استقالة سماح مفتاح وآخر التطوّرات في المُفاوضات من أجل حقوق الصحفيين
أنهت الإعلامية سماح مفتاح مشوارها الحكومي بعد عمل دام ثلاثة أشهر في خطّة مكلفة بالإعلام والإتصال برئاسة الحكومة في القصبة، لا أحد يعلم كيف تمّ وقع الإختيار عليها لتشغل تلك الخطّة ولا أحد يعلم الكواليس التي دفعت بها لتقديم استقالتها منذ ثلاثة أيام ولكن ما نعلمه مؤكّدا هو طريقة أدائها الإتّصالي خاصّة طريقة تعاملها مع زملائها الصحفيّين.
منذ توليها خطّة مستشارة لرئيس الحكومة مكلفة بالإعلام والاتصال وقفت سماح مفتاح في صفّ رئيس الحكومة هشام المشيشي حين قام بسحب مشروع القانون الأساسي المتعلق بحرية الاتصال السمعي البصري من مجلس نواب الشعب يوم 19 أكتوبر الفارط وذلك قبل يوم من انعقاد الجلسة العامة المقررة للنظر في المبادرة التشريعية الخاصة بتنقيح المرسوم عدد 116 لسنة 2011 والتي تقدّم بها ائتلاف الكرامة.
سماح مفتاح اعتبرت أنّ سحب المشروع في محلّه لأنّه يستحق المراجعة ذلك أنّ النسخة التي هو عليها مخالفة للدستور، وكان هذا الموقف قد جعل منها تصطف إلى جانب الطرف الحكومي وتُعادي بذلك أهل القطاع الذي تنتمي له. كما أنّ أخطائها في حقّ زملائها لم تقف عند ذلك الحدّ، سماح مفتاح ساهمت في تعليق المفاوضات بين الحكومة ونقابة الصحفيين التونسيين حين اشترطت عدم مشاركة وليد بورويس عن فرع كاكتوس برود في اللقاء المبرمج بين النقابة والوفد الحكومي في 28 من أكتوبر الفارط مشيرة أنّ الأسباب تعود إلى نشر بورويس تدوينات على حسابه بالفيسبوك تسيء لرئيس الحكومة هشام المشيشي. علاوة على علاقتها بزملائها الصحفيين، لم تقم سماح مفتاح بدورها كمستشارة إعلامية لرئيس الحكومة كما يجب وذلك بان بالواضح لدى العموم في النقطة الإعلامية التي قام بها المشيشي بتاريخ 3 أكتوبر الفارط حول الإجراءات المتعلقة بفيروس كورونا وتعمّد قراءة القرارات بطريقة باهتة وسريعة وجافة وأخفى صفته كرئيس حكومة من واجبه تقريب الحقيقة للشعب وطمأنتهم مهما كانت شدّة الأزمة.
واليوم تُعلن سماح مفتاح عن استقالتها دون ذكرها للأسباب التي دفعتها لهذا القرار في حين أنّها كانت تبدو سعيدة ومرتاحة في خطّتها الإتصالية وكانت قد أعلنت أنّها تفكّر في جعل القصبة منصة إعلامية تبثّ من خلالها أجوبة هشام المشيشي على مشاكل وشكاوى الشعب التي تتقبلها هي بدورها وتقوم بإيصالها له، انتهت تجربتها المتواضعة في خطة مستشارة إعلامية ولم يفُتها ذكر ما قدّمته لقطاع الإعلام من إنجازات وأهمّها أنّها أبرمت جلسة تفاوض لنقابة الصحفيين اليوم مع الطرف الحكومي للنظر في مطالب أهل القطاع.
ثلاثة أشهر مرّت على توليها خطّة المكلّفة بالإعلام والإتّصال، ولم تتمكّن سماح مفتاح من إقناع رئيس الحكومة هشام المشيشي بالإمتثال لقرار المحكمة الإدارية الصادر في 9 نوفمبر الفارط والذي يقضي بالنشر الإستعجالي للإتفاقية الإطارية المشتركة بالرائد الرسمي. هذه الإتفاقية التي تخصّ الصحفيّين ومُشغّليهم ولا تُلزم الحكومة في أيّ شيء سوى نشرها بالرائد الرسمي، رفض المشيشي نشرها ضاربا بقرار المحكمة عرض الحائط وتعمّد بذلك تجاهل السلطة الرابعة والدّوس على حقوق الصحفيين في تنظيم قطاعهم الذي يُعاني العديد من الهانات على كلّ المستويات.
