alexametrics
آراء

عظمة على عظمة.. يا كبير .. يا أنت

مدّة القراءة : 4 دقيقة
عظمة على عظمة.. يا كبير .. يا أنت

 

أتحدّث اليوم عن واحد من آلاف المترشّحين لتذوّق قطرة من السلطة،، اخترت هذا الواحد لأنّه نجح في أن يشدّ إليه الناس بخروجه المكوكي إلى مكتب التسجيل بتونس 1 .. وإن قلت نجح فليس معناه أنّه وفّق في موكبه المشهديّ، وإنّما لأنّه دفع الكثيرين وأنا منهم إلى التعليق والسؤال:

لن أتحدّث عن الأسباب التي دفعت بالخريجي إلى الترشّح إلى التشريعيات، فالأمر على ما يبدو تحوّل إلى دفاع عن مصالح شخصية ممزوجة بدوافع عائلية، وما أكثرها هذه الأيام، حتى يظلّ فاعلا في المشهد السياسي النهضاوي، رضي بهذا الحلّ وإن كان في نظر الكثيرين من أتباعه يرون فيه نزولا عن الدرجة التي وضعوه فيها. وإنّما سأتوقّف عند الرابط الذي انتشر في المواقع الاجتماعية والذي يسجّل دخول الرجل إلى المكتب؛ ولعمري ، كم هو ناطق بنفسية الرجل ونفسية المقرّبين منه، وخاصّة في الصورة التي اختارها حتى يطلع على الناس.. صورة تذكّر المتعبّدين به بتلك التي طلع بها عليهم في 2011 مثل البدر.. فهاجت قريحتهم بما تغنّى به الأنصار عند استقبالهم الرسول، ولا يمثّل..

عجّت في صدري أحاسيس كثيرة وأنا أتباع الرابط.. وتداخلت في ذهني أسئلة كثيرة أيضا، ظللت أبحث لها عن جواب فإذا بها أجوبة متزاحمة ومتدافعة تدافع الناس حول الخريجي في الرابط:

