alexametrics
آراء

صديقي الافريقيُّ والملوخية

مدّة القراءة : 2 دقيقة
صديقي الافريقيُّ والملوخية

00:00  

 

أعيد مُشاهدة."Messiah"  لم على المسيح أن يكون رجلا أبيضا؟ لم عليه أن يكون جميل المُحيّ بشعرٍ ناعم وقشرة صافية؟ كما قُطعت ألسنة الهنود من التاريخ ليحكي لنا اللسانُ الأمريكي قصة 'عيد الشُكر'، يحكي الأمريكي الأبيضُ المنتصر قصة المسيح كما يُريد. يجعله عربيا يهيم في الصحراء، يُلبسه سروال أديداس ويصفف شعرهُ بالكيراتين.  المسيحُ أسود البشرة. لاشك أنّ المسيح كان أسمرا. ولذلك قتلوهُ بِـ "أسودِ" طريقة ممكنة؛ رافعا يديه كآلاف الشبان الأمريكيين الذين قتلتهم شُرطة الرجل الأبيض عُـزّلا رافعين أيديهم في الأحياء الشعبية.

 

لا تُنقذ أمريكا العالم سِوى في الأفلام.

 

4  صباحًا

 لمْ أهنئ بنوم الليل منذ أيام، ليلا أطبخ، أمشط شعري، أنظر للسّقف، أتخيّلني أجري/أقفز/أُهرول في الممشى الصحي بالمنزه ونساءُ الأحياء الراقية يصطحبن كلابهن وأزواجهن في نزهة.  أملأ المغسلة ماءً باردا وأغطس رأسي لأتذكر البحر إلى أن ينفذ الهواء من رئتي؛ أشتاقُ الى الصيف. موسمُ الرؤوس المستهامةِ في الغيمِ الخفيف والأصابع المغمورة في الرّمل. نتثاءبُ فيصعد الموج إلى مُنتصفِ أجسادنا.  

 

أُريد أن أنام..

7:00

 لمّا قال درويش في قصِيده "سَخِرت من هوسي بتنظيف الهواء لأجلها" ظننتُ أنه مجاز مُدهش، أُوف، أن ينظف أحدهم الهواء ليتنفسه أحبابه! هذا الصُبح، رأيتُ المجازْ. لا أُخفي عنكم، لم أستيقظ والصبح مازال فتيّا إلا لأذهب للمرحاض; لكنني في طريقي رأيتُ أمي تعقّم الهواء لأجلنا ونحنُ نيام. تبخ خلطتها العجيبة من ماء ومُعقمات وزيت مُعطر في كلّ رُكن، تفتح كل الشبابيك لفُسحة شمس ستذوب بعد قليل في غيم مارس، تمسح القاع والطاولات والأثاث والجدران وسلة الغلال ولو طالت السّقف لمررت عليه خِرقة الجافال، الأمهات.. تستعجلنَ الضياء لتبدأن يومهن، تخبزن عجينًا يُشبِعنا يومَ تنطفِئُ الشمس، ولا تنمن إلاّ وكل الجفونِ مُطمئنة.  تقُولُ، غدًا، ينتهِي الأبد. ستصفـى السماء، سنكونُ بخير، وأنا أُصدق أمي

10:00

كنت سأعود لأُكمل غفوتي لولا أنّ جاري الافريقي لا يتوقف عن الغناء. لا أعرف إسمه. لندعوه مُصطفى.  سي مُصطفى آخر من ينام وأول من يستفيق في هذا الحيّ. أنا متأكدة أنه لا يملك صحونا في مطبخه لأنني سمعته يكسرها كلّها. له قطّ، وملاءة تحمل شعار "سوبر مان" يعلقّها على حبل الغسيل كل صباح وينساها خارجا. مصطفى يغني دائما، يُراقص مكنستـه، يعيش في شُرفته ولا يُغادرها إلّا للنوم. أضعُ كرسيا في شُرفتنا أيضا وأراقب مُصطفى يتحدّث مع كاميرا هاتفه. هل هو 'انستغرامور' كبناتِنا الفارغات اللاتي تبِعن الوهم والشامبو على الانستغرام؟ هل يحدّث شخصا ما عبر مُكالمة فيديو؟ أريد أن أعرف.

 

مُصطفى صديقي. يؤنس وحشة هذهِ الأيام التي تمر على ظهورنــا ثقيلةً عرجاء، تُسوّينا مع الدركِ وتمضي دون أن تنتظر نهوضنـا. رائحةُ الملوخية تُغرق الحيّ، لا أعرف من أي بيت تنبعث لكنّ الجميع هرعوا إلى الأسطح والنوافذ ولُـعابهم يبلغ القاع. أتشم تلك الرائحة يا مُصطفى؟ أين مُصطفى كان منذ لحظةٍ يملأ الكون ضجيجًا!

11:00

 نجتمعُ حول طاولة الغذاء، "الفطور ملوخية".

 

11:00

قُبالة شرفتنا، يوجد شقة شاغرة لم يكترِها أحد منذ سنين.

 

11:00

 

إستيقظتُ للتو. داهمتني ساعةُ المنبه كما يُداهم الحيض السراويل البيضاء. كنت قد أفقتُ  منذ أربع ساعات، ذهبت للحمام حافية. كانت أمي تنظّفُ غرفة الجلوس، ابتسمتُ لها. لم أغلق باب المرحاض، غسلت يديّ بأعينٍ مغلقة، ثم عُدت إلى فراشي ونمت مِلىء الرُقاد.

  

كانا حُــلما، مُصطفى والملوخيّة...

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter

تقرؤون أيضا

03 جانفي 2022 16:04
0
30 ديسمبر 2021 16:29
0
27 ديسمبر 2021 17:00
0