موقف الأحزاب السياسية من الدستور الجديد المعروض على الاستفتاء
صدر يوم الخميس 30 جوان 2022، نصّ الدستور الجديد بالرائد الرسمي والذي سيتمّ عرضه على الإستفتاء يوم 25 جويلية 2022، على الشعب التونسي. يضمّ هذا الدستور توطئة، 142 فصلا، و 10 أبواب.
نصّ هذا الدستور كان له وقع كبير على الرأي العام التونسي والطبقة السياسية وخاصّة على الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة التي صرّح رئيسها الصادق بلعيد فور اطلاعه على نصّ دستور قيس سعيد أنّ ذلك النصّ لا علاقة له بالمسودة التي أعدتها الهيئة وحذّر من خطورة الدستور الجديد مؤكّدا أنّ به نقاط خطيرة كثيرة لا تُحصى ولا تُعدّ وخاصّة أنّ هذا الدستور يضمن الهيمنة الرئاسية.
وكان بلعيد، في رسالة له موجهة للرأي العام و لرئاسة الجمهورية عبر أعمدة جريدة الصباح الصادرة صبيحة يوم الأحد 3 جويلية 2022 ، قد أكّد أنّ الهيئة بريئة تماما من مشروع الدستور الذي صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية الذي لا يمت بصلة إلى النص الذي تمّ إعداده وتقديمه إلى الرئيس قيس سعيد، ونشر النسخة التي تمّ إعدادها من قبل الهيئة.
نصّ الدستور الجديد لم تُرحّب به عدّة أحزاب سياسية ومنظمات وطنية واعتبرته يكرّس لدولة الإستبداد ولحُكم الفرد الواحد.
حزب آفاق تونس في بيانٍ له يوم السبت 2 جويلية الجاري، أكّد أنّه سيُشارك بكثافة في الإستفتاء ولكنّه سيُصوّت في المقابل بـ '' لا '' ، ودعا الحزب كافة المُنظّمات الوطنية والأحزاب الديمقراطية من أجل التعبئة الإنتخابية العامة والتصويت بـ ' لا ' وبذل كل الجهود لإنقاذ البلاد من المجهول مؤكدا أنّ خيار التصويت بـ '' لا '' هو الخيار الوحيد الحالي لإنقاذ تونس من الديكتاتورية والتطرّف والفشل الإقتصادي والإجتماعي.
واعتبر آفاق تونس أنّ المسودّة تؤسس لنظام رئاسوي على مقاس قيس سعيد وترتد بتونس إلى زمن الحكم الفردي و ثقافة الشخصنة. كما حذّر من المضامين الظلامية لهذه المسودة والتي ستؤدي إلى إلغاء الطابع المدني للدولة ونشر التطرّف والإنغلاق وتغيير الهوية الحضارية للشعب التونسي.
إئتلاف صمود أعلن بدوره يوم السبت الفارط أنه سيصوّت بـ''لا'' على نص مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء يوم 25 جويلية القادم وقرّر الشروع في تنفيذ حملة وطنية لحث المواطنين للإقبال على الإستفتاء والتصويت بـ '' لا ''. واعتبر الائتلاف أنّ دستور قيس سعيد الجديد لا يُمكن أن يضمن ديمقراطية حقيقية ولا يُمكن أن يضمن الحقوق والحريات.
حزب القطب الذي اعتبر أنّ مشروع ''دستور الجمهورية الجديدة''، يكرس الاستبداد، أعلن أنّه سيقاطع الاستفتاء المزمع تنظيمه يوم 25 جويلية وجدد دعوته للمقاطعة لهذه المهزلة و التصدي لمسار 25 جويلية
بدورها، دعت الحملة الوطنية لإسقاط الاستفتاء إلى مقاطعة الاستفتاء وعدم المشاركة بأي شكل من الأشكال حتى لو كان التصويت بـ " لا " باعتبار أن ذلك فيه إضفاء للمشروعية على المسار المرفوض منذ البداية. وقرّرت تقديم قضية جزائية ضد رئيسة الحكومة نجلاء بدون وضد كل أعضاء الحكومة من أجل تبديد المال العام لفائدة مشروع شخصي ليس له علاقة بالمصلحة العامة للتونسيين في إشارة إلى الاستفتاء على مشروع الدستور.
جبهة الخلاص الوطني عبّرت عن رفضها لهذا المشروع وأعلنت مقاطعتها للإستفتاء ولما يُمثله من عودة للنّظام الرئاسوي المقيت وأكّدت تمسكها بدستور 2014 وبيّنت أنّ إصلاحه يكون نتيجة حوار وطني شامل يحافظ على مبادئ الفصل بين السلطات والتوازن والرقابة المتبادلة بينها شرطا لضمان الحقوق والحريات وسيادة القانون.
التيار الديمقراطي، أعلن يوم 4 جويلية الجاري رفضه القاطع للاستفتاء ومساره برمته والتشبثّ بخيار المقاطعة. واعتبر أنّ الدستور المعروض على الاستفتاء يمثل خطرا داهما يهدد كيان الدولة ووحدة الوطن والسلم الاجتماعية، وأن الإصرار عليه ودعمه يعد خيانة للوطن، وأن التصدي له هو واجب وطني.
كما كشف الحزب الدستوري الحر أنّه توجه إلى هيئة الانتخابات في شخص ممثلها القانوني بتنبيه أخير قبل اللجوء إلى القضاء الجزائي. وطالب الحزب هيئة الانتخابات بإيقاف مسار الإستفتاء وإلغاء موعد 25 جويلية 2022 والإمتناع عن عرض النص المنشور بالرائد الرسمي من قبل قيس سعيد على الناخبين.
في حين أنّ المجلس الوطني لحركة الشعب قرّر المشاركة بالإجماع في الاستفتاء والتصويت بـ ' نعم '.
بالنسبة للمنظمات الوطنية، قرّر اتحاد الشغل ترك حرية المشاركة في الإستفتاء من عدمها لقياداته النقابية. وكان الإتحاد منذ البداية رافضا لمسار الحوار الوطني الذي أطلقه قيس سعيد ولم يُشارك برأيه في إعداد مسودة الدستور ، كما أنّ نور الدين الطبوبي و قيس سعيد انقطع بينهما التواصل والحوار وكان آخر لقاء بينهما يوم أمس الثلاثاء بالجزائر.
ردا منه على كلّ الانتقادات التي طالت دستوره الجديد، وفي سابقة أولى من نوعها، توجّه رئيس الدولة قيس سعيد برسالة إلى الشعب التونسي فجر يوم الثلاثاء 5 جويلية 2022ّ، دعا من خلالها كافّة التونسيات والتونسيين للتصويت بـ ' نعم' على مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء والصادر في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية.
وجاء في نصّ الرسالة '' قولوا نعم حتى لا يصيب الدولة هرم وحتى تتحقق اهداف الثورة، فلا بؤس ولا ارهاب ولا تجويع ولا ظلم ولا ألم ''. مؤكّدا على ضمان الدستور الجديد للحقوق والحريات ، افتتح قيس سعيد رسالته مدوّنا ''للدولة وللحقوق والحريات دستور يحميها وللشعب ثورة يدفع عنها ما يعاديها''.
وفي مستهل الرسالة ، ذكّر قيس سعيد التونسيين والتونسيات بما كانت تعانيه تونس على امتداد عشرة سنوات من ظروف اجتماعية وسياسية واقتصادية مزرية وأشار إلى أنّ الطبقة السياسية زادت من تفقير الشعب وقامت بصياغة دستور 2014 على المقاس. وأكّد أنّ المسؤولية اقتضت تجميد البرلمان قبل حله لإنقاذ الشعب وفق تقديره وبيّن أنّه يؤمن بالحوار والديمقراطية لذلك قام بإطلاق استشارة وطنية ثم بعث حوار وطني قبل صياغة مشروع الدستور مشيرا أنّ الدستور الجديد هو يعبّر على تطلعات الشعب التونسي منذ اندلاع الثورة .
واصفا دستوره الجديد ، دوّن قيس سعيد في رسالته '' إنّ الدستور روح قبل أن يكون مجرد مؤسسات '' مشيرا أنّ دستوره المعرو على الاستفتاء يعبر عن روح الثورة ولا مساس فيه على الإطلاق بالحقوق والحريات.
القائمة النهائية للأطراف المشاركة في حملة استفتاء 25 جويلية 2022 على الدستور الجديد للجمهورية، قامت بنشرها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وكانت قد ضمّت 148 مشاركا موزعين بين أشخاص طبيعيين وأحزاب وجمعيات وائتلافات حزبية وشبكات جمعيات.
بلغ عدد الأطراف المعارضة لمشروع الدستور المعروض على الاستفتاء سبعة مشاركين بينهم 6 أحزاب وشبكة جمعيات واحدة، وتضم قائمة الأطراف الداعمة للمشروع 141 مشاركا.
وانطلقت حملة الاستفتاء يوم 3 جويلية الأحد وستتواصل إلى يوم 23 من الشهر الجاري. ويفوق عدد المسجلين في السجل الانتخابي أكثر من 9 ملايين و290 ألف شخص.
يسرى رياحي
تعليقك
Commentaires