تونس : اصلاحات اقتصادية وسط ترقب اتحاد الشغل
أعلنت وزيرة المالية التونسية سهام البوغديري في ندوة صحفية اليوم الثلاثاء 7 جوان 2022 عزم الحكومة مراجعة أجور موظفي القطاع العام و دعم المحروقات وبعض المواد الأساسية، في إطار برنامج الإصلاحات الاقتصادية و " في حدود ما تسمح به إمكانيات الدولة " .
و تضمن برنامج الحكومة الخاص بالاصلاحات الاقتصادية إصلاح القطاع المالي عبر تسهيل النفاذ الى الخدمات المالية وتطوير انظمة الدفع الالكتروني بالاضافة الى دعم الأسس المالية للقطاع البنكي و إصلاح المؤسسات العمومية وتكريس المنافسة النزيهة. و نص البرنامج على منح امتياز جبائي في قانون المالية 2022 يعفي من الاداء على القيمة المضافة العمولات الخاصة بالدفوعات عند استخدام وسيلة دفع الكترونية او رقمية وذلك على مستوى تطوير الاطار التشريعي.
و تتنزل هذه التشريعات الجديدة في إطار التحضير لاستئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ، اصلاحات تسعى الحكومة للقيام بها في وضع اقتصادي و اجتماعي حساس حيث يواصل الاستثمار تراجعه و من بينها الاستثمارات الصناعية التي انخفضت بنسبة 13.7 بالمائة خلال الأشهر الأربعة الأولى من سنة 2022 لتبلغ قيمتها 784.1 مليون دينار وفق الإحصاءات الأخيرة لوكالة النهوض بالصناعة والتجديد ، و في الوقت الذي تتراجع فيه الاستثمارات تواصل نسبة التضخم ارتفاعها بشكل ملحوظ نسبة إذ ارتفعت خلال شهر ماي الماضي لتصل الى مستوى 7.8 بالمائة بعد أن سجلت 7.5 بالمائة خلال شهر أفريل و7.2 بالمائة خلال شهر مارس و7 بالمائة خلال شهر فيفري و 7,6 بالمائة خلال شهر جانفي.
لكن هذه الإصلاحات لن تكون ممكنة دون توافق مع الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يرفض بتاتا المس من القدرة الشرائية للمواطنين او المس من أجورهم . وهو ما أشار إليه الخبير الاقتصادي آرام بلحاج والذي قال ان البرنامج الذي قدمته الحكومة في إطار المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لا يمكن تطبيقه :" ليس صعبا فقط بل يكاد يكون مستحيلا " . و تحدث ارام بلحاج في حوار له في اذاعة شمس اف ام صباح يوم الاثنين 6 جوان 2022 ، عن غياب التوافق بين الحكومة و الشريك الاجتماعي والمجتمع المدني حول الإصلاحات التي يعتبرها صندوق النقد الدولي ضرورية :" لا وجود لتطابق في وجهات النظر خاصة فيما يتعلق بالمؤسسات العمومية و كتلة الاجور وهي نقاط يجب الاتفاق حولها " .
وذكر الخبير الاقتصادي بالبرامج التي وقع ايقافها سنتي 2013 و 2016 بسبب غياب التوافق حول بعض النقاط . في نفس السياق أوضح آرام بلحاج الى أن البرنامج الذي قدمته حكومة نجلاء بودن لصندوق النقد الدولي لا يختلف كثيرا عن البرنامج الذي سبقه والذي قدمته حكومة هشام المشيشي للصندوق من قبل :" الجديد ربما هو صعوبة (ان لم نقل استحالة) تطبيق هذا البرنامج .
و تعمل الحكومة على الحصول على قرض بقيمة 4 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي .
و سبق و أن تحصلت تونس على أول قرض من صندوق النقد الدولي سنة 2012 بقيمة 1.74 مليار دولار تم تقسيمه على جزئين و لمدة سنتين و على قرض ثاني سنة 2016 بقيمة 2.88 مليار دولار، تم تجزئته على أربعة سنوات .
و ينتظر صندوق النقد الدولي من تونس جملة من الإصلاحات الهيكلية التي ستكون مرهقة اقتصاديا على البلاد التي تشكو من أزمة اقتصادية منذ سنوات. و يدعو صندوق النقد الدولي الى : خفض العجز المالي، خفض فاتورة الأجور ، الحد من دعم الطاقة مع إعطاء أولوية للإنفاق على الصحة العامة والاستثمار وحماية الإنفاق الاجتماعي الموجه للمستحقين ، تعزيز عدالة النظام الضريبي ، تشجيع القطاع الخاص و تنفيذ إصلاحات واسعة النطاق للمؤسسات العمومية.
من جانبها وكالة فيتش للتصنيف الائتماني في بلاغ لها يوم 30 ماي 2022 أن تمرير الإصلاحات السياسية والاقتصادية دون دعم الاتحاد العام التونسي للشغل سيكون أمرًا صعبًا "نعتقد أن الاتحاد سيجعل دعمه للإصلاحات الاقتصادية مشروطًا بالحفاظ على دوره السياسي المؤثر في ظل النظام المؤسسي الجديد. ومع ذلك ، هناك خطر يتمثل في عدم الاتفاق على الإصلاحات في الوقت المناسب لتأمين برنامج صندوق النقد الدولي قبل أن تشتد ضغوط السيولة الخارجية ، حتى لو دعمها الاتحاد العام التونسي للشغل في نهاية المطاف " .
وتوقعت الوكالة تسجيل تونس لعجز في الحساب الجاري بنسبة 8.4 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022 (ارتفاعًا من 6.3 بالمائة في عام 2021). و رجحت الوكالة اتساع العجز المالي إلى 8.5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022 ، من 7.8 بالمائة في عام 2021.
في الاخير ورغم الإصلاحات الاقتصادية التي تسعى الحكومة لتنفيذها لا مجال للحديث عن توافق مع صندوق النقد الدولي دون توافق مع الاتحاد العام التونسي للشغل الذي لن يلتزم الصمت و لن يقبل باصلاحات اقتصادية أحادية الجانب ودون موافقة الاتحاد الذي يعتبر أجور الموظفين و التفريط في المؤسسات العمومية خطا أحمر .
رباب علوي
تعليقك
Commentaires