alexametrics
آراء

نتائج تحقيقات مقتل الأطفال في نابل بالتفاصيل، وحكايات أخرى

مدّة القراءة : 4 دقيقة
نتائج تحقيقات مقتل الأطفال في نابل بالتفاصيل، وحكايات أخرى

 

  

هناك ثلاثة مواضيع استحوذت على الأخبار خلال هذا الأسبوع، وهي: وفاة سبعة ولدان بمستشفى محمّد التلاتلي بولاية نابل، والاعلان عن حزب ''قلب تونس'' برئاسة نبيل القروي، وتعطّل حركة سير السكك الحديدية في تونس بسبب نفاد كميات الوقود.

 

خاص: نتائج التحقيقات في مقتل الولدان بنابل والرابطة

بالنسبة الى موضوع وفاة سبعة ولدان بمستشفى محمّد التلاتلي بولاية نابل، وهو رقم مرشّح للارتفاع، خاصة أمام تواصل نفس الشروط التي أدّت الى الوفاة، وهي كارثة وطنية تنضاف الى كارثة مقتل 11 رضيعا بمستشفى وسيلة بورقيبة بالرابطة.

هذه الكارثة الوطنية، التي لم يهتزّ لها الرأي العام بما يكفي، باعتبار الثقافة التي تسود مجتمعنا والتي تعتبر في لا وعيها أنّ الرضيع ليست له مشاعر أو أحاسيس ولا يتألّم، وهم يحزنون على الكبير ولا يحزنون على الصغير، إنها الثقافة العربية الاسلامية التي مازالت عالقة بها، ثقافة تحقير الضعيف وتمجيد القوي.

الإيجابي في جريمة مقتل الولدان في نابل وحتى في الرابطة هو ظهور الحقيقة والكشف عن المسؤولين والمتورطين في قتلهم، بعد أن تمّ انجاز تقرير عظيم كشف كلّ المستور وقد جاء فيه، وهي المرّة الأولى التي يتمّ فيها الافراج عن معطيات سرية بهذه الخطورة،  أنّ سبب موت الولدان وظروف وفاتهم تعود الى «مجالات التميّز الهيكلي التي رافقها التعاطي الفيزيولوجي لتركيبة الاستعمال الوظيفي في زاويتيه، التكميلية والأساسية، وهما زاويتان يستبطنان اعتبارات غير قابلة للتراجع باعتبارها نتاج التعاطي الموضوعي لشروط استيفاء النمو لدى الولدان» كما اعتبر التقرير في سابقة أولى في تاريخ تونس، وهو ما يكشف عن جرأة لا مثيل لها أنّ «وفاة الولدان السبع في مستشفى محمّد التلاتلي في نابل ليست فقط عملية وفاة بل هي أيضا عملية استباقية لفهم نشوء الأطر التصاعدية لارتقاء الارتباطات الهيلكلية المُشَكِّلة للمنظومة الصحية في تكاملها وفي رؤيتها الشاملة»  وحدّد التقرير بوضوح ودقّة المسؤولين عن وفاة الرضّع سواء في الرابطة أو في نابل وهم نفس المتورطين، اذ جاء في التقرير « إنّ الحقيقة وحدها، يصمت أمامها الجميع، اذ تبيّن بعد التحقيقات وبعد مختلف عمليات الاستقراء والبحث أنّ المسؤولين عن وفاة الولدان هم الجميع... نعم الجميع... كلّنا مسؤولون عن وفاتهم» رحمهم الله وغفر لنا ولكم.

وهكذا يتمّ الكشف عن سبب الوفاة وعن المتسبّبين فيها، وهي المرّة الأولى في تونس التي تتوصّل فيها لجنة الى مصارحة التونسيين، وهو ما يدحض مقولة اذا أردت قتل الحقيقة في تونس فشكّل لها لجنة. هاهي اللجنة المستقلّة للبحث في أسباب وفاة الرضّح تفضح المستور.. فعلا لقد أصبحت تونس دولة ديمقراطية، وهو ما انتظره الشعب التونسي منذ ما قبل عليسة.

 

نبيل القروي: قطعوا عليه طريق الرئاسية فقفز الى التشريعية

أمّا بالنسبة الى الموضوع الثاني والمتعلّق بالإعلان عن حزب ''قلب تونس'' برئاسة نبيل القروي، وهو حزب ينضاف الى المشهد السياسي في تونس، وأعتقد أنّه سيتمكّن من افتكاك مقاعد في الانتخابات التشريعية.

بعد التوافق بين السياسيين على اقصاء نبيل القروي من الانتخابات الرئاسية، استطاع أن يبتكر الحيلة الذكية، وهي تحويل وجهة المعركة من قرطاج الى القصبة أو الى باردو، وهذه الأماكن لا تأتي الاّ عبر الانتخابات التشريعية، أي اكتساح البرلمان.

لقد أدّى اغلاق قناة نسمة بتلك الطريقة الى تحشيد نوع من التعاطف مع نبيل القروي، الذي اختار سياسة اتصالية خارج فضاء الشبكات الاجتماعية مثل الفايسبوك، واتجه أكثر الى المهمشين اجتماعيا واقتصاديا، اتجه إلى غير المعنيين بالانتخابات فاستطاع أن يشرّكهم في معارضة السياسيين ومعارضة السلطة والقائمين على الدولة.

