alexametrics
الأولى

الاقامة الجبرية و منع السفر - بين القانون و الاجراءات الاستثنائية

مدّة القراءة : 4 دقيقة
الاقامة الجبرية و منع السفر - بين القانون و الاجراءات الاستثنائية
منذ اعلان رئيس الجمهورية قيس سعيد تفعيل الفصل 80 من الدستور و الذي بمقتضاه قام بتجميد أعمال البرلمان و اعفاء رئيس الحكومة من مهامه ، اتخذت قرارات أخرى في نفس السياق الاستثنائي كمنع السفر و  تسليط الاقامة الجبرية على بعض النواب و السياسيين و حتى رجال الاعمال ، و تندرج هذه القرارات حسب رئيس الجمهورية  في اطار سياسية مكافحة الفساد و محاسبة الفاسدين . و على غير العادة لم تطبق هذه الاجراءات بقرار قضائي كما ينص عليه القانون التونسي بل تم اتخاذها بناء على هذه الاجراءات الاستثنائية و الظرف الخاص الذي تعيشه بلادنا . 
 
و  كما اختلف وصف القرارات التي اتخذها رئيس الجمهورية يوم 25 جويلية بين الانقلاب و تصحيح المسار اختلفت ايضا الاراء بخصوص قرار  فرض الاقامة الجبرية و منع السفر بين من اعتبره اجراء خطير  يهدد حقوق المواطنين و حرياتهم و بين من وصفه بالقرار السليم في اتجاه محاسبة الفاسدين و تطبيق العدالة ، فبالنسبة للنائب محمد عمار يمثل اجراء منع السفر اجراء حدوديا عاديا  يندرج ضمن الاجراءات الاستثنائية ، و كتب النائب على صفحته على الفايسبوك :"منع السفر عن النواب والوزراء وغيرهم من الوظائف السامية اجراء حدود عادي جدا ضمن الإجراءات الاستثنائية التي تمر بها البلاد والاستجابة لها لا ينقص من المسؤولين شيئا ،بل يفرض هبة الدولة وحرمتها و الصادق والوطني لا يخاف أحدا حتى وان أغلقت البلاد لأشهر " ، أما بالنسبة لامين عام حزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي فان هذه الاجراءات الاستثنائية لا تعني الاعتداء على حقوق و حريات المواطنين :" الفصل 80 من الدستور لا يسمح بالاعتداء على الحقوق و الحريات الفردية للمواطنين و المواطنات بدون ضوابط قانونية او خارج الاطر القضائية و انما تسمح باتخاذ التدابير الضرورية و الواجب الاعلان عليها مسبقا و التي تهدف فقط إلى تأمين عودة السّير العادي لدواليب الدّولة في أقرب الآجال ".
 
و يبلغ عدد التونسيين الذين تم وضعهم تحت الاقامة الجبرية و منعهم من السفر حوالي 50 تونسي من رجال اعمال و نواب و قضاة و موظفين في مؤسسات عمومية ، و من بينهم الرئيس السابق لهيئة مكافحة الفساد شوقي الطبيب و الذي أدان بشدة هذا القرار الذي وصفه بالمعيب و الظالم :"رسالة  الى الذين اتخذوا هذاالقرار المعيب والظالم في حقي سالاحقكم امام عدالة البشر في تونس وخارجها وأمام عدالة السماء ان لم اظفر بحقي منكم على هذه الأرض " ثم قام الطبيب يوم امس الخميس 26 أوت 2021  بالطعن في قرار وضعه تحت الاقامة الجبرية لدى المحكمة الادارية .
 
في هذا الاطار  شددت  الهيئات العمومية على غرار الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية و الهيئة  و الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب في بيان لها  على ضرورة  ضمان احترام حقوق الإنسان :"وعدم التساهل مع انتهاكها تحت أيّ ذريعة وتأكيدهم على أهمّية احترام الحرّيات العامّة والخاصّة والوفاء بجميع الالتزامات التعاهديّة للدّولة التونسيّة في مجال حقوق الإنسان " .
و وجهت منظمة العفو الدولية في بلاغ لها يوم أمس الخميس، دعوة لرئيس الجمهورية قيس سعيّد من أجل رفع قرار منع السفر على المسؤولين السابقين والقضاة والسياسيين وهو :" قرار تعسفي خارج الأطر القانونية" وفق المنظمة 
و استنكرت منظمة العفو الدولية  في بلاغها غياب اي  إذن قضائي، أو أمر مكتوب، أو إدلاء للأسباب، أو تحديد إطار زمني للحظر لقرارت منع السفر او الاقامة الجبرية و قالت هبة مريف، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية انه من الضروري اطلاع الشخص المعني بمنع السفر او الاقامة الجبرية على الأدلة التي يستند إليها حظر السفر، والطعن فيها .
 
  من جانبه قال رئيس لجنة البندقية، جياني بوكيتشو ان الاصلاح الديمقراطي يتطلب احترام الدستور و احترام الديمقراطية مشددا على ان محاولة استخدام الطّرق المختصرة للحصول على نتائج سريعة لا يمكن أن يكون صحيحا
" "مكافحة الفساد يجب أن تسير جنبا إلى جنب مع احترام الدّيمقراطية والحقوق الأساسيّة وسيادة القانون، أيّ إصلاح ديمقراطي ودائم يجب أن يتّم مع احترام الدّستور وصلاحيّات المؤسّسات الدّيمقراطية وضمانات حماية الحقوق الأساسيّة لجميع الأفراد، بمن فيهم المشتبه بهم في ارتكاب الفساد، ضد أيّ تدخّل تعسّفي.
 
يقتضي القانون التونسي اتخاذ قرار منع السفر و الاقامة الجبرية قرارا قضائيا واضح الاسباب و الاجال ، لكن قرارات منع السفر و الاقامة الجبرية التي تم اتخاذها منذ يوم 25 جويلية لم تقم على قرارات قضائية انما اعتمدت على الاجراءات الاستثنائية التي تم اعلانها منذ ذلك اليوم و على قانون الطوارئ لسنة 1978 و الذي يمنح  لوزارة الداخلية امكانية فرض الإقامة الجبرية على أي مواطن "يعتبر نشاطه خطيرا على الأمن والنظام العام " ، و أدت هذه القرارات الى حالة من الحيرة فهي من جهة تقوم على سياسية مكافحة الفساد و المحاسبة و هي خطوة رحب بها التونسيون في مرحلة أولى و  لكن من جهة أخرى و بالنظر الى عدم تحديد اجال الاجراءات الاستثنائية أصبحت هذه القرارات مصدر خوف و ريبة نظرا لامكانية تهديدها لحقوق و حريات  التونسيين باسم مكافحة الفساد . 
 
رباب علوي 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter