alexametrics
الأولى

راشد الغنوشي هو العدو الأكبر والأوّل لحركة النهضة

مدّة القراءة : 6 دقيقة
راشد الغنوشي هو العدو الأكبر والأوّل لحركة النهضة

تاريخ 25 جويلية 2021،  لم يكُن يوما فارقا فقط لدى الشعب التونسي بتخلّصه من البرلمان ومن المنظومة السياسية وليدة عشرية 2011، وإنّما كان كذلك تاريخا مفصليا ساهم في كسر حركة النهضة الإسلامية التي إدّعت المتانة والصلابة بين هياكلها وقياداتها.


حركة النهضة لم تقبل منذ البداية بالتدابير الإستثنائية التي اتّخذها رئيس الجمهورية قيس سعيّد اعتمادا منه على الفصل 80 من الدستور والتي قام بمقتضاها بتجميد صلاحيات مجلس نواب الشعب وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشي من مهامه. واعتبرت النهضة أنّ ما قم به قيس سعيّد يُعد انقلابا على الديمقراطية ورغبة منه في التغوّل على السلطات والإنفراد بالحكم وانتقاما منه من الطبقة السياسية التي رفض الجلوس معها على نفس طاولة الحوار لإيجاد حلول جذرية للأزمات المتتالية التي تعيشها تونس. 


تتالت بيانات حركة النهضة منذ 25 جويلية الفارط، وانطلقت بالتصعيد وفيها نوع من التهديد المُبطّن الذي يدعو إلى ضرورة عودة نشاط البرلمان وعدم انحراف رئيس الجمهورية قيس سعيد بالمسار الديمقراطي وكان رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي قد صرّح في ذات التاريخ قائلا "نحن نعتبر المؤسسات ما زالت قائمة وأنصار النهضة والشعب التونسي سيدافعون عن الثورة". وكانت الحركة الإسلامية قد دعت في مُجمل بياناتها رئيس الجمهورية إلى تغليب المصلحة الوطنية وإلى قبول الحوار مع الأطراف السياسية لتجاوز الأزمة ولضمان عودة العمل البرلماني. إلاّ أنّ رئيس الجمهورية لم يُعِر بيانات النهضة اهتماما وواصل في المُضي قُدما في استراتيجيته المتمثّلة في مقاومة الفاسدين من نواب في البرلمان ومن رجال أعمال والعمل على محاسبتهم ولم يفُته دعوة كلّ المنظمات والمؤسسات الإقتصادية إلى التخفيض في الأسعار والتعاون للمرور بسلامة من هذه الفترة الحساسة التي تمرّ بها تونس. 


ومع مرور شهرٍ على التدابير الإستثنائية، اقتنعت حركة النهضة أنّ رئيس الجمهورية لن يقبل بالحوار معها واقتنعت كذلك أنّها مثل بقية الأحزاب يجب أن تُعيد النظر في سياساتها وأن تُصلح أخطائها التي ساهمت في خلق كراهية بينها وبين الشعب التونسي الذي ثار يوم 25 جويلية خاصّة على النهضة وأقدم بعضهم على حرق مقرّاتها.  القيادي بحركة النهضة، لطفي زيتون، كان أوّل من دعا إلى أن تُراجع النهضة نفسها ودعا النهضة للتفاعل الإيجابي مع قرارات قيس سعيّد والالتفاف حول الإجراءات الاستثنائية. كما أنّ القيادي في الحركة سمير ديلو أيّد لطفي زيتون في موقفه ذلك أنّ النهضة يجب أن تراجع نفسها وصرّح قائلا ''يجب استخلاص الدروس المناسبة من الزلزال الذي حدث، لأنّ ما حدث يوم 25 جويلية مُعبّر، والإحتجاجات التي وصلت للعنف والعنف يجب فهمُه ولماذا الشاب اختار أن يحرق مقرّ حركة النهضة ولم يحرق الولاية أو المعتمدية أو مركز شرطة وهذه ثورة ضدّ المنظومة ورأس المنظومة هي حركة النهضة''.

