شبهات فساد و مطالب رفع الحصانة و البرلمان في سبات
يبدو ان العلاقة بين رئيس الجمهورية و البرلمان و بصفة خاصة رئيس البرلمان راشد الغنوشي لاتزال متوترة في ظل الازمة السياسية التي تعيشها تونس منذ اشهر فمن أزمة التحوير الوزاري الذي رفضه الرئيس و صادق عليه نواب الشعب الى المحكمة الدستورية التي لم يصادق عليها رئيس الجمهورية رغم حصولها على اغلبية الأصوات في البرلمان الى تبادل الاتهامات بين رأس السلطة التنفيذية و السلطة التشريعية حول مسألة الحصانة و عدد النواب الذين وردت فيهم مطالب رفع الحصانة .
فبحسب رئيس الجمهورية وردت على البرلمان مطالب رفع الحصانة و بلغ عددها 25 طلبا ، و اعتبر رئيس الجمهورية ان البرلمان تجاهل هذه المطالب التي وردت عليه من وزارة العدل و هو ما يحيل الى إمكانية تستر مكتب المجلس على هذه المطالب من اجل حماية بعض النواب ، و توجهت أصابع الاتهام بالتحديد الى رئيس البرلمان راشد الغنوشي و هو رئيس حركة النهضة خصم الرئيس الأول .
و الى جانب رئيس الجمهورية أكد نواب عن التيار الديمقراطي على غرار هشام العجبوني ، نبيل حجي و سامية عبو ان تصريحات الرئيس صحيحة و انه بالفعل وردت عدة مطالب لرفع الحصانة لكن البرلمان تجاهلها ، و قال النائب نبيل حجي انه و في مراسلة لوزارة العدل بتاريخ 15 أفريل 2021، أوضحت له الوزارة انه يوجد 29 مطلبا لرفع الحصانة عن نواب داخل المجلس وردت في الفترة الممتدة بين سنة 2014 وإلى سنة 2021، وأضافت الوزارة في مراسلتها أنّ 9 من بين 29 نائبا لم يتمسّكوا بالحصانة.
و هو ما أكدته النائبة سامية عبو خلال استضافتها يوم امس الخميس في قناة التاسعة حيث اشارت الى وجود 29 مطلبا و 53 ملفا لدى مكتب المجلس منهم 10 نواب فقدوا الصفة منذ 29 اكتوبر 2019 أي انه يوجد 19 مطلب رفع حصانة في البرلمان في الدورة الحالية حسب تعبيرها ، و اتهمت النائبة عن التيار الديمقراطي حركة النهضة و رئيس البرلمان بالتستر على هؤلاء النواب الذين تعلقت بهم شبهات فسات و بالتالي التستر على جريمة :" اريد التذكير بالفصل 32 من المجلة الجزائية و التي تنص على انه كل من ساعد على الإفلات من العقاب يصبح شريكا في الجريمة وهو ما يقع الان من خلاف إخفاء مطالب رفع الحصانة " و قالت سامية عبو في تصريحها :"الأسباب و القضايا متنوعة منها الرشوة ، تبييض أموال ، تهريب عملة وهي جرائم خطيرة ترتقي الى الفساد"
و طالب النائب عن نفس الحزب هشام العجبوني بالكشف عن أسماء النواب الذين وردت فيهم مطالب رفع الحصانة مشيرا الى وجود تضارب مصالح بين البرلمان و مصالح وزارة العدل في هذا الخصوص ، و أوضح النائب في تصريح لإذاعة شمس اف ام صباح اليوم الجمعة ، ان بعض النواب ترشحوا للانتخابات للوصول الى البرلمان لا لشيء الا للتمتع بالحصانة :" هنالك من أمضى ليلة أداء القسم في البرلمان حتى لا يتمّ إيقافه ".
في المقابل نفى ماهر مذيوب مساعد رئيس مجلس نواب الشعب المكلف بالإعلام والاتصال و النائب عن حركة النهضة ورود أي طلب لرفع الحصانة خلال الدورة الحالية و :"ذلك خلال عملية تدقيق نفذها مع مكتب الضبط المركزي والكتابة العامة والهيئة العامة للمصالح المشتركة و ما ورد على إدارة البرلمان في بداية الدورة الحالية هو طلب من النيابة العمومية للاستماع الى نائب لا غير ، ولم يكن طلبا لرفع الحصانة" حسب قوله ، و يتمسك مذيوب بالنفي مؤكدا انه :" تمت مغالطة رئيس الجمهورية في خصوص مطالب الحصانة " ، و أشار ماهر مذيوب خلال استضافته في إذاعة موزاييك اف ام اليوم الخميس الى وجود طلب رفع حصانة في شخص النائب منجي الرحوي تعلق بمخالفة انتخابية و لم يتمسك فيها الرحوي بالحصانة ، و كان اخر طلب رفع الحصانة ورد على البرلمان قبل يوم من أداء رئيس البرلمان لليمين و قبل مباشرته لمهامه .
من جهتها من المنتظر ان تستمع لجنة النظام الداخلي والحصانة البرلمانية، الى وزيرة العدل بالنيابة، حسناء بن سليمان، ورئيس المجلس الأعلى للقضاء، يوسف بوزاخر، في خصوص المنهجية المتبعة في التعاطي مع طلبات رفع الحصانة الموجهة من وزارة العدل الى البرلمان ، في هذا السياق قرر النائب عن الكتلة الوطنية، مبروك كرشيد، بصفته عضو مكتب مجلس النواب المكلف بالعلاقة بالقضاء والهيئات مراسلة وزيرة العدل و الكاتب العام بالبرلمان للاستفسار حول مطالب الحصانة و للحصول على القائمة الاسمية الخاصة بالنواب الذين وردت فيهم مطالب رفع الحصانة .
و للتذكير ينص الفصل 68 من الدستور التونسي على انه لا يمكن إجراء أي تتبع قضائي مدني أو جزائي ضدّ عضو بمجلس نواب الشعب، أو إيقافه، أو محاكمته لأجل آراء أو اقتراحات يبديها، أو أعمال يقوم بها، في ارتباط بمهامه النيابية. و أضاف الفصل 69 انه إذا اعتصم النائب بالحصانة الجزائية كتابة، فإنه لا يمكن تتبعه أو إيقافه طيلة مدة نيابته في تهمة جزائية ما لم ترفع عنه الحصانة أما في حالة التلبس بالجريمة فإنه يمكن إيقافه، ويُعلَم رئيس المجلس حالا على أن ينتهي الإيقاف إذا طلب مكتب المجلس ذلك.
قد تبدو التصريحات حول مطالب رفع الحصانة مجرد اتهامات متبادلة بين أحزاب سياسية و عراك سياسي معتاد لكنه في العمق يخفي ملفات خطيرة فالأمر لا يتعلق بتصريحات بسيطة بل هي اتهامات خطيرة ، فمطالب رفع الحصانة تتعلق بشبهات فساد لنواب يباشرون أعمالهم بصفة عادية و يمثلون الشعب و يتحصلون على رواتب و امتيازات على حساب الشعب .
فهل ستتأسس العدالة و يطبق القانون حين يكون الحارس سارقا ؟
رباب علوي
تعليقك
Commentaires