alexametrics
آراء

أنا من المستقبل، ولن يكون هذا الوباء نهاية العالم !

مدّة القراءة : 3 دقيقة
أنا من المستقبل، ولن يكون هذا الوباء نهاية العالم !

00.00

 

في 2050 سيكون عمري 53 سنة.

 

مـال الوقت على ظلي فشبت قليلا وإعوّجَ عودي.

 

 

 عدت إلى تونس من منفاي في الاتحاد السوفياتي الثاني ( روسيا سابقا) بعد أن هربت من قمع ائتلاف الكرامة سنة 2028.

 

أمر رئيس الجمهورية سيف الدين مخلوف حينها باغلاق بيزنس نيوز واعدام كلّ صحافييها. وبعد تخفيف الحكم، طلب كلّ منا لجوءا في بلد. عاش نزار بهلول في باريس الى حين سقوطها في 2044 متى احتلتها ليبيا وضمتها الى أراضيها. رفض مروان عاشوري مغادرة تونس وقضى بقية حياته في السجن، أمضت سندة طاجين منفاها في جزر البهاماس نادلة في حانة استوائية، وسافرت اخلاص لطيف الى منزل ابنها الأكبر في أثينا.

 

 

 إكتريت غرفة رثية في نزل حقير قبلني على مضض وطُلب مني أضعاف ثمنها كي لا تكشف هويتـي.

 

إتجهت للعاصمة ،أمشـي والشّارِع على ظهري خوفا. أنظر يمنة وشمالا، يرتعش رأسي على كتفي وتدور عينيّ في مقلتيهما ارتعابا رغم أنّ تونس أصبحت حرة الان، بعد ثورة 2049.. ثورة  الحزب اليساري الكبير الذي أسقط حكم الائتلاف بعد صعود الاتحاد السوفياتي مجددا.

 

 

تغطي السماء أعلايْ زحمة الطّائرات، في طريقِـي إلـى "دار البــوليس" أين تقدم أفخر أنواعِ البّيرة في حضرةِ المثقفين من نقابيي الأمن وأعوان المرور والشرطة والنجدة، نُخبةُ البلدِ الذّيـن أوصلوهـا إلى تقدّمها الفكري والعلمي الحالي بعدما حرِصوا بالاتفاق مع قادة الحزب اليساري على أن يتعفّن أعداء الدولة من المعارضيـن سيئِي الذّكر في السجون.   

 

 

شارع الجيلاني الهمامي (الحبيب بورقيبة سابقا) هادئ كعادتهِ، كمـا الأنهج المتفرّعـةُ منـه التّي تحمل أسماءِ شرفاء البلد القدامى الذّين حاربوا  الخوانجية في مجلس النواب ولم يتحالفوا معهم  أيّامَ صـِباي. أدرت وجهي للجدار حيث علقت صورة للعظيم  سفيان طوبال الذي انظم للحزب اليساري السري بعدما حُل حزب قلب تونس بأمر قضائي.

 

ليتني انضممت اليهم حين سنحت لي الفرصة.

 

 

صِرنا من بُلدانِ العالم الأول، لا يفصلنـا عن عرشِ الرتب الأولى سوى مصر التي جعل عبد الفتاح السيسي رحمه الله منها قوة هيمنة عظمى تليــنا ليبيا التي استعمرت كلا من ايطاليا وألمانيا وفرنسا..

 

 جلست في دائرة من السواد بعيدا عن الجموعِ أشد أطراف الوشاحِ بيدي التي أخفيتها بدورها في كٌمي كي لا يُفضح أمري.  طلبتُ كأسا بصوت غليظ ولهجة هجينة وقرأت المعوذتينِ سبعـا لفرط الشك في نظراتهم، ألعـــن طيشا أودى بأيام عمري.

 

 

 

 

تمام 19.20

 

حين كنت طفلة، كنت أظنّ أن الغابات والجبال والأنهار التي تعرض عليها أسماء الله الحسنى بعد أذان المغرب هي الجنة، وكنت أظنّ أن لطفي بوشناق بجبتّه رافعا كفيّه ومُنشدا، هو الله.

 

دعوني أخبركم عن الحرب العالمية في غرفة جلوسنا بعد الافطار. اشارةُ بدء المعركة هي اخر ملعقة من وعاء الشربة التي تتزامنُ مع نهاية ابتهالات بوشناق في تماه كوّني مدروس.

3 خنادق، 3 قيادات عسكرية، أرض نزاع واحدة ونصر هو جهاز التحكم بالتلفاز.

 

 مع اخر اسم، "مالك المُلك ذو الجلال والاكرام"، تشحذ السيوف ثم تُسّل، تتحرك البيادق الى الأمام بين مساحة طاولة الافطار والطاولة الصغيرة التي تتوسط غرفة الجلوس حيث تبقي أمي أجهزة التحكم، تلمع الأعين، يترصد الأعداء الهفوات والفرص، تتعرق الجباه، تدور في الأذهن استراتيجياتُ الهجوم والدفاع. تلفاز واحد، ثلاثة اخوة، وحجر صحي في رمضان.

 وطبعا ينتهي بنا الأمر مُنهزمين ثلاثتنا أمام مجلس الأمن الدولي (أمي) نشاهد اعادة الخطاب على الباب في الوطنية 2، كاتفاقية سلام ومعاهدة تسوية تُناسب كلّ المحاور المتناحرة.

 

لكن الشرف في المحاولة على الأقل.

 

 

روتيننا الرمضاني هو أن نُسافر عبر الزمن من 1997 تاريخ عرض خطاب على الباب، الى سلسلة تونس 2050، ولا نحسّ بفرق، تونس هي تونس والتونسيون لا يتغيرون، نفس الطبائع والفُكاهة والمشاغل.. من قرن الى قرن.

 

أنا من المستقبل، اطمئنوا، لن يكون هذا الوباء نهاية العالم. هذا ليس فيلم جيش الـ12 قردا. ان أردتم أن تعرفوا المستقبل لا تشاهدوا أفلام الخيال العلمي. شاهدوا أفلام التاريخ.

 

 اه لو بإمكانـِي أن أبدأ من جدِيـــد!

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter

تقرؤون أيضا

03 جانفي 2022 16:04
0
30 ديسمبر 2021 16:29
0
27 ديسمبر 2021 17:00
0