كم لبثنا في هذا الكهف؟
صبرًا. خمس أيام ونكون أحرارًا. يمكننا أن ننجو.
00:00
ماذا فعلتُ اليوم يا يوميات الكورونا.. همم؟ لنرى، تفوهت بالكثير من الكلام البذيء لا شكّ في ذلك.
أحرقتُ الكمونية إلى أن إسودّت وأنا أحدق بهاتفي. صرخت كثيرا بأختي الصغرى لأن صوت التلفاز عالٍ أو لأنها تركت الباب مفتوحا، أو لأنها تتنفس. شتمت كل أفراد عائلتي، ضربتُ لوحة المفاتيح كلما تباطئت الانترنت، نفست غضبي في وجه أبي حين سألني عن مكان جهاز التحكم..
الوضع لم يعد يُحتمل. أنا لم أعد أُحتمل، وعلى أحد ما أن يقدم جائزة لهذه العائلة لأنهم لم يطردوني من منزلهم بعد.
هذه العائلة. حين أكون ليلا كئيبا، يأتون وكفوفهم مضويّة، يضعونها على رأسي، فأتوهج نورًا. حين لا أقدر على المشي وتمد الأرض أذرعها لتثبتني على القاع، يُسندونني على أكتافهم، يُعلموننا كيف أخطو، أمشي، أجري. كيف أنهض ويسقط الحزن عن صدري ليتحطم ويتناثر، وأتنفس. حين أكون لونا واحدا، يأتون وفي جيوبهم الدّنيا بألوانها. حين أكون سكـوتا، يأتون والحديثْ يتسابق على أطراف ألسنتهم، يعلمونني كيف أتهجئ الحروف من البداية كي أعود وأملأ أذانهم صخبًا. إن سقطت، أزالو أثر الجراحِ عن كلّ الحصى وخاطوا قُطـب خلاصٍ بقلبي. إن أحسست ببرد، أدلوا لعلـوّ الشمس دلوَا كي لا تغيب، وشدوا بحبل أطراف الربيع.
لا يستحقون هذا الوحش سيّء الطباع يا يوميات الكورونا، يأكل زيتونهم ويحرق كمونيتهم ويصرخ بهم لسبب أو دون سبب. ألهذا ضحّوا وسهروا وأجهدوا أنفسهم! من أجل كائن أناني متشنج، سليط اللسان قصير الصّبر يأكل ويتذمّر وينام؟
ألهذا خاضوا ثوراتهم الصّغيرة ضدّ الديّون والكراء وعملوا سنوات لتكوين إقتصادهم الخاصّ بتمويل ذاتي ليبنوا من مداخيله منزلا؟ ألهذا كانت أميّ تخيطُ الثقوب و تُصححّ الياقاتِ المائلة رغم شهادتها العلمية؟ ألهذا لم يرتح أبي منذ ثلاثين عاما؟
طبعا لا. هم يستحقون أفضل من هذا بكثير! ولذلك على هذا الحجر أن ينتهي لأعود إلى طبيعتي المرحة المُسالمة، لا من أجلي، بل من أجلهم.
تعليقك
Commentaires