كيف يتعامل التونسي مع قضايا الاعدام و المخدرات
بعد تدخل رئيس الجمهورية : تأجيل حكم الاعدام في حق التونسي فخري الاندلسي
قانون المخدرات في تونس : متى تعديل التجريم ؟
موجة الجرائم في تونس - الاعدام ليس الحلّ !
حكم الإعدام في تونس : الحاضر الغائب
اصبحت قضية التونسي فخري الاندلسي قضية رأي عام في تونس منذ صدور الحكم بالإعدام على الشاب التونسي الذي يقبع في السجون القطرية منذ جويلية 2017 بتهمة الإرهاب، و ساهم الضغط الإعلامي و السياسي و تدخل رئيس الجمهورية بصفة مباشرة في تأجيل حكم الإعدام الى شهر ماي المقبل.
و أعلنت رئاسة الجمهورية في بلاغ لها يوم امس الأربعاء 24 فيفري 2021 عن استجابة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لدعوة رئيس الجمهورية قيس سعيد بعدم تنفيذ حكم الإعدام على المواطن التونسي فخري الأندلسي، وتأجيله الى يوم 1 ماي 2021 على أن يتم النظر في الأثناء في عقوبة بديلة وفق ما جاء في بلاغ لرئاسة الجمهوري.
و تم اتهام فخري الاندلسي بالإرهاب و اغتيال جندي قطري من أصول صومالية رفقة مجموعة من الأشخاص من بينهم تونسي اخر حكم عليه ب25 سنة سجنا قبل ان يتم الاستئناف ليحكم بالسجن لمدة خمسة سنوات، و اختلفت التصريحات في خصوص القضية بين من يؤكد اعتراف الاندلسي بانتسابه للتنظيم الارهابي داعش و اقترافه للجريمة، و بين من أشار الى وجود تلاعب و غموض في القضية و اتهام التونسي فخري الاندلسي ظلما.
و حظيت القضية باهتمام التونسيين الذين ابدوا تضامنا مع المتهم و عارض بعضهم حكم الإعدام في قطر الا ان موقف عينة من التونسيين اظهر نوعا من انفصام في الشخصية او بما يعرف بالسكيزوفرينيا التونسية، فقد تبدوا معارضة بعض التونسيين لحكم الاعدام معارضة مطلقة الا انها في حقيقة الامر ليست سوى معارضة نسبية أي انها معارضة لتنفيذ حكم الإعدام في قطر مع الموافقة على تنفيذه في تونس، أيضا تضامن بعض التونسيين مع المتهم في بادئ الامر كسجين تونسي في قطر لكن بعد صدور المعطيات حول القضية و تأكيد البعض مسألة اعترافه و انتسابه لتنظيم إرهابي تحول التضامن الى ادانة و الى المطالبة بتنفيذ حكم الإعدام في حقه، أي انه بالنسبة لفئة من التونسيين لا يوجد رفض قاطع لحكم الإعدام انما موقف نسبي يتعلق ببعض القضايا دون غيرها.
في نفس الوقت تتمسك عائلة المتهم ببراءته و يتمسك المتهم بتصريحاته النافية للاتهامات التي وجهت له الامر الذي أكده يوم امس الأربعاء 24 فيفري خلال مداخلته في إذاعة جوهرة اف ام و التي على اثرها تم تنظيم وقفة احتجاجية امام مقر سفارة قطر بتونس للمطالبة بإطلاق سراحه، رافعين شعارات "لا للظلم لا للإعدام".
كذلك اعادت قضية فخري الاندلسي قضية قانون المخدرات الى سطح النقاشات و الحوارات، و ندد البعض في هذا السياق بتدخل رئيس الجمهورية في قضية اعدام الشاب التونسي المتهم بالإرهاب في الوقت الذي يقبع فيه مجموعة من الشبان في السجون التونسية و بأحكام سجنية قاسية من اجل " سيجارة زطلة " و عادت الأصوات المنادية بتعديل هذا القانون عدد 52 الذي لا يزال ساري المفعول و الذي وصفته منظمات المجتمع المدني و المنظمات الدولية "بالقمعي و الظالم " و هو أيضا ما ذهب اليه رئيس الحكومة هشام المشيشي و مجموعة من النواب الذي قدموا مبادرات تشريعية لتعديله، لكن في الاثناء يتساءل التونسيون عن سبب صمت رئيس الجمهورية امام الاحكام القاسية في حق الشباب التونسي بسبب هذا القانون.
و الجدير بالذكر في هذا السياق ان رئيس الجمهورية قيس سعيد لم يبدي معارضة لحكم الإعدام في السابق، فبعد قضية اغتيال الشابة رحمة لحمر يوم 25 سبتمبر 2020 ، قال رئيس الجمهورية ان "مرتكبي مثل هذه الجرائم الشنيعة لن يتمتعوا مستقبلا بالسراح الشرطي ولا بالتقليص من العقوبة المحكوم بها عليه ويجب أن يكون العفو لمن يستحقه" و صرح خلال اجتماع مجلس الامن يوم 28 سبتمبر 2020 ان :" النص القانوني واضح بهذا الخصوص فمن قتل نفسا بغير حق جزاؤه الإعدام، خاصة بالنسبة إلى من يكررون ارتكابهم لمثل هذه الجرائم".
و موقف رئيس الجمهورية في خصوص حكم الإعدام يتعارض ليس فقط مع المواثيق الدولية انما مع الدستور أيضا و هو اعلى قانون في الدولة حيث ينص الدستور التونسي في فصله 22 على ان :" الحق في الحياة مقدس، لا يجوز المساس به إلا في حالات قصوى يضبطها القانون ".
و لا يختلف موقف رئيس الجمهورية عن موقف بعض التونسيين المتمسكين بتنفيذ عقوبة الإعدام في الوقت الذي تجاهد منظمات المجتمع المدني من اجل الغاء العقوبة على غرار الائتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الإعدام و الذي لطالما اكد على لسان رئيسه شكري لطيف ان الإعدام ليس الحل و ليس عقابا ردعيا وهو ما تأكده الأرقام و ارتفاع منسوب الجرائم في الدول التي لا تزال الى اليوم تنفذ عقوبة الإعدام.
عموما و بغض النظر عن الموقف من قضية التونسي المحكوم بالإعدام في القطر او بالموقف من قانون المخدرات، تظهر هذه القضايا تذبذبا في مواقف التونسيين و تظهر أيضا تباينا في الآراء وهو امر عادي الا انه المشكل في تونس ان هذه القضايا لم تطرح بصفة رسمية و مرتبة و بقيت نقاشات في صفحات التواصل الاجتماعي تنشأ مع كل قضية جديدة لتفتح الباب امام نقاشات معدومة لم تبنى على حجج و لا على دراسات ميدانية، بل على أفكار و رواسب راسخة في الاذهان، و لعل هذا التذبذب يكشف أيضا خوف التونسيين من بعض الظواهر الاجتماعية و التي يفضل اعدامها و سجنها بدل معالجتها و فهمها.
رباب علوي
تعليقك
Commentaires