ماذا فعلت الثورة بالاقتصاد التونسي ؟
11 سنة مرت على الثورة و 9 حكومات مرت عبر القصبة و ها نحن نجهزّ للاحتفال بعيد الثورة يوم غد الجمعة 17 ديسمبر 2021 و لا ندري بعد هل علينا فعلا الاحتفال ؟ بماذا و لماذا ؟ أسئلة من البديهي طرحها اذا شاهدنا الشارع التونسي الذي ظل يعج بالمتظاهرين ، و اذا نظرنا الى عدد العاطلين عن العمل الذي ما فتئ يتطور و يرتفع من سنة الى أخرى .
يبدو انه و بعد مرور هذه السنوات نجحت الحكومات المتعاقبة في افشال مطالب الثورة التي خرج من أجلها الشعب التونسي ، الشعب الذي خرج ينادي بالتشغيل و بالحرية و الكرامة ، لكل الصراعات السياسية و الصراعات حول المناصب كانه أهم و أولى من صراعات الفقر و البطالة التي يعيشها التونسيون ، فلم تتحقق لا المشاريع و لا الوعود و لطالما استمعنا خلال السنوات الماضية الى مشاريع وهمية على غرار مشروع تهيئة سبخة السيجومي و كلية الطب بمدنين ، وهذا بالإضافة الى هبات مخفية على غرار الهبة الصينية التي لم يعرف مصيرها الى اليوم و هبات أخرى لم نسمع حتى بوجودها .
تغليب الإصلاحات السياسية على الإصلاحات الاقتصادية أدى الى ثورة منقوصة ، فالنمو ظل متعثرا و البطالة ارتفعت مقابل انخفاض فرص التشغيل . حيث بلغ النمو الاقتصادي في تونس نسبة 3.7 بالمائة سنة 2012 ، و نسبة 2.6 بالمائة سنة 2013 ، و 2.3 بالمائة سنة 2014 ثم تدحرج سنة 2015 ليسجل 0.8 بالمائة ، و ذلك بسبب العمليات الارهابية التي جدت تلك السنة و التي أثرت على القطاع السياحي . ومع ظهور جائحة كورونا سنة 2020 تراجع النمو الاقتصادي و وصل الى حدود 8.8 – بالمائة و تراجع معه الناتج المحلي الإجمالي . و انكمش الاقتصاد بنسبة 8.8 بالمائة و تفاقم العجز التجاري إلى 11.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي .
أما بالنسبة للدين العام فقد ارتفع من 39 بالمائة من إجمالي الناتج الداخلي الخام في عام 2010 الى حدود 81،52 بالمائة في جوان 2021 بقيمة 99،3 مليار ، و توقع قانون المالية لسنة 2021 أن يصل الدين العام الى حوالي 90،13 من الناتج الداخلي الخام بقيمة 109 مليار دينار آخر السنة الحالية .
أيضا ارتفعت نسبة البطالة سنة 2021 و بلغت خلال الثلاثي الثاني من السنة الحالية 17.8 بالمائة و بلغ عدد العاطلين عن العمل 742.8 عاطلا عن العمل من مجموع السكان الناشطين ، هذا و بلغت نسبة البطالة في صفوف الشباب الذين يتراوح سنهم بين 15 و 24 سنة 40.8 بالمائة ، في المقابل بلغت نسبة البطالة في تونس سنة 2010 ، 13 بالمائة ب 491.8 ألف عاطل عن العمل .
و لاتزال البطالة معضلة يشكو منها الشباب التونسي و ذلك بسبب الحلول الوهمية و غياب الإرادة السياسية فبدل الاستماع الى الشعب و تسهيل المجال للاستثمار و للمبادرة الخاصة ظل الاقتصاد التونسي مكبلا بخيارات قديمة فاشلة ، و بدل تشجيع الشباب يسجن الشاب التونسي اليوم لاستعماله للعملة الرقمية في الوقت الذي أصبحت فيه العملات الرقمية وسيلة معترفا بها و عملة رسمية للدفع في بعض البلدان على غرار السلفادور .
لم تحقق الثورة التونسية سوى بعض تطلعات الشعب التونسي كحرية التعبير و التعددية الحزبية بالإضافة الى دور المجتمع المدني الذي تكرس خلال السنوات الأخيرة ، و تم التركيز خلال السنوات الماضية على الانتقال الديمقراطي و على الإصلاحات السياسية و تناسى اهل الساسة قفة التونسي الامر الذي أدى الى انفجار جديد ، فمن الثابت ان الثورة وقعت على النظام السابق لكنها لم تقع في عقول التونسيين فتغيرت الوجوه و ظلت الممارسات هي نفسها .
رباب علوي
تعليقك
Commentaires