الغنوشي أذكى من أن يقبل برئاسة الحكومة
الهاروني: راشد الغنوشي أهمّ شخصيّة وطنيّة في البلاد
لطفي زيتون: رئيس الحكومة يجب أن يكون شخصيّة سياسيّة مقبولة داخليا وخارجيا
الهاروني : التيار الديمقراطي يسعى لحكومة محاصصة حزبية..
خلاف بين الغنوشي والمكي بسبب منصب رئيس الحكومة
محمد الحبيب الغديري: لدينا برنامج حكومي سنقرّر على ضوئه الدخول في الحكم من عدمه
بعد نجاح المحطات الانتخابية التشريعية والرئاسية واثر صدور النتائج النهائية، انطلق الحديث على الاستحقاقات الدستورية المستقبلية وأصبح منصب رئاسة الحكومة وتشكيله محور حديث ونقاشات الطبقة السياسية بمختلف أطيافها، لمن ستكون الرئاسة وبأي حقبة وزارية سيغنم كل طرف. كل السيناريوهات للفترة القادمة غامضة، خاصة من حيث صعوبة التحالفات وهو ما قد يساهم في مزيد تشتيت المشهد الحالي ويوصد الأبواب أمام التوافق على تشكيل الحكومة المقبلة.
10 أكتوبر 2019، أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات النتائج الرسمية النهائية للانتخابات التشريعية التي جرت يوم 06 من نفس الشهر، تصدرت حركة النهضة بزعامة رئيسها راشد الغنوشي النتائج، وحظيت بـ 52 مقعدا يليها حزب قلب تونس لنبيل القروي بـ 38 مقعدا.
فور الإعلان عن النتائج سارعت أحزاب وقوى سياسية باعلانها أنها ستكون في المعارضة على غرار حزب قلب تونس والتيار الديمقراطي الذي قدّم شروطه حتى يشارك في الحكومة المقبلة، في المقابل أعلنت حركة النهضة وضعها مجموعة من النقاط التي تحدّد بها تحالفاتها المقبلة.
حركة النهضة باعتبارها الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية والمكلفة وفق الدستور بتشكيل الحكومة، أعلنت رسميا أنها تحملت مسؤولية تشكيل الحكومة وترؤسها وانطلقت في مفاوضاتها متجهة بقوّة –حسب ما أعلنته قيادتها- إلى تعيين شخصية من داخلها لترأس الحكومة.
باختيارها رسميا تشكيل الحكومة وترؤسها، رفضت حركة النهضة الدعوات التي قدمت لها لاختيار شخصية من خارجها تكون الأقدر على تشكيل حكومة مستقرة ومدعومة من الأغلبية ي البرلمان. بعد أخذ وردّ تباينت الآراء داخلها واختلفت لتنتهي إلى إعلانها قيادة المرحلة القادمة مع من يقبل بهذا الشرط.
يوم أمس الأحد 20 أكتوبر 2019، اختتمت أشغال مجلس شورى حركة النهضة في دورته 32 والذي امتد على يومين وأعلنت الحركة في بيان لها عن مخرجات المجلس والمتمثلة في قرارها تحمل مسؤولية تشكيل الحكومة وترأسها وسعيها الى تعميق الحوار مع مختلف الفاعلين السياسيين والاجتماعيين على قاعدة برنامج يضمن لها حزاما سياسيّا واسعا.
والسعي الى وضع برنامج مع شركائها يتضمن التوجهات الكبرى لعمل الحكومة والإجراءات في الآماد العاجلة والمتوسطة للرفع من فاعلية المؤسسات الحكومية وتحسين الخدمات العمومية وتفعيل المشاريع المعطّلة وانفاذ القوانين.
عدد هام من أعضاء الحركة قرروا اختيار رئيسها راشد الغنوشي ليكون رئيسا للحكومة المقبلة باعتبار قانونها الداخلي الذي يخوّل له تولي المناصب العليا في البلاد، تحمّست بعض القيادات لهذا المقترح وكاد يحقق شبه اجماع حوله لكن بعضهم عبّر عن مخالفته لهذا الرأي على غرار القيادي لطفي زيتون الذي أكّد ان حركة النهضة في حاجة إلى عقل سياسي خلاّق يوافق بين الشعارين ''التوافق والإستقرار الحكومي''، مبينا أنّ ذلك ممكن في حالة أخلصت حركة النهضة في نواياها وسعت إلى إعلاء مصلحة الوطن وابتعادها عن مصلحتها الحزبيّة الشخصيّة، وشدّد على أنّ رئيس الحكومة يجب أن يكون شخصيّة سياسيّة مقبولة داخليا وخارجيا، وله قدرة على تأسيس مشروع وطني جامع ويساهم في أخلقة العمل السياسي، ويجب أن يكون مستجيب لطموحات الشباب التونسي ومطالبه.
