alexametrics
آراء

الأساليب الرديئة والقذرة لإضعاف قيس سعيّد

مدّة القراءة : 5 دقيقة
الأساليب الرديئة والقذرة لإضعاف قيس سعيّد

 

كان الأسبوع الماضي حافلا بالأنشطة والتحركات بالنسبة إلى سياسيينا .. الرئيس قيس سعيّد تحوّل إلى باريس للمشاركة في قمة حول إفريقيا حيث أجرى محادثات مع عدد من نظرائه الأوروبيين والأفراقة والعرب لكن تلك اللقاءات لم تفرز شيئا يُذكر باستثناء تبادل التحية والعبارات الدبلوماسية .. لم يتسرّب شيء من هذه المقابلات بما أنه لا شيء فيها يستحق التسريب.

 

كالعادة لم يفوّت الرئيس الفرصة ليضع نفسه في موقف محرج .. وهو دليل على أنه عاجز إلى اليوم عن أن يظهر في هيئة رئيس للجمهورية .. لذلك اعتقد أنه كان عليه أن يقبّل الرئيس إيمانوال ماكرون ليثبت له مشاعره الصادقة نحوه، دون التفكير في الصورة السيئة التي يعكسها تصرّفه هذا في مثل هذه الظروف الصحية التي فرضها علينا الكوفيد ومن أبرز متطلباتها التباعد الإجتماعي.

 

إلى جانب ذلك أجرى حديثا صحفيا مع قناة فرانس 24، القناة العمومية الفرنسية التي كانت في وقت ما مستقلة عن وزارة الخارجية .. هي صفعة لكل المحطات التلفزية التونسية التي تنتظر لإجراء حوار معه منذ توليه المنصب الرئاسي .. لم يسبق لأي رئيس في دولة ديمقراطية أن أهان إعلام بلاده مثلما فعل قيس سعيّد .. حتى دونالد ترامب كان يقبل ببعض الحوارات الصحفية مع قنوات معادية له.

 

وقد كان الحوار مناسبة لقيس سعيّد لأن يثبت مجددا أنه لا يفقه في السياسة شيئا ولا في ما يجب أن يقال وما لا يجب أن يقال في الخارج .. بدا له مناسبا أن يصرّح بأن الظروف السياسية الراهنة ليست مواتية للاستثمار في تونس .. دون مستشار سياسي ولا مستشار في الإتصال كان من الطبيعي أن يتصرّف قيس سعيّد هكذا ويظهر بهذا الارتباك .. كم أدخل فيلا في محل للتحف وأواني الخزف الصيني.

 

بالنسبة إلى رئاسة الحكومة، توجّه هشام المشيشي إلى ليبيا للترويج للوجهة التونسية واليد العاملة المحلية .. رافقه وفد إعلامي كبير غابت عنه "بيزنيس نيوز" وقد اعتبر بعض الزملاء الحاضرين في هذه الزيارة أنها كانت إيجابية ومثمرة. من بين المواضيع التي أثارها المشيشي، رفع الحواجز التي تعيق تنقل السلع بين البلدين وقد اتخذ بعض الإجراءات لتسهيل وتيسير الإستثمارات الليبية في تونس .. كما عبّر عن ترحيبه بالليبيين الراغبين في تملّك العقارات على أرضنا وهو قرار أثار حفيظة بعض الملاحذين الذين حذّروا من أن مثل هذا الإجراء سيساهم في الترفيع المشط في أسعار العقارات وسيحرم التونسية من يصبحوا مالكين في وطنهم. 

 

ما يجب معرفته هو أن الأجانب كان لهم الحق في امتلاك  العقارات في تونس، شرط الحصول على رخصة من الوالي. وحسب علمنا ليس هناك تشدد في إسناد هذه التراخيص .. فمنذ 2005 وبفض القانون عدد 2005-40، تُعفى من الترخيص الأولي، الأراضي والمحلات المقامة في المناطق الصناعية والأراضي الموجودة في المناطق السياحية، وذك لغرض إنجاز مشاريع اقتصادية. فماهي الهدية الإضافية التي قدمها المشيشي للليبيين ؟ هل باعهم بعض السراب ؟ يبدو أن الأمر كذلك .. لكن بما أنه يقال إن الزيارة مثمرة فليكن الأمر كذلك .. فالمشيشي ليس الوحيد من يبيع السراب في هذه البلاد.

