفحته الرسمية بموقع الفيسبوك، إعتبر فيها أن '' رئيس الدولة خرق القانون والدستور وكان واجيا عليه الإمضاء وهو حاليا في وضع غير قانوني وغير دستوري مضيفا من هم سعداء بخرق الرئيس للدستور والقانون هم إما جهال أو دعاة فوضى وغورة ".

كما اعتبر مرزوق أن هنالك صفقة بين ابن الرئيس وصديق العائلة بعدما تحالفا منددا بالخلط الهجين بين العائلة والدولة.

كما تساءل عن إذا كان هذا خيار الرئيس أم أن إرادته مسلوبة.

يبدو أن مرزوق يتوقع السيناريو الأخطر وهو أن إرادة الرئيس مسلوبة من طرف ابنه وهناك صفقة بين الابن وصديق العائلة أي نبيل القروي ، معتبرا أن الرئيس اختار العائلة وامتثل لإرادة ابنه.

 

ولا يخفى على أحد العداء القائم بين حافظ وبين نواب كتلة الإئتلاف الوطني وحركة تحيا تونس وقائدها رئيس الحكومة يوسف الشاهد والذي شهدناه خلال تصريحات إعلامية كثيرة وإتهامات متواترة من الشاهد لقائد السبسي الإبن بتدمير الحزب.

يعتبر كثيرون أن مساومة سياسية تمت في الخفاء بين نبيل القروي وحافظ قائد السبسي ما يعرف سياسيا '' تعطني وأعطيك'' أي عدم الختم على القانون والمشاركة في قائمات ندائية قلبية موحدّة في التشريعية ما يمهد لتحالف جديد متجدد بين أصدقاء الأمس القروي وحافظ.

لقاء البحيرة: رؤوف الخماسي مهندس التقارب

قبل إعلان عدم ختم القانون بيوم واحد أي يوم 19 جويلية الماضي، جمع لقاء كل من حافظ قائد السبسي وزعيم حزب قلب تونس نبيل القروي بجهة البحيرة بحضور رؤوف الخماسي القيادي الندائي الموالي لحافظ والصديق المقرب للقروي وأحد قيادات قلب تونس أسامة الخليفي.

وقد أوضح حافظ قائد السبسي خلال تدخله هاتفيا ببرنامج ''تونس اليوم'' على قناة الحوار التونسي أن لقائه بنبيل القروي كان عفويا قائلا "" القروي ليس عدوّاً إلتقيته كما أستطيع لقاء يوسف شاهد هذه هي السياسة والأمر المحزن هو تأويل بعض وسائل الإعلام التي  تتحدث عن بيع وشراء...لا يمكن للمرء البيع أو الشراء في مصلحة البلاد ".

هكذا أجاب القروي عن السؤال حول لقائه بالقروي نافيا كل ما يروج من وجود صفقة بين الطرفين ومقدما إجابة فضفاضة لم تشف غليل الفضوليين حول خفايا وخلفيات لقاء قبل يوم واحد على ختم القانون فالسؤال '' لما هذا التوقيت لهذا اللقاء ؟''

ما يميّز الخماسي بشهادة زملائه هو انه رجل التوافقات داخل نداء تونس وأحد الأصوات التي سمعناها دائما لهندسة التقارب بين الإسلاميين والدساترة سابقا وكان رجل الأزمات والشدائد داخل النداء وهو الذي طالما لعب دور التهدئة والتعقل وتصحيح المسار داخل سفينة النداء في مختلف العواصف التي مرت بها وهو أشد الأوفياء للرئيس الباجي ويعتبره أحد رموز الدساترة بعد بورقيبة والثعالبي.

ولعل حضوره هو شخصيا خلال هذا اللقاء وبما يعرف على الرجل من صفات فتح الباب أمام هذا النوع من التأويلات.

تبقى هذه أحد الفرضيات القائمة التي انتهجها البعض لتفسير خلفيات قرار الرئيس وتضاهيها فرضيات أخرى أكثر قوة وصلت حد دعوة الرئيس للإستقالة.

