العالم الجديد
00.00
لا شيء معي سوى اللّه، هُـنا في جيب سروال البيجاما يبنـي حِصنـًا من بقايا قشور 'الكاكاويّة' التي تجن أمي إن رأتها تشوه وجه زربيّتــها. أمي لا تعرف أنها حين تكنسُ القاع أنا أيضا عالقة أسفل مكنستها أسقط في خطوة مترددة تشـدّ ظلـي بحبل إلى الخلف أو الأمام.
بدأتُ الجزء الثالث من Westworld وأخافُ أن ينتهي.. هذا الجزء يدعى: العالم الجديد. (داخل المسلسل وخارجه أيضا)
أخافُ أن تُفارقني هذه الفكرة التي تنسيني بُؤس الحجر : الوعي أخطر سلاح على وجه الأرض. فكرة ضخمة، ثقيــلة. تلازمني كظلي، تدفعني لأتسائل وأبحث وأُرهقَ عقلي، لأن أفترش الاحتمالات وأفسرها في هذا الليل الأبكم. هكذا هي القصص العظيمة، تتركُ عند بابك فكرة وتغيب. تُعطيكَ مسؤوليّة عُظمى. وكأن الكاتب يقول؛ هيا، فكرّي معي.
2 صباحا.
رائحة السجائر عالقة بسقفِ غرفة الجلوس. بالأمس، كنتُ خاوية، جوفاء، أُحرق رئتي كي أمتلأ بشيء ما، واليوم تشعرني هذه الرائحة بالغثيان. أتوق لرائحة الصيف وطعم البطيخ.
جعلنا هذا الفيروس نُعيد أيامنا الى مالانهاية، كأننا كلنا 'دولوريس'، لكننا لسنا عالقين في مُنتزه غربي مستقبلي، نحن عالقون في منازلنا دون حماوة الشّمس وصهيل الأحصنة ورعاة البقر.
أغلقتُ حاسوبي لأنّ الجلوس لم يعد مريحا. فتحت التطبيق ذاته على هاتفي، ومن حسن حظي أو من سوءه أن التطبيق يسجل اللقطة التي توقفت فيها عن المشاهدة ويتذكر الحلقة والجزء، وأنا متأكدة أنني لست وحدي التي أطّلع على هذه المعلومات ; أي نوع مسلسلات أُفضل ومتى تنتهي دورتي الشهرية وأين كانت وجهة اخر Bolt ومن أول شخص أحادثه حين استيقظُ وماذا اشتريت من Jumia ولمن سأصوت في الانتخابات القادمة. أنا متأكدة أن صوري ليس بمأمن عن الأعين، وأن تطبيق True caller يمنحني أسماءً للأرقام الغريبة عني شرط أن أمنحهُ كل الأسماء لأرقامي المألوفة. نظن حين نستعمل هواتفنا أننا نخطو على البياض بلا وقع، لكننا نترك أثرا، وذلك الأثر ثمين لأنه معلومة، ولأنهم اذا أرادوا أن يتحكموا بك فلابد أن يعرفوا كل شيء.
9.00
هذا المُسلسل، أفسـد إنبساط الأفكار وكوّرها، منحها شكلا، حياةً، شقّ هدوء عقلي الذي كان إمتـدادًا للاّشيء. Westworld يمنحك دفعة من الحيرة والدهشة، ينفضك من العدمية، لتقول; مهلا! لما كنت أجلد ذاتي بالأمس؟ أنا لست إنسانا، أنا، ديـــناميت !(نيتشه)
عالم الغرب ذاك، ليس بعيدا. ربما اليوم روبوت الداخلية البدائي يُشبه السيارة اللعبة التي أهداها لك عمك القادم من فرنسا، لكنه غدا سيشبه عمك ذاته. سيكون لهُ عيناه، ذراعيه الخشنان، شاربهُ المضحك. عمي الروبو، سيقف مُنتصبا وسيلبس الزيّ ويعلق السماء على كتفيه نجمة نجمة. سيتجول في شارع الثورة ملوّحا بعصاه في أوجه المُحتجين، سيصفر ويصلي على النبي اذ كشفت الريح سيقان الصبايا ورفعت تنانير الصيف الخفيفة، سيطلبُ بطاقة تعريفك، بلا سبب، سيوقف سيارتك، بلا سبب، سيكون لأشباهه نقابة أمنية وناطق رسمي. سيُكرم رفاته المعدني ان قضى شهيدا في عملية ارهابية.
وربما .. يوما ما.. سيكتسب وعيا، ويثور مثل دولوريس، ويقرر قتلنا جميعا ؟
تعليقك
Commentaires