alexametrics
آراء

ومتى استقام مع "العيال" حساب؟

مدّة القراءة : 2 دقيقة
ومتى استقام مع

بقلم: سفيان بن حميدة

 

يبتعد رجال السياسة عادة عن المفاجئات لأن من شأنها أن تربك الأنصار قبل الخصوم فتراهم يحضرون لتغيير مواقفهم أو تحالفاتهم عبر جرعات من التصريحات المتتالية والإشارات المتلاحقة قبل الاعلان عن القرار الجديد بشكل انسيابي يدخل دون ضجة في خانة المنتظر والمتوقع.

لكن اللقاء الأخير بين المدير التنفيذي للنداء حافظ قائد السبسي ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي شكل مفاجئة لكل المتابعين للمشهد السياسي لأنه لم تسبقه تصريحات أو اشارات تحضر لمثل هذا القاء وهو الأول من نوعه منذ أكثر من عام. بل أن الظن السائد كان  يميل الى اعتبار ان انهاء التوافق الذي قرره رئيس حركة النهضة وأعلن عنه رسميا رئيس الجمهورية هو قرار بات. كما كان في الاعتقاد ان القطيعة بين حزب نداء تونس وحركة النهضة باتت نهائية في ظل تصريحات قيادات النداء خلال الاشهر الماضية وحتى الايام القليلة الماضية. بل المدير التنفيذي للنداء كان الى وقت قريب يحلف بأغلظ الايمان أنه لن يتعامل مع النهضة مجددا باعتبارها أضرت بالنداء وشقت صفوفه وكانت السبب الرئيسي في الشروخ التي عصفت به. ما الذي تغير اذن في هذا الوقت القصير حتى تتغير المواقف وتنقلب على نفسها بهذه السرعة؟

تبدو مصلحة المدير التنفيذي للنداء في تنقله ولقائه برئيس حركة النهضة في ارتباط كبير بالمؤتمر الانتخابي المقبل للنداء الذي قد يعقد خلال شهر أفريل المقبل. ولا يبدو وضع المدير التنفيذي مريحا خلال هذه الفترة السابقة للمؤتمر حيث تتزايد المناورات لتحجيم دوره في التحضير للمؤتمر لفائدة لجنة لا يتحكم فيها اطلاقا. وتتعالى الأصوات من خارج النداء ومن داخله وحتى من الدوائر القريبة منه لمطالبته بالتأخر الى الصف الثاني في انتظار عما ستسفر عنه نتائج التصويت داخل المؤتمر المقبل. بل ان التحضير لإبعاده أخذ بعدا ميدانيا ملموسا باعتبار ان المشاورات مع الشخصية التي يفترض ان تعوض المدير التنفيذي الحالي تقدمت اشواط كبيرة. لذلك فان الاسراع بلقاء رئيس حركة النهضة في خطوة مفاجئة حتى لأقرب المقربين منه من شأنها أن تخلط الأوراق من جديد وتعيد فتح النقاش داخل النداء حول العلاقة مع حركة النهضة وتعيق بعض الشيء مسار تعويضه قبل المؤتمر.

والواضح ان المدير التنفيذي للنداء لم يكترث كثيرا لوقع المفاجئة على أنصار الحزب ومنخرطيه الذين صدقوا تصريحات قيادات الحزب حول انهاء التحالف مع حركة النهضة. وقد انتابتهم منذ الاعلان عن اللقاء بين حافظ قائد السبسي وراشد الغنوشي حالة من الذهول والإحباط زاد من حدتها الصمت المطبق للمدير التنفيذي ومعاونيه. ولئن اعتاد في السابق التصرف بهامش واسع من الحرية فان الوضع قد يختلف في ظرف بمثل هذه الدقة من حياة حزب النداء الذي يجاهد من أجل استرجاع بعض ثقة أنصاره وناخبيه.

لكن الواضح أيضا ان المدير التنفيذي للنداء لم يتصرف بمفرده ولم يكن تحوله للقاء رئيس النهضة مجرد  نزوة من نزواته. بل ان اللقاء ولئن كان دون علم قيادة النداء فقد تم التحضير له والتنسيق فيه بينه وبين رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي. فالرجل ابن أبيه يرتهن بأمره ويخضع لمشيئته ولا يخرج عن طوعه مهما بدا منه غير ذلك. ورئيس الجمهورية ليس من أولوياته القطيعة مع حركة النهضة بقدر ما يتمسك بإسقاط الحكومة وإقالة رئيسها. وقد يكون استغل مناسبة عائلية لرأب الصدع بين ابنه وزعيم حركة النهضة. من جانبه فقد التقط رئيس حركة النهضة هذه اللحظة لتجاوز خلاف شخصي أصبح اليوم ثانويا للغاية أمام الألغام التي زرعتها هيئة الدفاع عن الشهيدين في طريق حركة النهضة والتي بات أمر تفكيكها مستعجلا بالاستعانة بجميع من لهم القدرة على ذلك وبتقديم كل التنازلات الممكنة والضرورية.

وفي ظل تعتيم كبير على ملابسات اللقاء ومضمونه، تشير تسريبات الى ان التحضير لهذا اللقاء كان بسعي من أبناء الرئيس وأفراد من عائلته من الجيل الصاعد. ولأن "العيال" تعوزهم التجربة ويحدوهم اندفاع الشباب فقد أغفلوا اطلاق اشارات يعبدون بها الطريق أمام تغيير حاد في اتجاه السير. فكانت المفاجئة التي احسنت النهضة استثمارها اعلاميا لصالحها فيما لا يعرف حتى الآن انعكاساتها على الوضع داخل النداء.          

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter

تقرؤون أيضا

03 جانفي 2022 16:04
0
30 ديسمبر 2021 16:29
0
27 ديسمبر 2021 17:00
0