 

دعوة الباجي للاستقالة واتهامه بانتهاك صارخ للدستور

 كانت الدعوة الأولى المباشرة للاستقالة من طرف القيادي بالتيار الديمقراطي غازي الشواشي الذي دعا في تدوينة على حسابه الشخصي بموقع الفيسبوك رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي إلى الاستقالة معتبرا أنه تعمد خرق دستور الذي أقسم على احترامه و الاستقالة عليه واجبة''

حزب التيار هم أحد مستفيدون نوعا ما من تعديل القانون الإنتخابي بإعتباره موجود في نتائج سبر الآراء وهو أحد الأحزاب التي صوتت عليه تحت قبّة البرلمان.

 

 

كما اعتبر القيادي بحركة النهضة الحبيب خذر أنه لم يعد بإمكان الرئيس بعد اليوم أن يتحدث عن إحترام الدستور والمؤسسات معتبرا أن خرق الدستور وهو محاط بصانعي السوء وكان الأجدر به إرجاع القانون للهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين لافتا إلى أن الرئيس ترك كل صلاحياته الدستورية وتعمد التصرف خارج الدستور.

 



المقاربات القانونية لموقف الرئيس:

تساءل الخبير في القانون الدستوري جوهر بن مبارك في تدوينة له قائلا '' هل دخلنا رسميا عهد قانون الغاب و دولة ذراعك ياعلّاف هل وضعوا الرئيس تحت الوصاية؟ هل إرادة الرئيس واعية و حرّة؟ أم فقط قرر الباجي اختتام عهدته بإدخال البلاد رسميا في عهد قانون الغاب؟''

واعتبر أن '' الصمت المطبق و الغياب التام ليس موقفا هو فقط أمر مريب أو هروب الجندي وفراره من موقعه''.

كما إعتبر  أن في ''عديد الحالات يعتبر القانون التونسي و فقه قضاء المحكمة الإدارية و القانون المقارن أن رفض ممارسة الاختصاص يعتبر إقراراً و مصادقة و أن صمت السلطة هو موافقة ضمنية و أن فوات الآجال لممارسة الصلاحيات أو حق الرفض الصريح يعد بمثابة قبول ضمني بنفس الآثار القانونية للمصادقة الصريحة. هذا مبدأ قانوني مبني على الحد الأدنى من العقلانية الضرورية''.

 

ووُجهت هذه المقاربة بإعتراض شديد من قبل عديد النشطاء والفاعلين في المشهد السياسي والاجتماعي الذين اعتبروا التفسير القانوني لبن مبارك يدخل في منطق المهاترات واللا منطقية وهو رأي العضو السابق بالهيئة العليا المستقلة للانتخابات سامي بن سلامة وهو احد أبرز المعارضين لتعديل القانون الإنتخابي.

مساندو موقف رئيس الجمهورية:

اعتبرت المفكرة ألفة يوسف أن الرئيس علم الصغار درسا لن ينسوه ومن حفر قانون إقصاء لأخيه وقع فيه وتابعت في تدوينة لها أن ''الفاشلون فشلوا حتى في المؤامرات''

بينما لم يصدر نبيل القروي ولا حزبه قلب تونس إلى الآن موقفا رسميا من موقف الرئيس.

 

 

 

بين إعتقاد البعض أن الباجي يثأر لابنه ولنفسه من رئيس الحكومة يوسف الشاهد وهي معركة الحسم بين قرطاج والقصبة تقف قاطرة الانتقال الديمقراطي في أحد عثراتها في تململ ويظل المشهد ضبابيا في انتظار ما ستؤول إليه الأوضاع وكيف ستجرى الانتخابات وفي أي مناخ ووفق أي أساس.

إشكالات قانونية وحالة فراغ قانوني ومؤسساتي يعكسه من جديد غياب المحكمة الدستورية أحد ركائز دولة المؤسسات التي دفع الساسة ضريبة تغييبها وتعطيل التصويت على أعضائها.

سناء عدوني

 

 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter