alexametrics
الأولى

يحميها سياسيون ورجال أعمال..ملف النفايات الإيطالية يكشف عن منظومة فساد

مدّة القراءة : 4 دقيقة
يحميها سياسيون ورجال أعمال..ملف النفايات الإيطالية يكشف عن منظومة فساد


تمّت إثارة قضية النفايات المُستوردة من إيطاليا في بداية شهر نوفمبر الفارط حين كشف برنامج الحقائق الأربع قيام شركة تونسية   مقرّها في ولاية سوسة بإبرام عقد مع شركة  إيطالية تُدعى ''كامبانيا'' من أجل تصدير نفاياتها، ووفقا لهذا العقد، فإنّ الشركة الإيطالية تقوم بتصدير 120 ألف طن من النفايات لتونس سنويا وهذه الصفقة تناهز قيمتها 18 مليار سنويا. وأكّد التقرير أنّ ما احتوته 70 حاوية من النفايات التي وقع توريدها لا يتضمّن مواد بلاستيكية كما أنّها منضوية تحت الرمز Y46، أيّ أنّها نفايات منزلية مجمّعة وهذا الصنف من الفضلات يُمنع إدخاله إلى البلاد التونسية حسب اللائحة الترتيبية للإتحاد الأوروبي عدد 1013 لسنة 2006.


بعد أن أثارت هذه القضية الرأي العام، اهتمّت  لجنة الإصلاح الإداري والحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد ومراقبة التصرف في المال العام بالبرلمان بمتابعة هذا الملف وقامت بالعديد من جلسات الإستماع لوزير البيئة مصطفى العروي  الذي أكد أنّ ملف توريد النفايات من إيطاليا موضوع خطير ويرتقي إلى مرتبة الكارثة البيئية على صحة الإنسان. كما تمّ الإستماع إلى عدّة مسؤولين في الديوانة التونسية وإلى العديد من المسؤولين في الإدارات والهياكل المتدخلة في ملف توريد النفايات من إيطاليا، وأكّد رئيس اللّجنة بدرالدين القمودي بتاريخ 10 نوفمبر الفارط أنّ هذا الملف تواطئت فيه العديد من الأطراف.

وكانت وزارة البيئة بتاريخ 3 نوفمبر الفارط، قد أكّدت أنّها لم تقدّم قطعا أيّ ترخيص للشركة التونسية  أو غيرها لتوريد نفايات من الخارج وبيّنت أنّ الشركة تعمّدت  القيام بعديد المغالطات في مختلف إجراءاتها وخاصة فيما يتعلق بإجراءات التوريد المحددة بالتشريعات الوطنية والإتفاقيات الدولية وكذلك بخصوص تصنيف النفايات ضمن ملف التصريح الديواني بالإضافة إلى مخالفة ما جاء بدراسة المؤثرات على المحيط والتي تحدد التزامات الشركة لتعاطي نشاطها. وكشفت وزارة البيئة أنّه  وبالتفطن من طرف مصالح الديوانة إلى هذه المُغالطات تم خلال جلسة العمل المنعقدة بتاريخ 8 جويلية الفارط، وبحضور كافة الوزارات المعنية (من بينها الوزارة المكلفة بالبيئة) إقرار عدم قبول الحاويات مستقبلا وإلزامية إرجاع كامل الكميات الموردة سابقا للمصدر، كما أذن وزير البيئة مصطفى العروي  بفتح تحقيق إداريّ حولَ الموضوع. 


بعد أن تقدُّم الأبحاث والتحقيق في ملف النفايات الإيطالية المُستوردة، تمّ بتاريخ يوم الأحد الفارط 20 ديسمبر، إيقاف وزير البيئة مصطفى العروي بسبب تورّطه في ذلك الملف وقرّر بعد ذلك رئيس الحكومة هشام المشيشي
إقالته من منصبه وكلّف وزير التجهيز والإسكان والبنية التحتية كمال الدوخ بالإشراف على وزارة الشؤون المحلية والبيئة بالنيابة. وأعلن الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بسوسة 1 جابر الغنيمي يوم أمس الإثنين  21 ديسمبر الجاري، أن قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بسوسة 1 أصدر بطاقة إيداع بالسجن ضد وزير البيئة المُقال مصطفى العروي ومدير في الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات ومدير بوكالة المحافظة على المحيط و موظف بالإدارة الجهوية للبيئة بسوسة، في قضية توريد النفايات من إيطاليا. 