  • تابعت الرابط الذي يخلّد تسجيل البطل في التشريعيات، وفي الحقيقة صدمت أمام هول ما شاهدت، ولكن سرعان ما انقلب الخوف هزءا والرعب تهكّما.. وإذا بي أرى جنود نينجا ، بل وخيّل إليّ أنّ سلاحف نينجا لبّت نداء الشيخ  لنشر الأمان والتوافق.. بحثت في حضور الرجل الركحي ، وتساءلت إن كان يعي النشاز بين المظهر look الذي اختاره أو اختاروه له وبين حالته وقد وهن العظم منه؟  وقديما قال أجدادنا " الرجوع لربيّ" و " كلّ قوّة للضعف ترجع".. فهل يدرك جيدا أنّ لكلّ سنّ رونقها؟ وأن الإنسان عندما يبلغ من العمر عتيّا تزيده الرصانة رونقا، وتعتبر محاكاة الشباب تصابيا وطيشا؟ كان من الممكن أن يتقدّم إلى مكتب التسجيل في خطى الشيخ الحكيم الممتلئ تجارب، إن كانت له تجارب مفيدة طبعا، فيحمله الناس بين أجفانهم لأنّه كنز الذاكرة الجماعية وحياتها.. وأوضّح
  • خرج بدرهم علينا ذلك اليوم في كتيبة مدجّجة وأسلحة مشرئبّة وعيون الشرّ يطير منها.. خرج علينا في غزوة أو قل في هجوم يذكّرك بسطو على مكان ما.. خرج علينا بابتسامة مسترقة في أطراف شفة وبنظرة معهودة فيه لا تستلهم منها سوى الحذر والخوف والريبة.. كيف لا والنشاز هو الجامع الوحيد بين العينين والشفتين!!!
  • تساءلت: هل صدّق الخريجي أنّه مستهدف منّا نحن المجتمع التونسي الذي يخالفه عقيدة وإيديولوجيا؟ بل قد يكون كلّ إناء بما فيه يرشح، فقد يرى أنّ في الاختلاف اقصاء من الحياة الدنيا وقتلا وإبادة  .. وهو عاجز عن فهم هذه المعادلة الصعبة التي نؤمن بها ونطبّقها في حياتنا؛ فنحن شعب ينقد ولاذع في نقده.. لأنّنا شعب صامد أمام حقوقنا ومكتسباتنا ونذود عنها باللسان والفكر، وليس بالسيف أو الدم.. لا نبرمج للعنف بقدر ما نحن حافظون للسلم..إذن، ألا يكون نينجا خائفا من جماعته؟؟ وهو الأدرى بما يحدث داخل معبده!!!وقديما قيل " أهل مكّة أدرى بشعابها" .
  •  لكن، قد تكون عقدة العظمة أكلت فكره أكلا وقضمت حواسّه قضما.. وتحكّمت في نظره ونفسه.. عظمة تحوّلت إلى مرض مزمن، مرض يوهمه ببطولة فريدة تجعل منه كائنا واحدا أوحد .. هي مرض غرس في ظنّه وهم سيبلغ به قريبا حدّ الجنون.. جنون نفخ في صورته بما ليس فيه وأخذه إلى وهم العبقرية..
  • ثمّ نطق بَدرُهُم في الرابط .. وهو يتوسّط محفل زبانيته التي تحرسه بأعين تتطاير منها النيران ولا تدرك أنّه كان عليها حراسته هو من نفسه، ومن النار التي اندلعت في كيانه .. أرسل من فمه كلمات يبدو أنّه كان يتلذّذها وكأنّها بمثابة الدرّ المنثور.. كلمات لخّصت ما يختلج في نفس الرجل من معاناة وعقد. ويبدو أنّه كان يطرزها طرزا وهو يخرج حروفها من صدره ووجدانه.. كلمات هي بمثابة محلّ شاهد نذكره في ظروف مخصوصة للتعبير عن انفراج الأزمة فنقول "حلّوها كبارات الحومة"..
  • وبهت الذي كفر.. بحثنا حوالي الرجل عن " كبار الحومة" حتى يهدّئوا من جنونه .. واستبشرنا خيرا وقلنا إنّه يعترف على الأقلّ بوجود كبار الحومة حتى يهدّئوا من روعه.. لكن أدركنا أنّ نينجا يعتبر نفسه كبيرا من كبار الحومة.. ويرى في حضوره " عظمة على عظمة " .. و إذا به الوحيد المنتشي بعبقريته الموهومة..
  • أعتقد أنّه صار واجبا أن ننبّه الرجل إلى حقيقة من حقائق أخرى، لنقول له : أيّها المتجبّر، وجبروتك اليوم صار يلحق الأذى بفئة قليلة من الناس البسيطة، والدليل على ذلك حجمك الانتخابي الأخير، وليس لك أن تتحدّث عن عزوف أهل ملّتك ورعيتك لأنّهم يتحرّكون بأمر وتدفعهم إلى صناديق الانتخاب دفعا.. عليك أن تفهم مرّة واحدة أنّ المثل الذي استشهدت به لم يكن في محلّه، وفي الحقيقة لست مذنبا، فأنت لم تعش بيننا، أمضيت أكثر سنوات العمر خارج تونس ولذلك تقطّعت الحبال بينك وبين تونس بما تحمله من عبارات وإشارات وإيحاءات، وحتى بتلميحات لا يدركها سوى من عاش فيها وانغرس في اليومي من حياتها فيراها في نظرة أو يهتدي إليها في نغمة صوتية.. فكبارات الحومة هم " الحكماء" الذين يتدخّلون بالفكرة النيّرة والرصينة.. الفكرة التي تبني الهدوء والرصانة.. والحكماء هم ثروتنا اكتسبوا الرأي السديد بعد تجارب مريرة مرّوا بها في حياتهم ، وينشرونها في المجتمع سعيا إلى الاتزان والصفاء.. أمّا أنت فقد أخطأت التعبير ، وأجدني أدرك أنّك تقصد شيئا آخر بعيدا كلّ البعد عن الفلسفة والحكمة.. أنت باختصار أردت أن تتحدّث عن " الباندية"، ولك في علي شورّب مثالا ناطقا.. وربّما ترى في نفسك شورّب 2019 ، لكن حذار لا تصدّق أدبيات المسلسلات فشورّب الحقيقي كان محلّ ركل من الناس ومصدر مشاكل لا تحلّها غير أمّه.. وقد تكون قصدت " الزوافرية" وهي لفظة وليدة من اللغة الفرنسية ouvrier، ولكن حذار مرّة أخرى فاللفظ يحمل شحنة دلالية مغايرة، وعليهم أن يثقفوك بهذه المعاني بما أنّك عدت إلى تونس..
  • بقيت مسألة واحدة ولا أعتقد أنّك تقصدها أو حتى تستحضرها: فهل تعلم أن إضافة حرف واحد في العربية يغيّر معنى الكلمة من النقيض إلى النقيض؟ وأعطيك هذا المثل الذي ذكرت، فإضافة تاء إلى كبير يغيّر معنى الكلمة، بل ويحوّله من سجلّ دلالي إلى آخر اصطلاحي، وأوضّح: بين كبير وكبيرة تاء، ولكن أيّة تاء هي!!!! تحوّلت اللفظة في معناها إلى جدل فقهي/ أصولي عن مرتكب الكبيرة. وهل تعلم أنّ بين كبار وكبائر همزة ولكن أيّة همزة تلك التي تحوّلك من مؤمن ناج إلى صاحب كبائر؟ وقد يستوقفني من مقالات القدامى كبيرة من جملة الكبائر أذكرها لأنّنا شعب لا ينسى شهداءه، ولا ينسى التهمة العالقة بكم، وإن كان الشاهد ينتابه تجهّم لمجرّد ذكرها فيصمّ أذنيه ويعقد لسانه: إنّه الجهاز السرّي ودوره في قتل الشهيدين.. فهل تطلب حضور من ارتكب كبيرة قتل النفس؟؟ وعندئذ أكتفي في هذا المقام بالإشارة إلى وجوب قراءة مقالات القدامى في حكم مرتكب كبيرة قتل النفس..

كلمة أخيرة : ما شاهدناه ليس سوى مسرحية سيئة الإخراج تقنع بها نفسك ومن حولك من سكّان المعبد أنّك قويّ.. بينما نحن فلا نرى قوّة سوى في البساطة والتلقائية وتحالفنا مع بعضنا بعضا ضدّ كلّ شرّ محتمل، وإنّها لمرحلة صعبة سنجتازها منتصرين بحول الله كالعادة

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter

تقرؤون أيضا

03 جانفي 2022 16:04
0
30 ديسمبر 2021 16:29
0
27 ديسمبر 2021 17:00
0