الهجرة غير النظامية : الحل اقتصادي قبل ان يكون امني

يؤدي رئيس الجمهورية قيس سعيد زيارة رسمية الى إيطاليا انطلاقا من اليوم الأربعاء 16 جوان 2021 ، زيارة رسمية ستكون الهجرة غير النظامية ابرز المحاور في جدول اعمالها ، وهي تأتي بعد شهر من زيارة وزيرة الداخلية الإيطالية  لوتشانا لامورغيزي الى تونس يوم 20 ماي 2021 .

و سبق و أدت وزيرة الداخلية الإيطالية  لوتشانا لامورغيزي ثلاثة زيارات رسمية الى تونس يوم 27 جويليا 2020 ، يوم 17 أوت 2020 ثم الزيارة الأخيرة في ماي الماضي و التي أعلنت خلالها  وزیر الداخلیة الایطالیة عن فتح خط مباشر للتعاون في مجال اعتراض المراكب المنطلقة والتعرف على ھویات المهاجرين غیر  النظامیین ، و  جميع هذه  الزيارات الإيطالية تعلقت بمسألة الهجرة غيرة النظامية و التي تفاقمت بنسبة  150 بالمائة  خلال سنة 2020 .

لهذا السبب تعد زيارة رئيس الجمهورية الى إيطاليا مهمة للغاية بالنظر الى الملفات التي تحملها ، و كانت بداية الزيارة بلقاء الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا و رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي  بقصر كيجي بالعاصمة الإيطالية روما ، و خلال المباحثات الثنائية اتفق رئيس الجمهورية قيس سعيد مع نظيره الإيطالي  على أن هذه ظاهرة الهجرة غير النظامية هي ظاهرة تاريخية لا يمكن حلها إلا بالسياسات الأمنية و التي تعد ضرورية للقضاء على ظاهرة  الاتجار بالبشر وخلصوا إلى أنه من الضروري خلق ظروف تنموية في إفريقيا للتقليل من ظاهرة الهجرة غير النظامية .

في هذا السياق نشر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية اخر الاحصائيات الخاصة  بعملیات منع الاجتیاز واعتراض المھاجرین ، و رصد المنتدى 303  عملیة اجتیاز محبطة  خلال الخمسة الاشھر الأخيرة  أي بزیادة 158 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من سنة 2020 و بزيادة تقدر ب 388 بالمائة مقارنه بسنة 2019 ، وأعتبر المنتدى ان ارتفاع عدد العمليات المحبطة يعود الى الزيارات المتتالية لوزيرة الداخلية الإيطالية و خاصة باعلانها عن بعث خط مباشر للتعاون في مجال اعتراض المراكب .

و بحسب تقرير المنتدى حول الهجرة غير النظامية يعد شهر ماي الماضي شهر الذروة من ناحية عدد العمليات المحبطة و عمليات اعتراض المراكب اذ تم احباط 95 عملیة اجتياز خلال شھر ماي ومنع 2487 مجتازا من الوصول للسواحل الایطالیة ، و تحتل ولاية صفاقس المرتبة الأولى من حيث عدد عملیات الاجتیاز المحبطة تتركز أساسا بجھة صفاقس لتبلغ في شھر ماي نسبة 21.44  بالمائة في شهر ماي ، ثم المهدية بنسبة 68.13 بالمائة ثم مدنین بنسبة 45.9 .

و للتذكير اتفقت السلطات الفرنسية مع السلطات الإيطالية منذ شهر نوفمبر 2020 على تركيز  وحدات بحریة وجویة قبالة السواحل التونسیة تقوم بمهام رصد عملیات انطلاق محتملة من السواحل التونسیة و  منذ شهر  مارس 2021 تم تركيز طائرات دون طیار خاصة بالوكالة الأوروبیة لحمایة السواحل من مالطا للمساھمة في مراقبة منطقة البحر الأبیض المتوسط الأوسط و قد تكون هذه الإجراءات قد ساهمت بشكل كبير في التصدي للمراكب التي تجتاز البحر الأبيض المتوسط في اتجاه أوروبا .

و بلغ عدد المهاجرين غير النظاميين من التونسيين في الأشهر الأولى من سنة 2021 2817 مهاجرا مقابل 685 مهاجرا سنة 2020و 347 مهاجرا سنة 2019 وفق ما أكده الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية رمضان بن عمر ، في نفس الوقت رصد المنتدى  836 مهاجر غير نظامي ( تونسي الجنسية )  خلال الـ 15 يوما الأولى من شهر جوان الحالي، في المقابل بلغ عدد المهاجرين غير النظاميين في شهر ماي الماضي  596 مهاجرا

و تعد تونس بلد الانطلاق ، العبور و الوصول أيضا و كشفت ارقام المنتدى في هذا الاطار عن  وصول 596 مھاجرا غیر نظامي الى السواحل التونسیة :" لیرتفع بذلك عدد الواصلین منذ بدایة السنة الى 1981 مھاجرا " ، هذا و أشار المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية و الاجتماعية الى تراجع الجنسیة التونسیة الى المرتبة الثانیة بنسبة 14 بالمائة من جملة عدد الواصلین الى إیطالیا منذ بدایة السنة والذي بلغ 14768 مھاجرا و جاء في تقرير المنتدى :" شھدت بدایة ھذه السنة انخفاضا في عدد العائلات وعدد الاناث الواصلات الى السواحل الایطالیة بحكم العوامل غیر المناخیة الملائمة " .

تعددت الزيارات الرسمية بين ضفتي المتوسط و تعددت معها الاتفاقيات و المباحثات و اللقاءات ، و بالرغم من تعدد المبادرات التي تسعى الى التقليل من ظاهرة الهجرة غير النظامية عن طريق تشديد الرقابة على السواحل البحرية ، يبقى المشكل الأساسي الذي يدفع الى هذه الظاهرة مشكلا اقتصاديا تنمويا و اجتماعيا ، فوراء الهجرة غير النظامية فقر و بؤس و بطالة ، فليس من الغريب ان تتفاقم ظاهرة المهاجرين غير النظاميين في تونس و هي التي  تراجعت فيها  نسبة النمو الى 8.8 بالمائة خلال سنة 2020 و بلغ  العجز في ميزانيتها ال 40.11 بالمائة  و ارتفعت نسبة البطالة فيها الى حدود 17.8 بالمائة خلال الثلاثي الأول من السنة الحالية فالحل اقتصادي قبل يكون أمني .

رباب علوي