alexametrics
آراء

زيارة محمد بن سلمان تساهم في تعزيز التجربة الديمقراطية التونسية

مدّة القراءة : 2 دقيقة
زيارة محمد بن سلمان تساهم في تعزيز التجربة الديمقراطية التونسية

لم تدم زيارة ولي العهد السعودي الي بلادنا إلا ساعات معدودات. لكنها كانت حبلى بالتطورات والمعاني. ويمكن الجزم ان هذه الزيارة كانت ناجحة على المستويين الرسمي والشعبي في آن بقطع النظر عن التجاذبات السياسية الداخلية التي رافقتها أو بالأحرى سبقتها حتى نكون أكثر دقة.

لقد كانت زيارة ولي العهد السعودي ناجحة كليا على المستوى الرسمي وأعطت صورة مهيبة عن الدولة التونسية. فبالرغم من الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد، فقد استقبل الضيف السعودي من قبل رئيس الجمهورية الذي قلده أكبر الأوسمة التونسية ونظم على شرفه مأدبة عشاء حضرها كل من رئس مجلس نواب الشعب رغم انهماكه في الجلسات الماراطونية لمناقشة ميزانية الدولة، ورئيس الحكومة رغم الجفاء الكبير الذي يطبع علاقاته بمؤسسة الرئاسة في الآونة الأخيرة. وقد رافق رئيس الحكومة ضيف تونس لدى مغادرته للمطار متجاوزا برودة الطقس والعلاقة مع صاحب الدعوة فأعطى للدولة التونسية هيبة وشموخا.

وقد تبدو هذه الجزئيات شكلية في تقديم وتقييم زيارة ولي العهد السعودي الذي ترافقه منذ الثاني من شهر اكتوبر الماضي انتقادات شديدة تحوم حول مسؤوليته في عملية اغتيال الصحفي السعودي جمال الخاشقجي داخل القنصلية السعودية في اسطنبول. وقد سبق هذه الجريمة حادثان ارتبطا بالأمير محمد بن سلمان وأعطيا صورة لعنف تناول الرجل لقضايا الحكم في بلاده أولهما اعتقاله مجموعة من المسؤولين والأمراء السعوديين بإحدى الفنادق وابتزازهم سياسيا وماليا، والثاني احتجازه لرئيس الحكومة اللبناني سعد الحريري لمدة أسبوع كامل قبل أن تتدخل فرنسا لإنقاذه.

لكن كل ذلك لم يكن ليبرر للدولة التونسية رفضها لزيارة ولي العهد السعودي. فالدول لها منطقها الخاص ونواميسها وحتى طرقها الدبلوماسية في التعبير عن احترازاتها واختلافاتها. والى حد كتابة هذه الأسطر فان تونس تربطها مع المملكة السعودية علاقات دبلوماسية قديمة. وهما عضوان في جامعة الدول العربية. بل ان تونس اختارت منذ سنوات قليلة ان تَنْظَمّ الى الحلف العسكري الذي تقوده المملكة السعودية في اليمن وتتحمل بالتالي جزءا من المسؤولية في المآسي التي يعيشها الشعب اليمني جراء الأعمال العسكرية التي يقوم بها هذا التحالف. وتستضيف السعودية منذ ثماني سنوات الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي وترفض تسليمه لمحاكمته. لكن ذلك لم يحل دون تبادل زيارات المسؤولين بين البلدين أو مواصلة العلاقات والتشاور بينهما.

ودون الخوض في المغانم المالية لهذه الزيارة، ان وجدت، فانه يمكن التأكيد ان ما جرى رسميا خلال سويعات قليلة من زيارة ولي العهد السعودي يُعدّ متناسقا مع منطق الدولة بكل هيبتها وشموخها.

وفي المقابل، يمكن التأكيد ان ردة الفعل الشعبية وتحركات أطياف واسعة من المجتمع المدني في تونس علي هذه الزيارة كانت بدورها متناسقة مع منطق الحريات والدفاع عن حقوق الانسان والشعوب. ونحن هنا لا نتحدث عن اللاهثين وراء الزيارة في محاولة لاستغلالها سياسيا لا غير. اننا لا نتحدث عن الذين ساهموا في شظف عيش الشعب السوري وشجعوا على تسفير جماعات القتل من التونسيين الى المدن والقرى السورية للتنكيل بأهلها من المدنيين. كما لا نتحدث عن الساكتين، لحسابات أو مصالح شخصية أو فئوية امام فظاعة الجرائم التي ترتكب يوميا في حق الشعب اليمني فكانوا شياطين خرست افواههم. ولا نعير اهتماما لمن لم يخجل ذات يوم من تسليمه رئيس الحكومة الليبي البغدادي المحمودي لجلاديه. ان المعنيين بالمجتمع المدني هم فقط أولئك الذين يؤمنون فعلا بقضايا الحرية والعدل وبحرية التعبير وحقوق الانسان أينما وجدت. هم المنظمات الحقوقية والتنظيمات المهنية والاتحاد العام التونسي للشغل والعشرات من الجمعيات التي تشبعت بالقيم الانسانية ولم تحد عنها يوما. وقد تحركت جميع مكومات المجتمع التونسي هذه بنشاط كبير وبأشكال متعددة للتعبير عن رفضها لزيارة ولي العهد السعودي ولفت انتباه الرأى العام وتعبئة التونسيين ضد هذه الزيارة. ويمكن القول ان جزءا من أهداف حملة مكونات المجتمع المدني قد تحقّق. كل ذلك في اطار هامش واسع من الحرية ومن ممارسة حق التنظّم والتعبير، شكل استثناء مقارنة بجميع دول المنطقة التي زارها ولي العهد السعودي خلال جولته المكوكية الحالية وهو ما لفت اليه انتباه الصحافة الدولية التي واكبت جولة المسؤول السعودي.

خلاصة القول ان زيارة ولي العهد السعودي فسحت المجال لكل الاطراف المعنية التونسية للتحرك كل حسب منطقه وكل وفقا لمنطلقاته وآلياته وكانت من حيث لا يدري او من حيث لا يبغي المسؤول السعودي فرصة جديدة لإثراء التجربة الديمقراطية وتعزيزها في بلادنا.    

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter

تقرؤون أيضا

03 جانفي 2022 16:04
0
30 ديسمبر 2021 16:29
0
27 ديسمبر 2021 17:00
0