إنّ للمهمشين استعداد لعداء السياسيين، وهو المدخل الذي تفطن اليه نبيل القروي فاستعمل ماكينة اتصالية ناجعة، ومن يعرف نبيل القروي، يدرك مجالات قوته، فالرجل قوة اتصالية وله قدرات فائقة في هذا المجال. الجميع من خصومه وأصدقائه يعرفون أنّه كان وراء صعود الباجي قائد السبسي والجميع يعرف دوره في حزب النداء بنسخته الأولى.

لقد قطعوا أمامه طريق الرئاسية، فقفز الى الطريق الثانية (Plan B) واتجه للعب دور في الانتخابات التشريعية، وهو أمام إمكانية تشكيل كتلة برلمانية قوية في صورة فوزه، وهي ما قد يمكّنه من رئاسة مجلس نواب الشعب أو رئاسة الحكومة.

لا شكّ أنّه سيكون لنبيل القروي دور سياسي مهمّ في الفترة المقبلة.

ربما يمكننا أن نسجّل أنّ عدم القدرة على فهم منظومة التعديل وطريقة اشتغالها يمكن أن يؤدّي الى أخطاء قد تكون نتائجها كارثية على من لم يفهم وعلى المتفرّجين.

 

قطار يخفي بلدا

الموضوع الثالث متعلّق بتعطّل حركة سير السكك الحديدية في تونس بسبب نفاد كميات الوقود.

طبعا هذه نتيجة عادية جدّا ومتوقع لمن هو على دراية بما يجري داخل الشركة الوطنية للسكك الحديدية التونسية، فالشركة تشغّل ثلاثة مرات أضعاف طاقة استيهابها، باعتبارها ''رزق البيليك'' كما يقال، والشركة تعاني حالة من سوء الحوكمة وسوء التصرّف واهدار الطاقات، فهي تزخر بكفاءات لها مؤهلات عالمية، ومع ذلك لا يتمّ استغلالها باعتبارهم أبناء الشركة.

لقد اقتنت الشركة عدد من القطارات من الصين، وهي الآن في ورطة أمام تعطّل بعض القطع  وأمام وجود مشاكل في أجهزة التكييف وبالتالي ضرورة اقتناء تجهيزات جديدة بأسعار مرتفعة رغم أنّ أبناء الشركة لهم القدرة على إيجاد الحلول بأيسر الطرق وبأقل التكاليف.

إنّ المشاكل التقنية في شركة السكك قد لا ينتهي حصرها ولكن المشكل الذي يجب طرحه من زاوية أخرى، هو مشكل القطاع العمومي.

يمكن القول إنّه هناك رغبة أصبحت واضحة ومكشوفة في تدمير القطاع العمومي ليس فقط في مجال النقل بل في الصحّة والتعليم والطاقة، والغاية هي سيطرة لوبيات بعينها على تلك القطاعات الحيوية، وخلق هوّة بين مكوّنات الشعب التونسي وضرب الطبقة الوسطة التي هي صمّام أمان الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في البلاد.

إنّ تفقير البلاد يبدأ من ضرب مكاسب الدولة ومكاسب القطاع العمومي، ولكن هل يجب أن نلقي المسؤولية فقط على الطرف الآخر، أي السلطة وصندوق النقد الدولي، ألا يمكننا القول أنّ لدى التونسي ثقافة التواكل والكسل والتعامل مع المشترك على أنّه هامشي وغير مهمّ.

لقد اصبح جليا أنّ التونسي (وهذا غير قابل للتعميم والاطلاق بل يظلّ نسبيا) ليس في وارد احترام الفضاء المشتركن اذ يحتلّ أصحاب المقاهي والمحلات التجارية الرصيف ويمنعون المترجلين من المرور، ويمنع التونسي غيره من المرور بافتعال فضاء أخضر مغلق أمام منزله وبجانبه، والتونسي يخرج القمامة من داره ويلقي بها أمام غيره، والتونسي لا يحترم الإشارات الضوئية ولا يحترم الطريق ولا يحترم النساء ولا الأطفال ولا الفقراء، التونسي لم يعد يهتمّ بما يشترك فيه مع التونسي الآخر، بل يسعى في كلّ سلوكه الى احتلال ذلك الفضاء المشترك واحتكاره لذاته ولشخصه، والأخطر أنّه مستعدّ لقتل أخيه التونسي من أجل المال فيبيعه السموم على أنها مواد غذائية ويبيعه موادا ملوّثة، المهم بالنسبة اليه تكديس المال ويقدّم خدمات صحية رديئة وخدمات نقل ترتقي الى مستوى التعذيب والبلطجة والتونسي يقدّم في المعهد دروسا لا تليق (الاّ من رحم ربّك من أصحاب الضمير) والتونسي يدمّر الطريق ويدمّر الطبيعة ويدمّر الانسان، المهم اشباع أنانيته، فالتونسي أناني ولا يرغب في العيش المشترك، وهذا بسبب برامج التعليم والاعلام وبرامج ومخطّطات الدولة... لقد خطّطت الدولة لإنسان 2020 على أن يكون انسانا فردا، وعلينا اليوم أن نخطط الى انسان 2050 على أن يكون انسانا في صيغة الجمع مسلّح بقيم العلم والتقدّم والرقي. من هنا يمكننا فهم معنى القطاع العام في تونس.

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter

تقرؤون أيضا

03 جانفي 2022 16:04
0
30 ديسمبر 2021 16:29
0
27 ديسمبر 2021 17:00
0