كذلك علمت بيزنس نيوز بأن خلافا وقع بين رئيس الحركة الغنوشي والقيادي عبد اللطيف المكي بشأن رئاسة الحكومة التي يبدو أن كلاهما يصبوان له.
القيادي في حركة النهضة رفيق عبد السلام قال إن الحركة بصدد عقد جلسات استماع مع كل من التيار الديمقراطي وحركة الشعب وتحيا تونس وبعض المستقلين وممثلي المنظمات الوطنية وعلى رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الصناعة والتجارة، وذلك في اطار التشاور حول تشكيل الحكومة المقبلة، التي ستنطلق بداية من اليوم الاثنين 21 أكتوبر.
نظرا لما تمثله هذه المفاوضات من صعوبة، عقد حزب حركة الشعب مجلسا وطنيا وقد صرّح رئيس المجلس محمد الحبيب الغديري أن الحركة لها برنامج سياسي سيكون محور جدل بين المتدخّلين في المشهد السياسي، وهو في علاقة باستحقاقات ثورة 14 جانفي، وبالحاجيات اليوميّة للشعب التونسي وتطلّعاته، وعلى ضوء هذا البرنامج ستقرّر الحركة أن تكون داخل الحكم أو خارجه.
التيار الديمقراطي الذي يعتبر طرفا هاما في المفاوضات، أعلنت الحركة أنه طلب منها عدة حقائب وزارية شريطة المشاركة في حكومتها القادمة مما يدل أن هذا الحزب يبحث عن المحاصصة الحزبية للحكم وهو شرط ترفضه الحركة الاسلامية التي تسعى لتشكيل حكومة كفاءات وطنية لا حكومة أحزاب ومحاصصة.
رئيس مجلس شورى الحركة عبد الكريم الهاروني قال إن الشراكة في تشكيل الحكومة تقوم على أساس برنامج يرمي إلى رفع التحديات الاقتصادية والاجتماعية ومكافحة الفساد وحماية القدرة الشرائية للمواطنين مع دعم التشغيل والتنمية في الجهات وتعزيز الأمن، كما انها لن تكون قائمة على المحاصصة الحزبية.
سيظل الجدل قائم داخل حركة النهضة التي وجدت نفسها بين المطرقة والسندان، فقد تقوم بتعيين شخصية من داخلها لا يتم التوافق معه مثلما حصل مع رئيس الحكومة الأسبق حمادي الجبالي، ففي ظلّ غياب التحالفات بعد تشتت الأصوات التي أفرزتها الانتخابات التشريعية، قد تضطرّ النهضة إلى المخاطرة بتشكيل حكومة قد لا تنال الموافقة في مجلس نواب الشعب التي تشترط نيل ثقة 109 نائبا وهو ما لا يملكه أي حزب أو ائتلاف حالي في البرلمان، وأمام رفض كل من حزب قلب تونس الذي جاء الثاني في الانتخابات التشريعية والتيار الديمقراطي صاحب المرتبة الثالثة والحزب الدستوري الحر صاحب المرتبة الخامسة التحالف مع حركة النهضة.
حسب هذه الانقسامات وبالتركيبة البرلمانية المشتتة قد يختار راشد الغنوشي عدم توليه رئاسة الحكومة أمام مواجهته لأحزاب متناقضة أيديولوجيا، فرئاسة مجلس نواب الشعب هي الأكثر اغراء بالنسبة له حاليا حتى يحافظ على كسب أكثر عدد من الأصوات الموالية له والتي قد يخسره في حال تولى رئاسة الحكومة.
شهرين كأقصى تقدير هي المهلة المقدمة للحزب الفائز بتشكيل الحكومة ولا يجب أن يتجاوزها وفي حال فشل في ذلك أو عدم نيله على ثقة البرلمان في المدة المحددة فإن رئيس الجمهورية يعيّن- بالتشاور مع الكتل النيابية- الشخصية الأقدر من أجل تكوين حكومة.
لن يكون تشكيل الحكومة سهل ولن يكون مخاض المفاوضات بالهيّن مع اختيار البعض عدم الدخول في تحالف مع النهضة الأمر الذي سيزيد من تأزم المناخ الحالي وهو ما يفرض على الجميع تقديم تنازلات للمحافظة على الاستقرار الحكومي والسياسي في البلاد بعد فترة صعبة، وحتى لا يتم اللجوء إلى انتخابات برلمانية سابقة لأوانها.
مروى يوسف
تعليقك
Commentaires