في اليوم العالمي لحقوق المرأة : المعركة متواصلة
وزارة الشؤون الاجتماعية تحتفل باليوم العالمي للمرأة التونسية المهمشة
منشور حكومي يعفي النساء المعنفات من الاستظهار بوثيقة تثبت تعرضهنّ للعنف
إيمان هويمل: وزارة المرأة تسعى إلى تذليل الفوارق بين المرأة والرجل
7 الاف ضحيّة -العنف ضدّ النساء، الفيروس الذي لا نتحدث عنه!
تحتفل المرأة التونسية اليوم الاثنين 8 مارس كسائر نساء العالم باليوم العالمي للمرأة و تتعدد الأعياد التي تحتفي بالمرأة من اليوم العالمي الى اليوم الوطني للمرأة التونسية يوم 13 أوت ، مرورا باليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة يوم 25 نوفمبر و اليوم الدولي للمساواة في الأجور بين المرأة و الرجل يوم 18 سبتمبر من كل عام.
ومع الأعياد و الأيام تتعدد أيضا التشريعات و النصوص القانونية الرامية الى المحافظة على حقوق المرأة التونسية و حمايتها من الظواهر السلبية على غرار العنف و التهميش، من الدستور التونسي و الذي ينص في فصليه 21 و 46 على المساواة و تكافؤ الفرص بين الرجل و المرأة ، الى الاتفاقيات الدولية على غرار اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة و صولا الى القوانين و الأوامر، لنذكر على سبيل المثال القانون عدد 58 المؤرخ في 11 أوت 2017 الخاص بالقضاء على العنف ضد المرأة.
يمكن القول ان المرأة التونسية نجحت في اقتلاع حقوقها و حرياتها منذ الاستقلال و هي التي كانت في الصفوف الامامية لتحرير تونس من الاستعمار ، و ساهمت مجلة الأحوال الشخصية الصادرة سنة 1957 في تكريس حقوق المرأة التونسية و حمايتها.
وكانت المرأة منذ ذلك الحين رائدة و متفوقة في عدة مجالات : السياسية ، الفن ، الرياضة و تفوقت على الرجل في مجالات عدة ، الا انه لا يمكن التسليم و القطع في مسألة حقوق المرأة فهي و ان نالت حقوقا متعددة كرستها مختلف التشريعات و القوانين الا ان الواقع مختلف تماما.
ففي المجال السياسي مثلا لا تزال المرأة التونسية مجرد شعارات يتغنى بها في الحملات الانتخابية و هو ما تأكده تمثيلية المرأة في البرلمان و في الحكومة : في البرلمان التونسي تمثل المرأة 26 بالمائة من العدد الجملي للنواب ب 57 امرأة من جملة 217 عضوا، مقابل 160 رجلا بنسبة 74 بالمائة ، في المقابل ينص الفصل 24 من القانون الانتخابي على انه : تقدّم الترشحات على أساس مبدأ التناصف بين النساء والرجال وقاعدة التناوب بينهم داخل القائمة ولا تقبل القائمة التي لا تحترم هذا المبدأ إلا في حدود ما يحتّمه العدد الفردي للمقاعد المخصصة لبعض الدوائر " و تراجعت تمثيلية المرأة مقارنة ببرلمان 2014 اين سجل حضور المرأة 36.40 بالمائة من جملة 2017 نائبا ، و يعد هذا التراجع مخالفا لمقتضيات الدستور و لفصله 34 الذي ينص على انه : "حقوق الانتخاب والاقتراع والترشح مضمونة طبق ما يضبطه القانون و تعمل الدولة على ضمان تمثيلية المرأة في المجالس المنتخبة " .
و يعود هذا النقص في التمثيلية الى تشبث الرجال برئاسة القوائم الانتخابية و استغلال المرأة لملئ القوائم الانتخابية ليكون لها حضور صوري فقط ، و في هذا السياق دعت منظمات و جمعيات تونسية الى تنقيح القانون الانتخابي و اعتماد التناصف الافقي الا ان المقترح لم يلقى صدى الطبقة السياسية الذكورية.
