alexametrics
آراء

هل يسمع الله الموسيقى؟

مدّة القراءة : 3 دقيقة
هل يسمع الله الموسيقى؟

 

12:19

في هذا الوقت تحديدا ينطلق البثّ اليومي للخشخشة من مكبرات صوت جامع بلال.

 

حينما يكون التونسيون في قمة اليأس، يصبح هنالك إله. حينما يكون التونسيون في قمة الفرح، يصبح هنالك إله.  بين هذا وذاك أظن أن أغلبنا غير ملتزم دينيا لكننا صالحون. علاقتي ليست معقدة مع الله، أعلم أنه داخلي وأراه في الحب والحياة، أراه في الجمال ورائحة أمي. لا أعلم لم كلّ هذا الاصرار في كل دين على أن يُعبد ربهم حصرا. لكلّ الحق في أن يؤمن بربه، ويعبد ربه، ويهتم بربه الخاص فقط. ليس لأحد الحق في مصادرة حقوق الناس في الاعتقاد بأرباب مختلفة، أو رب واحد، أو  لا رب على الاطلاق.

 

أنا إنسانة بسيطة لم أحسم في مسألة الدين بعد. أحب أن أتعرف على الأديان عبر بوابتي السينما والكتب، بإمكان الأدب والفن السابع أن يجعلانِي مسيحية، ثم ملحدةً، ثم مسلمة، ثم أن يجرداني من الدينِ ويعلماني أن أحب إله لا عنوان له، ثم سأصبح يهوديّة، سأعبدُ الشّمس، وحجرا في أقاصي الأرض، ثم سأتصوف .. فقط رواية واحدة أو فيلم جيد يكفي وأُصبح من جُندك المُخلصين. يقول شمس الدين التبريزي :

 

"يقبع الكون كله داخل إنسان ـ في داخلك. كل شيء حولك، بما في ذلك الأشياء التي قد لا تحبّها. لا تبحث عن الشيطان خارج نفسك فالشيطان ليس قوة خارقة تهاجمك من الخارج، بل هو صوت عادي، ينبعث من داخلك. وعندما تعرف نفسك، فإنك ستعرفُ الله. يجب ألا يحول شيء بين نفسك وبين الله، لا أئمة ولا قساوسة ولا أحبار ولا أي وصي آخر على الزعامة الأخلاقية أو الدينية. يمكنك أن تدرس الله من خلال كل شيء وكل شخص في هذا الكون، لأن وجود الله، لا ينحصر في المسجد أو في الكنيسة"

 

أعتقد أننا سنخرج من هذه الأزمة أكثر شوفينية من ذي قبل وكل يجزم أن ربه هو من أنقذنا بعد اختبار طويل، ويتصاعد دخان اليمين الديني، ويخفى نجمُ العلمانية المضيء.

 

00:19

 

"وحدهن" هي أكثر أغنية حزينة أعرفها لفيروز. ستقولون أن فيروز لا  تُسمع في الليل، ربما. اذ أننا نحن كشعب في موروثنا الموسيقي تعودنا على فيروزيات الصباح. يوجد ثلة من الرجال -لعلهم الان بعمر السبعين أو أقل- عوّدوا أذاننا على فيروز كل صباح لما اشتغلوا في الاذاعة الوطنية (ثم التلفزة الوطنية) على مدى ثلاثة عقود من بداية الثمانينات الى أواخر 2010. أتسائل لم اختفت هذه العادة اليوم.

 

قديما .. قديما .. كان الرب تائها بين العروش، هامشيا كالرمادي بين تضاد الأبيضِ و الأسود.

 

كان وحيدا يعيد تشكيل نفسه من الضجر. فيصبح غيمة حبلى و يمطر الأرض.  يتأمل المياهِ تطفُو وسط ظلام الكونِ بلا جوهر، فيصبح ذرّات تراب و يتراكم ملايين السنين على سطح الزُرقَة حتى يشتد ويصير أرضا.

ثم ينمُو زهرة بين ضلوعِ واد كئيب و ينتشر إخضرارا على مساحة صلعاء. شجرة، فشجرة  .. صار الرب غابة وارفة ونبض بها أول قلب.  ومن الدقة الأولى ولد الصوت.  ومن تواتر الدقات ولدت الموسيقى.. فعاد أدراجه وإنسحب، تاركا بعضا من روحه في كل ركن. فيروز هي بعض من روح الله.

 

 

جدي  كان إمام جامع. حين كنت كنت صغيرة، يلبسني محرمة و يحملني معه لخطبة الجمعة.. في الطريق، ويصفر ألحانا عربية.

 

كنت ألاحظ شيئين في المسجد، أنه يوجد مكتبة داخله، وأنه دوما فارغ في كل صلاة. الذي تغير بعد 10 سنوات، أن الجامع امتلأ بالمصلين لكن مكتبته سُرقت في الثورة. وسعوا المسجد على الأطراف وزينوه بالرخام وغيروا الحصائر بالزرابي، وركبوا مكيف هواء في كل زاوية.. ومع ذلك زاد الفقر والبطالة والانقطاع عن الدراسة في القصرين أكثر من ذي قبل.

أتسائل ان كان هناك دين يعبد الموسيقى.. ربما يجب أن يكون هناك دين يعبد الموسيقى.

 

إذا كان كل ماتستمع إليه هو ما يقترحه عليك يوتوب حسب نسب المشاهدة أو ما يعرض في القنوات الرخيصة لمن يدفع أكثر، ماذا يمكنني أن أعرف عنك ؟ شركات الإنتاج تختار عوضا عنك الموسيقى التي تضمها للائحتك لتختنق بها طوال اليوم. كل نغم في هاتفك المقلد هو سلعة.  أنت اذن غبي. طيب، لكن غبي. ألسنا كلنا أغبياء بطرق مختلفة ؟

 

يقولون .. أنه يمكنك أن تعرف الكثير عن شخص من الموسيقى التي يستمع إليها. فماذا يمكنني أن أعرف عنك؟

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter

تقرؤون أيضا

03 جانفي 2022 16:04
0
30 ديسمبر 2021 16:29
0
27 ديسمبر 2021 17:00
0