 

بالنسبة إلى "سيرك" باردو، حيث مقر البرلمان، مازالت العروض الفرجوية على حالها .. عبير موسي بخوذتها المعتادة والسترة المضادة للرصاص، تواصل والكاميرا في يديها اعتراضها على كل شيء .. سميرة الشواشي وراشد الغنوشي يواصلان خرقهما للقانون والنظام الداخلي .. سيف الدين مخلوف تسبب في تعليق أشغال جلسة عامة لتأدية الصلاة .. راشد الخياري مازال يتقاضى منحته كنائب رغم أنه فار من العدالة والشرطة تبحث عنه إلى اليوم .. باختصار هي كل مقومات العرض الفرجوي في السيرك .. هناك أمر آخر لقد قرروا التعجيل بالنظر في المقترح المتعلق بتجريم التطبيع مع إسرائيل .. يبدو أنها أولوية قصوى .. لقد تم الترحيب بالنصر الذي حققه إسلاميو حماس ولا يهم إن كان ذلك بعد مقتل أكثر من 220 فلسطينيا من بينهم حوالي 60 طفلا .. إنه سيرك باردو يا جماعة وأبطاله هم نوّاب الشعب.

 

وبخصوص صفحات الإسلاميين على الفايسبوك، يتم منذ أمس الأحد تداول وثيقة تتكوّن من أكثر من ثلاث صفحات يقال إنها مشروع محاولة انقلاب يعدّ لها رئيس الجمهورية استنادا للفصل 80 من الدستور .. نعم هكذا يتم تقديم الرئيس على أنه المخطط الرئيسي لمحاولة انقلاب على الحُكم !

 

في هذه الوثيقة نجد كيف أن الرئيس سيضع بعض نواب قلب تونس والنهضة وائتلاف الكرامة تحت الإقامة الجبرية .. وكيف أنه سيجبر رئيس الحكومة ورئيس البرلمان على البقاء في قصر قرطاج، بعد أن يتم قطع التغطية عبر شبكة الانترنات والهاتف .. وكيف أنّ رئيس الجمهورية سيستولي على كل السلطات ! وهذا من المضحكات المبكيات ..

 

بالتمعّن في الوثيقة نكتشف أنها موجّهة من شخص مجهول إلى مدير الديوان الرئاسي نادية عكاشة وتولّى نشرها موقع "ميدل إيست آي".

 

رفيق عبد السلام، صهر راشد الغنوشي كان من بين الأوائل الذين أعادوا نشر الوثيقة وكأنه يصادق بذلك على أنها وثيقة غير مزوّرة ولا مزيّفة .. ثم حذا حذوه عبد اللطيف العلوي، النائب عن ائتلاف الكرامة الذي يتهم عائلة الثنائي محمد وسامية عبّو بأنهما وراء هذه الوثيقة .. بعد ذلك مباشرة قام النائب الفار، راشد الخياري بنشرها، متهما الإماراتيين والفرنسيين بكونهم وراء هذه المناورة مع التنصيص على أن الموقع الإلكتروني الذي نشر الوثيقة تابع لوسيلة إعلامية معروفة.

كما لو أنه يقول للجميع إنه لا مجال للتشكيك في مضمون هذه الوثيقة .. ألم أقل لكم إنه قنّ دجاج.

لأن وراءهم قطيعا يتبعهم، يعتقد الإسلاميون أن كل التونسيين حمقى ومغفّلين .. فهم يقدّمون باستمرار منذ الثورة، شخصا ما على أنه خبيث لعين يريد الشر بتونس .. قبل الثورة كان بن علي هو مصدر كل الشرور .. في فترة 2012-2013 أصبح كمال اللطيّف، في نظرهم، وراء كل الصفقات والمناورات، ليصبح بذلك كبش الفداء والمسؤول عن كل مؤامرة تستهدف البلاد .. "إعلام العار" كان دائما، من وجهة نظرهم، في خدمة المناورات القذرة والوضيعة .. بعض الإعلاميين أكثر من غيرهم .. مثل محمد بوغلاب ونبيل القروي (قبل أن يصبح صديقا لهم) ونوفل الورتاني (قبل أن يرفع الراية البيضاء ويهجر الصحافة السياسية) ومريم بالقاضي ولطفي العماري وحمزة بلّومي وسفيان بن حميدة وزياد الهاني ومايا القصوري وغيرهم ممن كانوا يُذكرون على أنهم ينتمون لشق الأشرار الذين لا يريدون الخير لتونس ولشعبها المسالم المفقّر .. من الأطراف الأخرى الفاعلة التي تنتمي لشق الأشرار الذين لا يريدون الخير لتونس، نجد الإماراتيين والفرنسيين .. هاتان الدولتان، الشقيقة والصديقة، دائما ما يُذكران من قبل الإسلاميين على أنهم وراء تمويل المؤامرة الكبرى التي تستهدف تونس وثرواتها التي لا تنضب (النفط والملح بالخصوص). منذ انتخابات 2019، حلّت نادية عكاشة محل الجميع، فقد عوّضت لوحدها كل هؤلاء "الأشرار"  .. فحسب الإسلاميين وصفحاتهم، هي التي تتحكّم في رئيس الجمهورية وتفرض عليه فعل كل ما تشاء.    