أما نورالدين البحيري قد أقسم أنّ التدابير التي اتخذها قيس سعيّد هي انقلاب "قسما إنه إنقلاب"، ودعا القيادي في الحركة الإسلامية إلى مواصلة النضال "أفرادا وجماعات لإسقاط الانقلاب وإفشاله". أما رياض الشعيبي  مستشار رئيس حركة النهضة، اعترف أنّ النهضة أخطأت ولكن اعتبر في نفس الوقت أنّ رئيس الجمهورية قيس سعيّد قد انقلب على الديمقراطية وارتكب خيانة وجريمة.


انقسمت قيادات النهضة بين مؤيّدين لقرارات رئيس الجمهورية قيس سعيّد بتاريخ 25 جويلية الماضي وبين رافضين، وساهم هذا التاريخ في كشف حقيقة المطبخ السياسي الداخلي بحركة النهضة الإسلامية. كانت بداية الإنهيار داخل الحركة الإسلامية، بتقديم المكلّف بالإعلام خليل البرعومي استقالته من المكتب التنفيذي لحركة النهضة وكان البرعومي قد انتقد خيارات وتوجّهات حركة النهضة مُعترفا أنّ النهضة ارتكبت العديد من الأخطاء في الفترة الماضية وصرّح أنّه تلقى الرسالة من الشعب يوم 25 جويلية مؤكّدا أنّ غياب المراجعات والتقييم داخل الحركة دفعه إلى تقديم استقالته من المكتب التنفيذي  " كان هناك تململ داخل الحركة وغياب للمراجعات ". ثمّ تلت البرعومي، استقالة القيادي بالحركة رضوان المصمودي يوم 11 أوت الجاري، من المكتب السياسي لحركة النهضة الإسلامية ودوّن أنّه سيتفرّغ للدفاع عن الديمقراطية بعيدا عن التجاذبات السياسية. 


ثمّ جاء اجتماع مجلس شورى النهضة يوم  4 أوت الجاري ليكشف كمية وحجم الإنشقاقات داخل الحركة، أشرف راشد الغنوشي على الإجتماع وكانت ردود الأفعال متباينة بين كلّ القيادات في الحركة الذين نشروا تدوينات على صفحاتهم الرسمية بالفيسبوك خلال الإجتماع لمّحوا من خلالها إلى خيبة أملٍ كبيرة. هذه الخيبة جاءت بتمسّك الغنوشي بقراراته الإنفرادية ولم يقبل آراء العديد من القيادات بالمكتب التنفيذي التي نادت بضرورة حلّ المكتب وإدخال إصلاحات جذرية على الحركة. وفي بيان للحركة، ظلّ مجلس شورى النهضة متمسّكا بأنّ ما قام به قيس سعيّد يُعدّ إنقلاب على الدستور و شل لمؤسسات الدولة ودعا إلى العودة السريعة الى الوضع الدستوري الطبيعي ورفع التعليق الذي شمل اختصاصات البرلمان، حتى يستعيد أدواره ويحسّن أداءه ويرتب أولوياته بما تقتضيه المرحلة الجديدة.

كما أكّدت النهضة في بيان اجتماع مجلس الشورى على ضرورة قيام الحركة  بنقد ذاتي معمق لسياساتها خلال المرحلة الماضية والقيام بالمراجعات الضرورية والتجديد في برامجها وإطاراتها في أفق مؤتمرها 11 المقرر لنهاية هذه السنة، و ذلك من أجل إعادة النظر في خياراتها وتموقعها بما يتناسب مع الرسائل التي عبر عنها الشارع التونسي وتتطلبها التطورات في البلاد.


اجتماع مجلس شورى النهضة انسحبت منه الكثير من القيادات التي استنكرت رفض الغنوشي لدعوتها بضرورة حلّ المكتب التنفيذي، وكان  القيادي بحركة النهضة والمُكلّف بادارة الأزمة السياسية من قبل المكتب التنفيذي للحزب الاسلاميّ، محمد القوماني، قد صرّح أنّ بعض القيادات بالنهضة اقترحوا حلّ المكتب التنفيذي وتعويضه بخلية الأزمة وحين تمّ رفض المقترح بعد التصويت قرروا الانسحاب من المجلس مؤكّدا أنّ مسألة تنحي راشد الغنوشي من رئاسة حركة لم تطرح خلال اجتماع مجلس شورى الحركة. في حين أنّ حركة النهضة أعلنت في بيان لها بتاريخ 12 أوت الجاري أنّ راشد الغنوشي قرر القيام بتغييرات على الهياكل القيادية وتغيّير بعض الأسماء كما شدد على التزامه باحترام النظام الأساسي للحزب الذي حدد الرئاسة بدورتين، وعدم الترشح لرئاسة الحزب في المؤتمر القادم.