لم ترضخ نقابة الصحفيين لهذا الإستهزاء والتجاهل من قبل المشيشي لحقّ الصحفي وقرّرت الدخول في سلسلة تحرّكات احتجاجية انطلقت بارتداء كافة الصحفيّين وأهل القطاع للشارة الحمراء بمراكز عملهم لمدّة ثلاثة أيام بداية من يوم الإثنين الفارط 23 نوفمبر، ثمّ خاض الصحفيين تحرّك احتجاجي ''يوم غضب'' بتاريخ يوم الخميس 26 نوفمبر أمام قصر الحكومة بالقصبة دفاعا عن حقوقهم وتعبيرا منهم عن غضبهم من تجاهل الحكومة لحقوقهم المشروعة وعلى مرمى حجر من رئاسة الحكومة أين كان متواجدا هشام المشيشي كان الصحفيون يتعرضون لكلّ أنواع الاعتداءات بسبب احتجاجهم السلمي حيث قامت قوات الأمن أمام رئاسة الحكومة بتعنيف الصحفيين ودفعهم وهو ما خلّف العديد من الأضرار المادية والجسدية في صفوف الصحفيين. على الرّغم من تلك الإعتداءات، تمكّن الصحفيون من إنجاح إضرابهم ويوم غضبهم وتمّ التنظيم للدخول في الإضراب العام في قطاع الصحافة والإعلام يوم 10 ديسمبر الجاري تزامنا مع يوم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
العديد من المنظمات والجمعيات والهيئات الوطنية عبّرت عن مساندتها المُطلقة لتحرّكات الصحفيين من أجل نيل حقوقهم المشروعة، في حين أنّ اتحاد الشغل لم يُبدي أيّ موقف وتوجّه إصبع الإتّهام إلى الأمين العام للمنظمة الشغيلة نورالدين الطبوبي بأنّه هو من يقف وراء تعطيل نشر الإتفاقية المشتركة بالرائد الرسمي. ووفقا لرئيس منتدى تونس للصحافة والنفاذ إلى المعلومات منير السويسي فإنّ الطبوبي كان قد وجّه رسالة لرئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد بعد إمضاء اتفاقية الصحفيين أفاد فيها أنّ الإتحاد فوجئ بوصفه المنظمة النقابية الأكثر تمثيلا للعمال بالفكر والساعد لمختلف القطاعات في تونس، بإمضاء الحكومة على اتفاقية مشتركة مع النقابة الوطنية للصحفيين. وردا منه على اتهامه بعرقلة نشر الإتفاقية، أكد نور الدين الطبوبي في تصريح لإذاعة موزاييك اف ام، على ضرورة العمل على تحسين الاتفاقية المشتركة للصحفيين ووضعها في إطارها القانوني نافيا الاتهامات التي وجهت للإتّحاد بعرقلة نشرالإتفاقية الإطارية للصحفيين ومؤكدا في نفس السياق على موافقة الحكومة على هذه الاتفاقية.
أنهت سماح مفتاح خطّتها برئاسة الحكومة وادّعت أنّها وجدت حلا بين الحكومة ونقابة الصحفيين للتفاوض على مطالب السلطة الرابعة، في حين أنّ اللقاء كان شكليا اليوم والذي ستليه العديد من اللّقاءات الأخرى ولم توجّه الحكومة مراسلة رسمية لنقابة الصحفيين كما ادّعت سماح مفتاح ذلك.
لن تتخلى نقابة الصحفيين التونسيّين عن حقوق الصحفيين وستسعى بكلّ الطرق إلى تحقيق كلّ المطالب وأوّلهم نشر الإتفاقية المشتركة بالرائد الرسمي وإن لم يتّعظ هشام المشيشي من يوم الغضب الذي نفّذه أحرار السلطة الرابعة الخميس الفارط، فإنّ يوم الإضراب الوطني سيكون مفصليا بشأن كلّ القضايا العالقة.
يسرى رياحي
تعليقك
Commentaires