و على غرار البرلمان انخفضت تمثيلية النساء في الحكومات المتعاقبة و هو ما أكدته جمعية أصوات نساء في بيان لها صدر في أكتوبر 2019 و التي اشارت الى تراجع تعيينات النساء في المراكز السياسية من 30 بالمائة من العدد الإجمالي من التعيينات سنة 2014 إلى 15 بالمائة فقط سنة 2018. و بين سنة 2014 و 2018 لم تتعدى تمثيلية النساء في الحكومة ال 12 بالمائة وفي رئاسة الجمهورية ال 14 بالمائة من جملة التعيينات.
اما في تركيبة الحكومة ، حظيت المرأة في حكومة المشيشي الأولى" سبتمبر 2020" المتكونة من 28 وزيراً و3 كتّاب دولة، على ثمانية حقائب : وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أملاك الدولة والشؤون العقارية، المرأة، الفلاحة ، الصناعة، بالإضافة الى وزيرتان لدى رئيس الحكومة الحكومة، الوزيرة المكلفة العلاقات مع الهيئات الدستورية، و الوزيرة المكلفة بالوظيفة العمومية، و أخرى في كتابة الدولة لدى وزير الشباب والرياضة.
و خلال الازمة السياسية قرر رئيس الحكومة هشام المشيشي اعفاء كل من : سلوى الصغيّر وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم ليلى جفال وزيرة أملاك الدولة والشؤون العقارية ، إعفاء عاقصة البحري وزيرة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري و تم الاقتصار على تكليف سهام العيادي بتسيير وزارة الشباب والرياضة والإدماج المهني . و من المفارقة ان يواصل رئيس الحكومة تأكيده على دور المرأة في الوقت الذي لا تتمتع المرأة في حكومته بالتمثيلية المتساوية مع الرجل.
من جانب اخر لا تزال المرأة التونسية تعاني من ظاهرة العنف رغم تعدد القوانين و المعاهدات الدولية التي تسعى الى حمايتها من هذه الظاهرة و لعل الإشكالية في هذا المستوى لا تتعلق بالجانب التشريعي بل بالجانب التوعوي ، اذ انه اصبح من الضروري توعية الرجل خاصة و دفع الحوار و توفير الحماية و التأطير للنساء المعنفات ، ففي بعض الحالات تسكت المرأة عن حقها رغم علمها بحقوقها خوفا من العائلة و نظرة المجتمع و خوفا من الرجل.
و لعل ابرز مثال على تنامي ظاهرة العنف ضد المرأة في تونس هي الأرقام التي سجلتها وزارة المرأة خلال الازمة الصحية، و التي اكدت فيها ارتفاع نسبة العنف المسلط ضد المرأة بنسبة 5 مرات خلال فترة الحجر الصحي.
و تجدر الإشارة الى انه و بمناسبة اليوم العالمي للمرأة أمضت وزارة العدل و وزارة المرأة مساء اليوم الاثنين 8 مارس 2021 منشورا حكوميا مشتركا يسعى إلى تسهيل اجراءات تطبيق الفصل 13 من القانون عدد 58 لسنة 2017 المتعلق بمناهضة جميع أنواع العنف ضد المرأة و الذي ينص على انه :" تتمتع المرأة ضحية العنف واﻷطفال المقيم نو معها بالحقوق التالية : - الحماية القانونية المناسبة لطبيعة العنف الممارس ضدها بما يكفل أمنها وسلامتها وحرمتها الجسدية والنفسية وكرامتها مع احترام خصوصياتها وما تتطلبه من إجراءات إدارية وأمنية وقضائية "
و يهدف هذا المنشور الجديد الى تعزيز الارشاد القانوني للنساء ضحايا العنف وتمكينهن من الحصول على المعلومة القانونية الصحيحة وتعريفهنّ على حقوقهن بدقّة وتمكينهن من الولوج الى القضاء دون أي تأثير على رغبة المرأة ضحية العنف في الاجراءات التي تريد اتخاذها حسب ما أكدته وزيرة العدل بالنيابة حسناء بن سليمان ، الا انه و رغم أهمية هذا المنشور يبقى التحدي الأكبر في التطبيق على ارض الواقع فبين القوانين و الممارسة فرق شاسع فالمعركة اذا متواصلة من اجل المساواة في الحقوق و الحريات.
رباب علوي
تعليقك
Commentaires