احتدّ النقاش بين قيادات النهضة يوم الإثنين 23 أوت الجاري، وقدّم ثلث أعضاء المكتب التنفيذي استقالتهم من المكتب بعد أن رفض الغنوشي حلّ المكتب. ولكن وفي بلاغ مفاجئ لقيادات الحركة، أعلنت النهضة أنّ رئيس الحركة  راشد الغنوشي قرر إعفاء كل أعضاء المكتب التنفيذي وإعادة تشكيله بما يستجيب لمقتضيات المرحلة وليحقق النجاعة المطلوبة. كما قرّر الغنوشي مواصلة تكليف لجنة إدارة الأزمة السياسية برئاسة محمد القوماني للمساهمة في إخراج البلاد من الوضع الاستثنائي الذي تعيشه.

هذا التصرّف الأُحادي من قبل راشد الغنوشي ومن يُقدّس له أثار غضب واستنكار كلّ القيادات التي نادت منذ 25 جويلية بحلّ المكتب التنفيذي. القيادي بالحركة عبد اللطيف المكي حمّل المسؤولية لكلّ ما آلت له النهضة إلى الغنوشي وأكّد أنّ أعضاء المكتب التنفيذي لحركة النهضة طالبوا منذ 25 جويلية الفارط بتغيّير المكتب وتغيّير قيادات أخرى في حين كان رئيس الحركة راشد الغنوشي رافض لذلك. وأكّد المكّي أنّ حركة النهضة تعيش منذ 2013، أزمة تتمثّل في انفراد رئيس الحركة الغنوشي بُمجمل القرارات والتوجّهات، وصرّح قائلا    ''رئيس الحركة هو المسؤول الأوّل على ما وصلت إليه حركة النهضة''. ودعا المكي إلى ضرورة الإسراع في إجراء مؤتمر النهضة 11 وصرّح قائلا 

''''يجب التعجيل في إجراء المؤتمر، حركة النهضة الآن جديرة بقيادة جديدة من طراز  جديد وهي حركة حُبلى بالقيادات الشبابية والنسائية وبالطاقات الإيجابية وبأصحاب الخبرة السياسية، حركة النهضة تمرّ بمرحلة انتقال  تعقّدت بمثل هذه الأحداث السياسية الكبرى بالبلاد وستعرف الطريق لتبقى في خدمة البلاد''. 

من جهته، أكّد القيادي بحركة النهضة عماد الحمامي أنّ رئيس الحركة راشد الغنوشي هو المسؤول عن كلّ المشاكل التي تتخبّط فيها النهضة وحتى البلاد مشدّدا على ضرورة الإسراع بإجراء مؤتمر النهضة لإزاحة الغنوشي. 

 

دفعت حركة النهضة منذ 25 جويلية الفارط، وإلى حدود اليوم، ثمن أنانيتِها في التفرّد بالحُكم وانهار منزلها الداخلي وثبُت للعلن أن رئيس الحركة راشد الغنوشي هو المُتحكّم الأوّل والأخير في الحركة وهو المسؤول على ما آلت له الحركة من انقسامات واستقالات وانشقاقات وخاصّة من كره الشعب لهذه الحركة التي تسبّبت بدرجة أولى في تأزم تونس على امتداد عشرية كاملة. 

يسرى رياحي

 

 

 

تعليقك

(x) المدخلات المطلوبة

شروط الإستعمال

Les commentaires sont envoyés par les lecteurs de Business News et ne reflètent pas l'opinion de la rédaction. La publication des commentaires se fait 7j/7 entre 8h et 22h. Les commentaires postés après 22h sont publiés le lendemain.

Aucun commentaire jugé contraire aux lois tunisiennes ou contraire aux règles de modération de Business News ne sera publié.

Business News se réserve le droit de retirer tout commentaire après publication, sans aviser le rédacteur dudit commentaire

Commentaires

Commenter