الى كُلّ ' العبيـرات'

18.30 مساء

مرحبا. أنا أنتظر استواء الجلبانة، مُجددا.

 أخطرُ ما في الكون امرأة جائعة  تترقّبُ  غليان قِدرها. هل تعلمون أنّ النّائبةُ في اللغة العربية هي المُصيبة، و الــزّميل هو البعير الذي يحمل الطعّام و القُحـبُ هو سُعال المسنّ بعد مرضٍ شديد؟

أخبروني، ماذا تعني أسماؤُكم التي يشترطُ القانون المُتخلّف في تونس أن تكون عربية الأصل.. هل كنتم أنبياء أم مُحاربين قدامى، هل أنتم مقام موسيقي أو مدينة، هل كنتم أبطال مسلسل تاريخي، أم أبطال قصة حبّ، أم كتّابا عظماء، أم أساطير شعبية ؟  هل لاسمك قصة؟

 أخبروني، حين تخرجون من أجسادكم في غفلة من الزمن وتقفون بعيدا لتروا أنفسكم من الخارج، حين ترون الصُور وحدها تتنفس دون أن يكون في رئتكم هواء، هل تشبهون أسمائكم ؟

أنا لا أعرفُ الكثير من العبيرات. فقط اثنتان في مُحيطي وبعضهن في التاريخ، قليلات، سودوات الشّعر حاداتُ الأعين، أظنّ أن الكون يربطنا بطريقة ما، أظنّ أن لكل منا القليلُ من الأخرى، تحمله داخلها كسرّ، وأنا أحبكنّ، نحنُ ضرب من السحر.

نحنُ، من نحمل بفخر هذا الاسم، صنعتنا ساحراتُ الغجر. أتيـن بروحٍ من ترحالهّن عبر صحراء الجنوب ونفخن فينا عبر الدهر الطويل القليل منها. نحن محصـلةُ سـفـرهن. هذا الاسم جمع لحروفٍ من كلّ لسان.

هل تخوضين حربا؟ إنهّا ليست حربك وحدك. نحنُ معك. عليك أولّا أن تغتالي نون النسوةِ في ضميرك تفكرّي لنفسك لا أن تفكّر الهنّ القابعة في ضميرك الفرديّ بدلا عنك، الجماعة لا تنوبُك في الأفعالٍ الحاضرة  إقتلعي وعي الجماعة من ذاتك الحالمة و أقبلي على الدّنيا بمنطقك الخاص. نحنُ معك، لكن عقلك لك وحدك، تأكدي دوما أنه لك وحدك.

 إبنة قلبي،  أرجو أن تختبري الحبّ اللاّعقلاني- اللّامشروط إلى أقصى درجاته أيّا كان شريكك رجلًا ،إمرأة ، سمكة .. ما يهمنّي أن تكوني سعيدة حسب ما تعنيه السعادة في قاموسك الخاصّ و حسب ما تُمليه فلسفتك أنت.

أحيانا أقف مندهـشة كيف جُمعت حركات الألسنـة هذه و شكّـلتني؟ أحيانا أنزعه، أرميه على أرض غرفتي وأشاهده يجـفّ من مائي، لاهثا، مُتعـــبا مني. أحيانا أنـامُ دون إسم، أمضـي حـرة أرفع اللُــبس عن أنــاي و أتسـّلى بإعادة تشكـيل اللّيلِ كمـا أريد.  أحيانا أفتحُ ويكيبديا وأكتب اسمي، أمشي في الأساطير خلف كُــلّ إمرأة تشبهني، تحمل نفس هذه الحروف. أحيانا أُؤلمنـي، بالتساؤل عن آيــة أو نذرٍ ذُكــرت فيــه أو عن مرّة ألهم فيها اسمي فيها شاعِرا.  هل كرهت احداكن وقع هذا الاسم، هل تمنيتن اسما اخر؟ هل أبــــدو مثـــل إسمـــي؟

أتعرفن أنه لا أثر لنا في التاريخ ؟ كأنّ من حملن هذا الاسم قبلنا مررن بلا عبء على العــالم وإنكسرن على قارعته ريشـا.

 المعاجــم تقول طــيبُ الزعفران و معــاجـم الشرق لا تكذب. أنـا لا أعرف حتّى كيف يبدو الزعفران ، أنا إمرأة تنتظر استواء الجلبانة بلا وجـــه، أبدو تماما مثل إســـمي.