شبح بورقيبة يقض نومهم إلى اليوم
باقتراب الإنتخابات ستزداد التصريحات وتتفاوت في الغرابة والوقع. يبدو ذلك مشروعا في إطار المشادات السياسية إذ كل متدخل يتمنى أن يكون له الوقع الأكبر تحضيرا للمسابقة الكبرى في آخر السنة. لكن السياق السياسي التونسي يفتقر للحد الأدنى من الإبتكار وكل السياسيين، بخلاف بع الإستثناءات، يفتقرون لأبجديات الفكر السياسي ولا يملكون ملامح بداية إجراء واحد من شأنه تحسين وضع البلاد والعباد.
وضعية الفقر السياسي التي تميز الفاعلين في الساحة تجعلهم وثيقي الإرتباط بمفارقات أكل عليها الزمن وشرب. خطوط المفارقة معروفة بين إسلامي وتقدمي، محافظ وعلماني إلى آخره وجب مع ذلك تحديد "ممثلين" لهذه التيارات، رموز وأسماء تختزل النقاش في "مع" أو "ضد". أبرز هذه الرموز كان وسيبقى الرئيس الأسبق، الحبيب بورقيبة. شخصية هذا القائد بقيت إلى 2019 تمثل إحدى الثوابت التي وجب على السياسيين التمركز إزاءها.
في يوم السبت الماضي، قالت القيادية النهضاوية محرزية العبيدي أنها تفضل المرزوقي على الحبيب بورقيبة. بعد بضع ساعات تكلم سليم بن حميدان قائلا، إن مقارنة ولي نعمته، المنصف المرزوقي، "بالسفاح البيدوفيلي" إساءة أخلاقية وجهل بالتاريخ. بقيت شخصية الحبيب بورقيبة تسكنهم وتقلقهم.
كلما أتى ذكره على الساحة العامة إلا وفجر السفهاء كنوزا من الكره والعنف مبرهنين بذلك عن الفراغ الفكري والسياسي الذي يعصف بهم وعن إنحطاط أخلاقهم وإنسانيتهم. من ناحية أخرى، يتم توظيف الفكر البورقيبي وإرثه الجمهوري من قبل أحزاب وشخصيات تدعي وراثته.
يسمون أنفسهم أحزابا دستورية تقدمية ويعانون من نفس الفراغ السياسي والفكري. فراغ يجعل من تبعيتهم المزعومة لبورقيبة عرضهم السياسي الوحيد ويدعون مواصلة عمل الزعيم الأسبق في 2019."أحفاد بورقيبة" هم المنتصرون في إنتخابات 2014 وها نحن نتخبط منذ ذلك الحين في ترددات حكم دون رؤية ودون إستراتيجية.
شبح بورقيبة يقض نوم مناوئيه ويقلق من يدعي وراثته السياسية. فالأوّلون يعرفون أنهم لن يستطيعوا طرده من التاريخ والهوية التونسية مهما سقطت بهم أخلاقهم. أما الثانون فيصطدمون بحقيقة فراغهم سياساتهم وفشلهم في تمثيل وراثة ناجحة لبورقيبة. في الأثناء، يبقى شبح الحبيب بورقيبة مخيما على ساحة سياسية جوفاء وناجحة.
تعليقك
Commentaires