حملة الإيقافات لم تتوقّف على وزير البيئة فقط، بل شملت أكثر من 20 شخصا وكان الناطق الرسمي بإسم المحكمة الإبتدائية سوسة 1 ،جابر الغنيمي، قد صرّح لبيزنس نيوز يوم أمس الإثنين أنّه قد تمّ الإحتفاظ بـ 12 شخصا في قضية توريد نفايات من إيطاليا إلى تونس عبر الميناء التجاري بسوسة على غرار مدير ديوان وزير البيئة، مدير في وكالة التصرف في النفايات، مدير في في الوكالة الوطنية لحماية المحيط، رئيس لجنة في الوكالة الوطنية لحماية المحيط، موظف بالإدارة الجهوية للبيئة بسوسة، مدير عام سابق في وكالة التصرف في النفايات، وعميد في الديوانة. كما أكدّ الغنيمي أنّ 10 أشخاص على صلة بالقضية،  في حالة تقديم على غرار وزير البيئة السابق شكري بلحسن، المدير العام الحالي للوكالة الوطنية لحماية المحيط، مدير عام مقال في الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات، 2 عمداء في الديوانة، مهندس أول في الوكالة الوطنية لحماية المحيط وقنصل تونس بنابولي.

تمّ إيقاف 23 شخصا في ملف النفايات الإيطالية في حين أنّ صاحب الشركة المسؤول عن توريد النفايات قد غادر البلاد وتم إدراج إسمه في التفتيش، والأبحاث لا تزال جارية وسلسلة الإيقافات لا تزال متواصلة. وكان رئيس لجنة الإصلاح الإداري والحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد ومراقبة التصرف في المال العام بدر الدين القموديقد أكّد اليوم الثلاثاء تورّط العديد من الأشخاص منهم سياسيين وإداريين ووزراء أيضا في ملف النفايات الإيطالية، كما كشف أنّ منظومة الفساد في صلة بملف النفايات موجودة ولها نفوذ وجذور في كلّ المصالح الإدارية المهتمّة بالملف وهي محمية من رجال أعمال ولها سند سياسي.


رئيس الحكومة هشام المشيشي تفاعلا منه في هذا الملف، أذن اليوم الثلاثاء، أذن إلى رؤساء الهياكل الرقابية العليا للدّولة بالإنطلاق في مهمة تدقيق شاملة ومعمقة لوزارة البيئة والشؤون المحلية وللمنشآت والمؤسسات التابعة لقطاع البيئة، وذلك بعد إجراء مسح لكافة التقارير الرقابية السابقة التي شملت القطاع خلال السنوات الأخيرة، للوقوف على مدى الإلتزام بملاحظاتها وبتوصياتها. كما شدّد على أنّ مقاربة الدولة في تكريس مبادئ الحوكمة الرشيدة والمحافظة على المال العام يجب أن تكون مقاربة مهنية وموضوعية لا مجال فيها لأيّ اعتبارات أخرى، وذلك على إثر إجتماعه بكل من رئيس هيئة الرقابة العامة للمصالح العمومية ورئيس هيئة الرقابة العامة للمالية ورئيس هيئة الرقابة العامة لأملاك الدولة ورئيس هيئة مراقبي الدولة،  بحضور الكاتب العام الحكومة، وفي إطار مقاربة موضوعية وشاملة لمعالجة ملفات الفساد وسوء التصرّف في بعض القطاعات الحيوية بالبلاد. 

 

رحّب الرأي العام التونسي بحملة الإيقافات التي شملت العديد من المسؤولين والوزراء والمتّهمين بالتورّط في ملف قضية النفايات الإيطالية واعتبروا أنّ هذه الخطوة إيجابية في إطار مقاومة الفساد ومحاسبة الفاسدين دون استثناء في إنتظار ما ستؤول إليه الأبحاث في ذلك الملف ومحاولة القبض على صاحب الشركة التونسية المسؤول عن توريد النفايات والذي فرّ خارج حدود الوطن.


يسرى رياحي 


تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter