alexametrics
الأولى

قيس سعيد يعترف بتطبيق عقوبة الإعدام تحت غطاء الشعب يُريد !

مدّة القراءة : 6 دقيقة
قيس سعيد يعترف بتطبيق عقوبة الإعدام تحت غطاء الشعب يُريد !

''هناك من يُطالب بعقوبة الإعدام وأودّ أن أكون صريحا حول هذه المسألة وإنّه بالنسبة لبعض الدّول التي ألغت هذه العقوبة لا ينطق بها القاضي ولكن تُنفّذ على الأفراد دون قضاء في بعض الأحيان حينما يريدون التخلّص من شخص يعتبرونه خطرا على الأمن العام ولكن من قتل نفسا بغير حقّ جزاؤه الإعدام وإذا ثبُت أنّه ارتكب قتل نفس أو أكثر فلا أعتقد أنّ الحلّ هو كما يدّعي البعض عدم تنفيذ عقوبة الإعدام، لكلّ مجتمع اختياراته ولنا اختياراتنا''.


من خلال هذا الخطاب الذي  ألقاه رئيس الجمهورية قيس سعيد على إثر عقده يوم أمس الإثنين 28 سبتمبر 2020، اجتماع مجلس الأمن القومي الذي  حضره كلّ من رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي ورئيس الحكومة هشام المشيشي وبعض الوزراء، لوّح الرئيس بإعادة تنفيذ حكم الإعدام في تونس  وذلك بعد توقّف دام نحو 29 عاما حين التزمت تونس بوقف تطبيق عقوبة الإعدام، وتقيّدت منذ 1991 بقرار الأمم المتحدة بشأن الوقف الاختياري لعمليات الإعدام وكان آخر تنفيذ لذلك الحكم في تونس سنة 1991 في حق سفاح نابل ناصر الدامرجي.


قضيّة قتل الفتاة الشابة رحمة لحمر  بطريقة بشعة وشنيعة أعادت عقوبة الإعدام إلى مربّع النقاش الذي كان محور اهتمام الرّأي العام منذ نهاية الأسبوع الفارط، وانقسمت الأصوات بين الذين نظّموا وقفات احتجاجية  أمام قصر الرئاسة للمطالبة بتنفيذ عقوبة الإعدام، وبين الأصوات المنادية بإلغاء هذا الحكم والمدافعين عن حقوق الإنسان. قيس سعيد في خطابه تجاوز كلّ الأعراف والمعاهدات الخاصّة بحقوق الإنسان وتعدّى على السلطة القضائيّة معتمدا على شعاره في حملته الإنتخابية ''الشعب يريد'' وأكّد أنّه مع عقوبة الإعدام مُتجرّدا من خلفيته القانونية وسعيا منه إلى كسب قاعدة شعبية واسعة من خلالها باتت تنبعُ منها قراراته. 


هذا الخطاب الذي بيّن فيه قيس سعيد موقفه من عقوبة الإعدام وبوصفه رئيسا للجمهورية فهو أكّد أنّ الدولة التونسية مع تطبيق هذه العقوبة السالبة لحياة الإنسان مستشهدا بالنصّ الديني وراميا عرض الحائط بكلّ المعاهدات الدولية المشاركة فيها تونس والمتعلّقة بحقوق الإنسان، كما غضّ النظر عن ما  ينصّ عليه الدستور التونسي في فصله 22 ''الحق في الحياة مقدس، لا يجوز المساس به إلا في حالات قصوى يضبطها القانون'' وبالتالي داس قيس سعيد على الدستور التونسي بأقدامه وهو الضامن لتطبيقه.


إيمانه بشعار حملته ''الشعب يُريد'' جعله يقدّم للشعب الذّي انتخبه ما يرغب فيه وكان إقراره شفاهيا بتطبيق عقوبة الإعدام على المتّهم في قضية الفتاة الراحلة رحمة لحمر إرضاء منه لأنصاره ومن جهة أخرى تعدّى على السلطة القضائيّة التي وجّه لها مجموعة من التّهم معتبرا أنّها باتت لعبة في أيدي السياسيّين. العديد من السياسيّين ندّدوا بهذا الموقف من رئيس جمهورية وأستاذ في القانون ومن الواجب أن يكون حاميا للدستور والسّاهر على تطبيقه، محسن مرزوق الأمين العام لحركة مشروع تونس اعتبر أنّ رئيس الجمهورية أبدى موقفه من حكم الإعدام كأنه "كرونيكور" في برنامج إعلامي وليس كرئيس للجمهورية معتبرا أنه كان عليه أن يقول إنّ تونس أمضت على اتفاق دولي بعدم تنفيذ حكم الإعدام وستلتزم  أو ستوقف العمل به. كما اعتبر مرزوق أنّ منصب رئيس الجمهورية بات شاغرا لأنّ تونس بها شخص اسمه قيس سعيد يناقش ويحلل ويقول للشعب أنتم تريدون وهنيئا لكم ما تريدون وفي كل "عركة" ينفخ النار ويعمق الأزمة بدل البحث عن طريقة لحلها ويقترح رؤساء حكومة ثم ينقلب عليهم ويريد أن يكون رئيسا للحكومة ورئيس جمعية كرة قدم ورئيس دولة صاحب صلاحيات جامعة.


من جهته، أكّد شكري لطيف رئيس الائتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الإعدام أنّ عقوبة الإعدام ليست الحلّ للقطع مع الجرائم البشعة نظرا لأنّ أسباب الجريمة لا تزال موجودة مشيرا إلى أنّ البلدان العربية التي تطبّق عقوبة الإعدام على غرار السعودية التي تطبّق عقوبة قطع الأيدي والأرجل والإعدام في الساحات العامة، لا تزال تشهد نسبا عالية من الجرائم وظهر بالكاشف أنّ هذه العقوبات ليست ردعيّة. كما شدّد على أنّ العقوبات البديلة للإعدام بالنسبة للمجرم المنحرف هو ''إخراجه من المجتمع ومنعه من التنقل داخله'' ويكون مكانه في السجن مدى الحياة. الناشطة السياسية وعضو المجلس التأسيسي، نادية شعبان في تدوينة فايسبوكية لها، اعتبرت أنّ تصريح قيس سعيد حول  عقوبة الإعدام غريب ويثير الإستغراب وأكّدت أنّ تونس لها قوانينها التي تطبّقها على المجرمين وذكّرت قيس سعيد  بأنّ تونس أمضت في ديسمبر 2012 على توصية للجلسة العامة للأمم المتحدة متعلقة بوقف تنفيذ هذه العقوبة. 

القاضي نزار الشوك والمنسق العام للمنتدى القضائي للقانون والعدالة والأمن، أكّد أنّ تصريح قيس سعيد بوجوب تنفيذ حكم الإعدام على كلّ من قتل نفس من غير حقّ ليس قانونيا معتبرا أنّه لا يُحكم بالإعدام آليا على كلّ من قتل شخصا وأوضح أنّ عقوبة الإعدام تُطبّق في حالة واحدة وهي ''القتل مع سابقية الإضمار'' ويُقصد بذلك القتل المُخطّط له. وأفاد أنّ القتل العمد المُجرّد خلال معركة أو مناوشة فإنّ عقوبته ليست الإعدام بل بالسّجن مدى الحياة، كما أنّ جريمة القتل الناتجة عن معركة بين طرفين وتعمّد أحدهما الإعتداء بالعنف على خصمه وأرداه قتيلا فإنّ عقوبة ذلك تقدّر بالسجن لمدّة 20 سنة. وأضاف القاضي نزار الشوك أنّ لكلّ جريمة عقاب مؤكّدا أنّ عقوبة الإعدام لن تحُدّ من جرائم القتل، واعتبرها بمثابة ''عقاب شخصي للجاني ردعا له وعبرة لغيره'' وأشار أنّ التحريض في منصّات التواصل الإجتماعي على العنف هو من أهمّ الأسباب لتفاقم الجرائم وخاصّة من الأطراف السياسية ودعا إلى ضرورة أن تكون عقوبة الإعدام مثل الورقة الحمراء التي يجب أن يتمّ رفعها في وجهة كلّ شخص يريد التلاعب بالأمن القومي وبالسلم الإجتماعي.

ويجب أن نُعيد التذكير لأذهان قرّائنا وإلى عامّة الشعب التونسي أنّ قيس سعيد صرّح في حملته الإنتخابية في رئاسية 2019، أنه في حالة انتصاره سيلغي النظام السياسي الحالي ملغيا الانتخابات التشريعية ومقترحا تركيز مجالس جهوية ومحلية، كما أنّه بعد أكثر من ثلاثة عقود في تدريسه القانون الدستوري، أكّد أنه مع الحكم بالإعدام وأنّه ضد المساواة في الميراث وأنه ضدّ العمل الجمعياتي وسيحلّ الجمعيات في حال وصوله إلى السلطة. هذه النبذة عن برنامجه الإنتخابي تؤكّد ما يريد تحقيقه رئيس الدولة قيس سعيد والهدف الذي يريد الوصول إليه وهو التحكّم في كلّ السلط بالبلاد تحت غطاء ''الشعب يريد وله ما يريد''.



شعبوية رئيس الجمهورية قيس سعيد ''المرعبة'' باتت حاليا تُشكّل أكبر عدوٍ يُهدّد المسار الديمقراطي والسلم الإجتماعي في تونس والتي من الممكن أن تقضي على ما تحقق من مكاسب في الحقوق والحرّيات خلال العقود الماضية، كما أنّ إيمانه بتطبيق شعار حملته الإنتخابية 'الشعب يريد'' سيساهم في الخلط بين كلّ مؤسّسات الدولة والمسّ من سيادة كلّ سلطة.

يسرى رياحي


 


تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter