هيت لكم جزاء انضباطكم.. وإن خرج أحدكم عن الصفّ أُفرِد إفراد البعير، وظلّ مثل السائبة تطلب العفو ولا من شفيع.. أنتم اليوم تحصدون ثمار سياستكم ورؤية أولياء أمركم.. فالمجادل منك مذموم مدحور والمستنكر مقصيّ.. ولا قول سوى قول مريدكم.. .
أفكار - نائلة السليني
في هذا السياق أتساءل: هل نحن في حاجة حقّا إلى مؤسسات الزكاة ؟.
في الحقيقة ولا أنكر أنّ ما قدّمت من تعليل لا يتجاوز ما احتمى به الإخوان بتونس في رفضهم لمبدإ مساواة المرأة بالرجل .
غير أنّ الملاحظ لا يملك وهو في آخر الشوط الأوّل أن يعبّر عن جملة من التخوّفات وهي هواجس فرضها واقعنا وتجربتنا مع حكم إخواني دام تسع سنوات: .
فهل أقول لهؤلاء : سئمنا منكم؟ إنّكم لتعلمون ذلك عين اليقين.. وهل أقول لهم: افرنقعوا عنّا ؟ ولن تفعلوا.. لأنّكم أوقدتم نارا وجعلتم وقودها تونس.. .
فهل تحرّرَ مَنْ وَضَع مشروع القانون المتعلّق بتنقيح مجلّة الأحوال الشخصية من المرجعية الفقهية القائمة على العرف؟.
لسائل أن يسأل وهل اختلف شيء عن 2014؟ بالطبع لا، نفس الوجوه، ونفس الخطاب، ونفس النرجسية والشراسة والعنف.. .
لكن ماذا حدث هذه السنة؟ صمت الجميع.. بما فيهم المرأة.. فهل هو مواصلة في الحداد على الباجي؟ وأستبعد ذلك.. هل كانت تلك الشعلة المتوهّجة نارا كاذبة وسرعان ما انطفأ لهيبها؟؟ كلاّ وألف كلاّ.. .
أرأيتم كيف هي لعبة وإن رآها غيري ماكرة وتعبيرا عن حنكة سياسية فإنّي أعتقد أنها على درجة من الغباء السياسي .
أتحدّث اليوم عن واحد من آلاف المترشّحين لتذوّق قطرة من السلطة،، اخترت هذا الواحد لأنّه نجح في أن يشدّ إليه الناس بخروجه المكوكي إلى مكتب التسجيل بتونس 1 .. وإن قلت نجح فليس معناه أنّه وفّق في موكبه المشهديّ، وإنّما لأنّه دفع الكثيرين وأنا منهم إلى التعليق والسؤال:.
تحوّل جوهريّ نرقبه هذه الأيام في تنظيم الإخوان.. وهو في اعتقادنا يضرب أهمّ مبدإ عليه تقوم العلاقة بين المرشد والقاعدة، وبين القيادات سواء في مجلس الشورى أو غيرهم من سكان المعبد. هذا المبدأ تلخّصه عبارة "السمع والطاعة " وتعدّ شرطا لازما لبقاء الفرد المخونج. ورد في نصّ البيعة " أعاهد الله العظيم على التمسك بأحكام الإسلام والجهاد في سبيله والقيام بشروط عضوية جماعة الإخوان المسلمين وواجباتها ، والسمع والطاعة لقيادتها في المنشط والمكره في غير معصية ما استطعت إلى ذلك سبيلا وأبايع على ذلك والله على ما أقول وكيل."فأهمّ مبدإ يقوم عليه الانتماء الإخواني هو الطاعة والالتزام.. ولذلك تجد عبارة " أنا ملتزم" بمثابة المفتاح السحري الذي يفتح في وجه قائله جميع الأبواب الإخوانية الموصدة ..
نيران تنبعث من لسانه وشرار يطير من لسانه.
مرّ حديث الغنوشي في " حنّبعل" قناة "الأسرة"، مرور الكرام.. وجانبت سهام الغنوشي آذان الناس.. والسبب بسيط: لأنّ الجميع منشغل بتدافع آخر ، وبهمٍّ آخر ومشاكل حارقة أخرى...
عشنا أمس يوما أسود.. يوما توقّفت فيه العقول عن التفكير.. وجمد فيه البصر.. أحداث تتوالى اللاحق منها ينسيك سابقه .. حتى عقارب الساعة اضطرب توازنها.. ومارت الأرض تحت أقدامنا فأصابنا دوران شبيه بالغثيان.. خلنا للحظة أنّنا نعيش علامات الساعة الأخيرة، فاضطربنا وارتبكنا ولم ندر أيّ نهج نسلك أو مقرّ نستكين إليه.. .
كلمة أقولها مختصرة: أتحدّى هذه الأحزاب أن ترفع حاجبها بحضور المُلّة، فليس بالغريب أو المستبعد أن يكون قد أعدّ لكلّ حزب منها ملفّا خاصّا يكفل له بأن يقول لها: كوني فتكون.. أو انقرضي فتنقرض.. .
هو سحر السلطة وسحر الحكم.. سحر القيادة وكيف تكون مسالما بيد من حديد.. كيف تقود الناس وعلى شفتك ابتسامة تخفي سكّينا حادّا تضرب به كلّ من أراد أن يرى فيك عيبا.. هو سحر عبارة فتحت أمام هذا الكبير طريقا توصله مباشرة إلى حكام أوربا وأمريكا من غير تأشيرة.. هو سحر من جلس على عنقك وكمد نفس الحريّة فيك ليخطب بين الناس أنّه : الرحيم، الملك، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، المتكبر، القهار، القابض، الباسط، الرافع، المعزّ، المذلّ، السميع، البصير، الحكم، العدل، الخبير، الحليم، العظيم، الغفور، الشكور، الكبير، الجليل، الجميل، الكريم، الرقيب، المجيب، الواسع، الحليم، الودود، المجيد، الحق، الوكيل، القوي.... .
" كانَ القَلَمَّس الكِناني من نَسَأةِ الشُّهور على مَعَدٍّ، كان يَقِف في الجاهِلِيَّة عندَ جَمْرَةِ العَقَبَةِ فيقول: اللهم إنّي ناسِئُ الشُّهور وواضِعُها مَواضِعُها ولا أُعابُ ولا أُحابُ، اللهم إنّي قد أحْلَلْتُ أحَدَ الصَّفَرَيْن وحَرَّمْتُ صَفَراً المُؤخَّرَ، وكذلك في الرَّجَبَيْن؛ يعني رَجَباً وشَعْبان، ثُمَّ يقول: انفِروا على اسمِ الله ". .
سكوت مريب والله.. ويبقى السائل والقارئ والسامع في دهشة الانتظار.. انتظار محاولة في الجواب، فإذا بك أمام " جلمود صخر حطّه السيل من عل" .