هل يدرك الرئيس أن تونس لا تملك من يمثلها أمام المؤسسات المانحة!
سعيد: كان يمكن تشكيل الحكومة حتى يوم 26 جويلية لكن الاسماء ليست المهمة بل سياسة العمل
فريد بلحاج :على رئيس الحكومة القادم أن يكون ذو توجه اقتصادي
مواصفات قيس سعيد لرئيس الحكومة الذي يُريده
المؤسسات المالية لن تنتظر 'اشعارا آخرا' من قيس سعيد!
خلال الظروف الضبابية التي يغيبُ فيها عنصر "المفاوض"- أي رئيس الحكومة أو فريق حكومي مستعد للنقاش بشأن الوضع الاقتصادي، ومع تجميد صلاحيات البرلمان بما فيها صلاحية المُداولة والمصادقة على قانون المالية تعطلّت كل سُبل تونس في الجلوس مع أي شريك اقتصادي أو مؤسسة مالية مانحة.
دخلت حالة الاستثناء أسبوعها الثامن ويومها الرابع والخمسين دون أن يعلن رئيس الدولة عن هوية رئيس الحكومة المنتظر، بدلا عن ذلك، اكتفى الرئيس بتقديم تلميحات غير شافية عن نيته القيام بتعديل دستوري مُتجاهلا أصوات المنظمات الوطنية والأحزاب والدول التي تطالبه بتكوين فريق حكومي واعلان خارطة طريق كأولوية مطلقة.
أمام كلّ هذا الارتباك، نشرت الصحيفة البرطانية The Independent جزءا من تقرير وكالة التصنيف "Standard & Poor's" الأمريكية حول انعكاسات أزمة كورونا على الواقعين المالي والاقتصادي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. في الجزء الخاص بتونس، أكدت وكالة الصنيف الأمريكية أنّ المعطيات السياسية في البلاد هي التي تؤثر على الواقع الاقتصادي وتجبر البلاد إلى البقاء لفترة أطول في الأزمة الاقتصادية. أكد التقرير أن البلدان المجاورة لتونس ستحقق انتعاشة اقتصادية بنسق أسرع، بينما سيسير نسق النمو في تونس ببطء بانتظار أن يتخلص من مخلفات الأزمات السياسية.
وجاء في التقرير أن أزمة كورونا أدت إلى انكماش غير مسبوق للناتج المحلي الإجمالي في تونس، بـ 8.6 في المائة سنة 2020، وانعكس على الوضع الاجتماعي المحتقن والأزمة الاقتصادية السابقة. بالاضافة الى ذلك، أشارت وكالة التصنيف الى التطورات الأخيرة في تونس والوضع العام يؤثران في نشاط البنوك التونسية لأن الحالة الضبابية تزيد من توتر مناخ عمل البنوك التي تعاني سالفا من تداعيات الأزمة الصحية.
ورجّحت الوكالة إمكانية فشل تونس في التوصل إلى توقيع اتفاقية جديدة مع صندوق النقد الدولي بسبب الغموض السياسي في البلاد واشتراط الصندوق لحوار جدي بين الفاعلين في تونس ووثيقة اتفاق بين المنظمات الوطنية والحكومة. هناك حاجة ملحة فيما يتعلق بتعبئة الموارد اللازمة لإغلاق الموازنة العامة للدولة. سيتعين على تونس تعبئة 15.5 مليار دينار بنهاية 2021 منها 8.2 مليار دينار ديون خارجية (تُدفع بالعملة الأجنبية).
في قانون المالية، يوجد تنصيص على إمكانية اللجوء بشكل كبير إلى السوق الخارجية لكن الظروف الحالية لا تسمح بالاقدام على ذلك- الوضع السياسي والاقتصادي إلى جانب التدهور الأخير في التصنيف السيادي للبلاد لا يعنيان سوى أمر واحد، تونس حاليا ليس لديها أي خيار سوى أن تبدأ المفاوضات مع صندوق النقد الدولي الذي سيفتح الأبواب أمام جميع المؤسسات المالية الأخرى كالبنك الدولي.
تطبيق قانون المالية مرتبط بسير المفاوضات مع صندوق النقد الدولي انه عامل حاسم سيمكن من إعداد قانون المالية التكميلي 2021 وقانون المالية لعام 2022 ومن هنا تأتي الحاجة إلى استئناف المفاوضات مع الصندوق لضمان تمويل خزينة الدولة والسماح باللجوء إلى السوق الخارجية لأن تونس حينها ستتمتع بمصداقية أكبر.
تونس تحتاج إلى شخص يوقع الاتفاقية التي سيتم إبرامها مع المؤسسة المالية، وعلى رئيس الدولة أن يتدارك التأخير الفادح في الساعات القادمة. السيناريو المثاليّ، أن يكون رئيس الحكومة اقتصاديًا متمرسًا يفهم التوازنات الاقتصادية ، وله علاقات جيدة مع الدول الأجنبية لكنّ مع معرفتنا بالرئيس التونسي، و مزاجه غير المتوقع، لا يمكن الجزم بهوية الشخصية المنتظرة وتوجهاتها. الوقت ينفذ، الأولوية هي تعيين رئيس حكومة وسيكون اختيار هذا الشخص حاسما للمستقبل الاقتصادي لتونس.
من جانب اخر، إن الافتقار إلى رؤية واضحة وعدم الاستقرار السياسي يزيد من مخاوف الفاعلين الاقتصاديين خاصة مع وتهديدات غير منطوقة من قبل رئيس الدولة ومنع من السفر وقرارات الاقامة الجبرية، وبالتالي، تتأخر الاستثمارات الجديدة في انتظار مناخ أعمال أفضل مما يحرم البلد من نمو إضافي وخلق فرص عمل.
عبير قاسمي
تعليقك
Commentaires