 

الوثيقة التي سرّبها موقع "ميدل إيست آي"، مدعاة للضحك من قبل أي ملاحظ ومتابع للشأن السياسي، نظرا لتفاهة مضمونها .. فهل يوجد مكان واحد في العالم يتم الكشف فيه عن وثيقة أو بيان للانقلاب على الحكم ؟ في أي بلد في العالم ينقلب رئيس دولة على حكمه ؟ بعيدا عن هذه البديهيات يكفي أن نعرف أصول "ميدل إيست آي" لنشكك في فحوى ومضمون ما يبثه هذا الموقع. 

 

علما بأن هذا الموقع يشرف عليه أحد أعضاء معهد الشرق للدراسات الاستراتيجية والذي يتبع منظمة مقرها اسطنبول (منتدى الشرق) ويرأسها وضّاح خنفر، الإسلامي المعروف والمدير العام السابق لقناة الجزيرة القطرية.

 

قطيع الإسلاميين لا يهتمون بكل هذه التفاصيل وهذه المهاترات .. فهم يستقون معلوماتهم من كل المصادر مهما كانت مشبوهة.

 

الوثيقة التي تم تسريبها أمس، في منتهى الوضاعة والقذارة، لأنها ترمي إلى الإساءة لرئيس الجمهورية من خلال معلومات مغلوطة وكاذبة.

 

أن يكون هناك خلاف بين الإسلاميين ورئيس الجمهورية فهذا أمر طبيعي بل هو عامل صحّي أصلا، لكن في الديمقراطيات الحقيقية، لا يسمح بمثل هذه الصبيانات والضرب تحت الحزام، هذا في صورة ما حرصنا على عدم  تخطّي بعض الخطوط الحمراء والحفاظ على الحد الأدنى من الكرامة التي لم يبق منها شيء لدى الإسلاميين الذين لا يترددون في المس من كرامة وشرف البعض ونزاهة آخرين (على غرار نادية عكاشة والمحامية مايا القصوري).

 

الإسلاميون لم يعودوا يكتفون لتوجيه التهم الاعتباطية بل تحوّلوا إلى صناعة الوثائق والتسجيلات المفبركة لمهاجمة خصومهم السياسية والإعلاميين. يريدون دفع قيس سعيّد نحو ارتكاب الأخطاء .. يعتقدون أنهم مهما كانت ردّة فعله فإنهم الكاسبون الفائزون.

 

تقديرهم هذا خاطئء تماما .. صحيح أن صحّة ما يدّعيه الإسلاميون ليست محل تشكيك من قبل أنصارهم، لكنهم يخسرون مصداقيتهم شيئا فشيئا لدى أبرز الفاعلين الإقتصاديين والسياسيين في تونس وخارجها .. فوسائل الإعلام كشفت هذه الوثيقة الفضيحة المسرّبة والتي تحتوي على أكاذيب ومغالطات كما أن السفراء موجودون لصياغة تقاريرهم في الغرض.

 

الملاحظون المحترمون والذين لهم شأن ومكانة في البلاد، ليسوا عشرات الآلاف من الأنصار الذين يكتفون بوضع علامة "الإعجاب" تحت منشورات الفايسبوك، بل رجال الإعلام المؤثرون والمستثمرون واللوبيات والسفراء الذين يلاحظون في صمت كل ما يجري في تونس ويتحرّكون انطلاقا من ذلك. 

 

رحم الله زينب فرحات وأحمد المستيري، شخصيتان بارزتان فارقتانا خلال الأسبوع الماضي.

 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter

تقرؤون أيضا

03 جانفي 2022 16:04
0
30 ديسمبر 2021 16:29
0
27 ديسمبر 2021 17:00
0